العداء العراقي لدول الخليج العربي ومستقبل القمة العربية
داود البصري
السياسة الكويتية 15-ربيع الآخر-1432هـ / 20-مارس-2011م
التداعيات الأمنية والإستراتيجية الخطيرة التي أسفرت عنها الأزمة في البحرين تتمثل في ذيولها الخطيرة, وانكشاف المواقف المنافقة لبعض الأطراف والارتباطات الجينية بين النظام الإيراني ووكلائه وعملائه وحلفائه في المنطقة من الذين حولتهم ظروف التحالفات والملفات الدولية المتناقضة إلى حكام وقادة إقليميين باتوا يؤدون أدوارهم المرسومة منذ زمن طويل في إسناد ودعم مخططات النظام الإيراني الذي يتميز بخاصية مهمة تفتقدها الأطراف العربية في إدارة الصراع الإقليمي وهو التخطيط المسبق, ومعرفة الهدف والسير نحوه بثبات وصبر وتخطيط لا يعرف الكلل والملل ولا يقيم وزنا للإحباط, ففي أوائل الألفية الثالثة وبعد أكثر من عقدين من العمل السياسي والاستخباري والإعلامي المباشر حصد النظام الإيراني نتائج سياساته السابقة وتمكن من إحداث خرق ستراتيجي خطير تمثل في إيصال القيادات والزعامات السياسية والطائفية العراقية التي نمت وشبت وترعرعت تحت رايته وشعاراته وأهدافه ثم جاءت ظروف المتغيرات لتدفع بتلك الجماعات والأحزاب والتنظيمات في ظل حالة الفوضى والفراغ السياسي لتحتل وتحت حراب الاحتلال الأميركي المعلن والإيراني المستتر مواقعها السلطوية والميدانية بعد أن هيمنت على مقدرات وملفات الدولة العراقية المتهاوية في لجة الفوضى واستطاعت إدارة الصراع من خلال ترتيب الشكل الجديد والهلامي للدولة العراقية, وهو شكل هش وبائس يعتمد على تقاسم السلطة بشكل عصابي وبناء الدولة بشكل طائفي وهمجي متخلف ووفق روح عشائرية مختلفة وبآليات ووسائل متقدمة ظاهريا ولكنها في قمة التخلف واقعيا مما عزز في النهاية من تقدم أهل المشروع الإيراني السري في العراق وتحكم أحزاب "الدعوة" و"المجلس الأعلى" و"التيار الصدري" وغيرها من الجماعات الطائفية في مفاصل الدولة العراقية بات يمثل قمة النجاح للمشروع السري الإيراني في ظل أسلوب الهيمنة الدائمة على السلطة الذي استعمله رئيس حزب الدعوة ورئيس الوزراء نوري المالكي الذي أعلنها صراحة وبفلتة لسان نادرة أفلتت من رقابة "التقية" التي يتبعها حينما قال بأنه "لن ينطيها"!
