الجواسيس وراء القضبان.. والعملاء فوق المنابر!
أحمد الجار الله
السياسة الكويتية 27-شعبان-1431هـ / 8-أغسطس-2010م
لماذا كثرة الجواسيس هذه في لبنان? سؤال يحضر في ذهن أي مراقب كلما طالعتنا الأخبار عن شبكات التجسس التي يجري كشفها, واللافت أنها لا تقتصر على فئة أو طبقة ما, فبينهم المهندس وصاحب الرتبة العسكرية العالية ورئيس البلدية والمقاول والتاجر وغيرهم الكثير ممن ألقي القبض عليهم, ولم تكن الحاجة إلى المال وحدها السبب, ورغم ذلك احترف هؤلاء بيع المعلومات لعدو بلدهم واستباحوا الحرمات الوطنية التي لا يمكن التهاون حيالها في العقاب, فمن حق الحكومة اللبنانية أن تنزل أقسى العقوبة بهؤلاء, وخصوصا أن بعضهم كان السبب في موت الكثير من أبناء شعبه في السنوات الماضية.
أن تعلق المشانق للجواسيس ليس أمراً كافياً لمعالجة هذه الآفة التي تنخر في الجسد اللبناني, لأنها أعمق بكثير من مجرد جاسوس يبيع وطنه بحفنة من المال, إنها في الحقيقة مشكلة هتك أستار بعض اللبنانيين لأهم الحرمات الوطنية من خلال الارتباط بالخارج تحت شعارات عدة ليست سوى دخان للتعمية على الحقائق وتزييف الواقع كما يشتهي العملاء, فحين يرتبط تيار أو حزب لبناني بدولة ما يكون عميلاً لتلك الدولة, ويكون بطريقة غير مباشرة يبيح لغيره الارتباط بدولة أخرى, ونسأل هنا: هل فقط الذين يتجسسون لحساب الـ "موساد" الإسرائيلي هم وحدهم الجواسيس؟ ماذا عن الذين يرتبطون بدول أخرى, أليسوا هم أيضا