أي يعطيها, وهو يقصد السلطة وفعلا فقد تمكن من القفز المناور والخبيث على التقدم الانتخابي لقائمة العراقية وإبعاد إياد علاوي عن الوزارة الأولى في مهزلة خداع ليس لها مثيل , ثم أتبع ذلك بعد اندلاع الأزمة في البحرين عن تبنى واضح للموقف الرسمي الإيراني وعن إظهار موقف عدائي متشنج من دول الجوار الخليجي وخصوصا المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين بعد أن رفع الطائفيون من عقيرتهم واصطفوا جنبا واحدا مع أهل المشروع الإيراني في البحرين, والرافضين لأي حوار, والمسيرين بالكامل من قبل مكتب الخامنئي والمدعومين إعلاميا من اللوبيات والواجهات الإيرانية في المنطقة كقنوات العالم والمنار والقنوات العراقية الطائفية وكذلك من بعض أهل الأحزاب والتجمعات الدينية والطائفية وهو تطور خطير سيترك انعكاساته على مجمل العلاقات العربية المتدهورة أصلا في ظل إعادة رسم المشهد السياسي والتنظيمي والإستراتيجي في الشرق الأوسط , وقد أدت السياسة الطائفية المتطرفة لأهل الحكم العراقي الفاشل إلى انتكاسة دبلوماسية حقيقية للدبلوماسية العراقية التائهة أصلا في حقول الألغام وفي حقول الفساد الداخلي الكبيرة , فالقمة العربية التي كان مقررا عقدها في أواخر شهر مارس الجاري تم تأجيلها بسبب الأوضاع العربية العامة إلى 21 مايو المقبل لا يبدو أنها ستعقد أصلا بل ستلغى من الأساس لأسباب عديدة وأهمها في تقديري الموقف العدائي العراقي من الأحداث في البحرين والوقوف العلني والصريح لأعلى قيادات دولة الفشل العراقية الى جانب المواقف الرسمية الإيرانية, وهو ما يعني في المحصلة خروجا عن الموقف القومي واختراقا فجا لصيغة ألأمن القومي, ودعما غير مقبول للمخطط التخريبي الإيراني والذي للأحزاب الطائفية العراقية دور تسويقي مهم في تسويقه وتسهيل أموره , والوقوف أو العداء العراقي ضد ملف "درع الجزيرة" يعني وجود هوة أمنية سحيقة بين الطرفين العراقي الرسمي والخليجي, وبما يؤكد أن انهيار نظام صدام حسين لم يكن يعني انهيارًا للمخاطر الأمنية بل أن كل ما تغير هو الوجوه والابتسامات فقط ! أما المضامين العدائية والمتشنجة فهي واحدة لا تغيرها المساحيق التجميلية أبدا.
خلايا النظام السري التخريبي الإيراني قد باشرت عملها في المنطقة متخذة من العراق الطائفي الراهن قاعدة متقدمة لنشاطها وعملها , ومناصبة دول الخليج العربي العداء والتهديد هو أحد وجوه وأشكال المرحلة المقبلة لإدارة الصراع , وبغداد تحت حكم وسلطة حزب الدعوة وشركاه ونوري المالكي وأصنافه ليست هي المكان المناسب لعقد القمة العربية أبدا, فأهل وأحزاب الشقاق والنفاق لا يصلحون أبدا لقيادة وتصدر العالم العربي الجديد , بغداد الحقيقية الحرة ليست هي الخاضعة ابدا لنفوذ النظام الإيراني وعملائه ورجاله, وسيصاب الأمن القومي العربي في مقتل إن تصدر الطائفيون الفاشلون إدارة ملفاته التي سنجد نسخا منها في طهران. تلك هي الحقيقة للأسف.
• كاتب عراقي
dawoodalbasri@hotmail.com
داود البصري
السياسة الكويتية 15-ربيع الآخر-1432هـ / 20-مارس-2011م
التداعيات الأمنية والإستراتيجية الخطيرة التي أسفرت عنها الأزمة في البحرين تتمثل في ذيولها الخطيرة, وانكشاف المواقف المنافقة لبعض الأطراف والارتباطات الجينية بين النظام الإيراني ووكلائه وعملائه وحلفائه في المنطقة من الذين حولتهم ظروف التحالفات والملفات الدولية المتناقضة إلى حكام وقادة إقليميين باتوا يؤدون أدوارهم المرسومة منذ زمن طويل في إسناد ودعم مخططات النظام الإيراني الذي يتميز بخاصية مهمة تفتقدها الأطراف العربية في إدارة الصراع الإقليمي وهو التخطيط المسبق, ومعرفة الهدف والسير نحوه بثبات وصبر وتخطيط لا يعرف الكلل والملل ولا يقيم وزنا للإحباط, ففي أوائل الألفية الثالثة وبعد أكثر من عقدين من العمل السياسي والاستخباري والإعلامي المباشر حصد النظام الإيراني نتائج سياساته السابقة وتمكن من إحداث خرق ستراتيجي خطير تمثل في إيصال القيادات والزعامات السياسية والطائفية العراقية التي نمت وشبت وترعرعت تحت رايته وشعاراته وأهدافه ثم جاءت ظروف المتغيرات لتدفع بتلك الجماعات والأحزاب والتنظيمات في ظل حالة الفوضى والفراغ السياسي لتحتل وتحت حراب الاحتلال الأميركي المعلن والإيراني المستتر مواقعها السلطوية والميدانية بعد أن هيمنت على مقدرات وملفات الدولة العراقية المتهاوية في لجة الفوضى واستطاعت إدارة الصراع من خلال ترتيب الشكل الجديد والهلامي للدولة العراقية, وهو شكل هش وبائس يعتمد على تقاسم السلطة بشكل عصابي وبناء الدولة بشكل طائفي وهمجي متخلف ووفق روح عشائرية مختلفة وبآليات ووسائل متقدمة ظاهريا ولكنها في قمة التخلف واقعيا مما عزز في النهاية من تقدم أهل المشروع الإيراني السري في العراق وتحكم أحزاب "الدعوة" و"المجلس الأعلى" و"التيار الصدري" وغيرها من الجماعات الطائفية في مفاصل الدولة العراقية بات يمثل قمة النجاح للمشروع السري الإيراني في ظل أسلوب الهيمنة الدائمة على السلطة الذي استعمله رئيس حزب الدعوة ورئيس الوزراء نوري المالكي الذي أعلنها صراحة وبفلتة لسان نادرة أفلتت من رقابة "التقية" التي يتبعها حينما قال بأنه "لن ينطيها"!
أي يعطيها, وهو يقصد السلطة وفعلا فقد تمكن من القفز المناور والخبيث على التقدم الانتخابي لقائمة العراقية وإبعاد إياد علاوي عن الوزارة الأولى في مهزلة خداع ليس لها مثيل , ثم أتبع ذلك بعد اندلاع الأزمة في البحرين عن تبنى واضح للموقف الرسمي الإيراني وعن إظهار موقف عدائي متشنج من دول الجوار الخليجي وخصوصا المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين بعد أن رفع الطائفيون من عقيرتهم واصطفوا جنبا واحدا مع أهل المشروع الإيراني في البحرين, والرافضين لأي حوار, والمسيرين بالكامل من قبل مكتب الخامنئي والمدعومين إعلاميا من اللوبيات والواجهات الإيرانية في المنطقة كقنوات العالم والمنار والقنوات العراقية الطائفية وكذلك من بعض أهل الأحزاب والتجمعات الدينية والطائفية وهو تطور خطير سيترك انعكاساته على مجمل العلاقات العربية المتدهورة أصلا في ظل إعادة رسم المشهد السياسي والتنظيمي والإستراتيجي في الشرق الأوسط , وقد أدت السياسة الطائفية المتطرفة لأهل الحكم العراقي الفاشل إلى انتكاسة دبلوماسية حقيقية للدبلوماسية العراقية التائهة أصلا في حقول الألغام وفي حقول الفساد الداخلي الكبيرة , فالقمة العربية التي كان مقررا عقدها في أواخر شهر مارس الجاري تم تأجيلها بسبب الأوضاع العربية العامة إلى 21 مايو المقبل لا يبدو أنها ستعقد أصلا بل ستلغى من الأساس لأسباب عديدة وأهمها في تقديري الموقف العدائي العراقي من الأحداث في البحرين والوقوف العلني والصريح لأعلى قيادات دولة الفشل العراقية الى جانب المواقف الرسمية الإيرانية, وهو ما يعني في المحصلة خروجا عن الموقف القومي واختراقا فجا لصيغة ألأمن القومي, ودعما غير مقبول للمخطط التخريبي الإيراني والذي للأحزاب الطائفية العراقية دور تسويقي مهم في تسويقه وتسهيل أموره , والوقوف أو العداء العراقي ضد ملف "درع الجزيرة" يعني وجود هوة أمنية سحيقة بين الطرفين العراقي الرسمي والخليجي, وبما يؤكد أن انهيار نظام صدام حسين لم يكن يعني انهيارًا للمخاطر الأمنية بل أن كل ما تغير هو الوجوه والابتسامات فقط ! أما المضامين العدائية والمتشنجة فهي واحدة لا تغيرها المساحيق التجميلية أبدا.
خلايا النظام السري التخريبي الإيراني قد باشرت عملها في المنطقة متخذة من العراق الطائفي الراهن قاعدة متقدمة لنشاطها وعملها , ومناصبة دول الخليج العربي العداء والتهديد هو أحد وجوه وأشكال المرحلة المقبلة لإدارة الصراع , وبغداد تحت حكم وسلطة حزب الدعوة وشركاه ونوري المالكي وأصنافه ليست هي المكان المناسب لعقد القمة العربية أبدا, فأهل وأحزاب الشقاق والنفاق لا يصلحون أبدا لقيادة وتصدر العالم العربي الجديد , بغداد الحقيقية الحرة ليست هي الخاضعة ابدا لنفوذ النظام الإيراني وعملائه ورجاله, وسيصاب الأمن القومي العربي في مقتل إن تصدر الطائفيون الفاشلون إدارة ملفاته التي سنجد نسخا منها في طهران. تلك هي الحقيقة للأسف.
• كاتب عراقي
dawoodalbasri@hotmail.com
الإثنين أغسطس 15, 2011 4:07 pm من طرف Gulf Knight
» الوصول إلى أي مكان في العالم خلال أقل من ساعة هدف أميركي قد يتحقق اليوم
الإثنين أغسطس 15, 2011 4:02 pm من طرف Gulf Knight
» إسرائيل تبحث شراء وسائل قتالية أميركية مستعملة فى العراق
الإثنين أغسطس 15, 2011 4:00 pm من طرف Gulf Knight
» كتيبة بنيامين تجدد التأكيد على جهوزية الجيش الإسرائيلي لمواجهات سبتمبر
الإثنين أغسطس 15, 2011 3:59 pm من طرف Gulf Knight
» قبيل الانسحاب: العراق يتسلّم 22 مروحية مي-17 محدّثة من شركة ARINC الأميركية
الخميس أغسطس 11, 2011 6:30 pm من طرف Gulf Knight
» أفغانستان تتسلم 9 مروحيات "مي-17" من روسيا بحلول نهاية العام
الخميس أغسطس 11, 2011 6:29 pm من طرف Gulf Knight
» مناورات جوية لقوات دول الاتحاد السوفياتي السابق لمكافحة الإرهاب
الخميس أغسطس 11, 2011 6:28 pm من طرف Gulf Knight
» روسيا تطوّر نظامي الدفاع الجوي الجديدين: مارفي و فيتياز
الخميس أغسطس 11, 2011 6:27 pm من طرف Gulf Knight
» إختفاء صواريخ مضادة للدروع من معسكر إسرائيلي في الجولان
الخميس أغسطس 11, 2011 6:26 pm من طرف Gulf Knight
» إسرائيل تطور طائرة جديدة دون طيار
الخميس أغسطس 11, 2011 6:25 pm من طرف Gulf Knight
» إسقاط مروحية تشينوك في أفغانستان يودي بحياة 31 جندياً أميركياً و7 جنود أفغان
الخميس أغسطس 11, 2011 6:23 pm من طرف Gulf Knight
» دبابات الجيش السوري تقتحم مدينتي سراقب وقصير
الخميس أغسطس 11, 2011 6:22 pm من طرف Gulf Knight
» أحزاب الشيطان من طهران إلى العراق ولبنان
الخميس أغسطس 11, 2011 6:20 pm من طرف Gulf Knight
» سوريا وتركيا.. لقاء الوداع؟
الخميس أغسطس 11, 2011 6:19 pm من طرف Gulf Knight
» سوريا: تصورات نهاية النظام
الخميس أغسطس 11, 2011 6:19 pm من طرف Gulf Knight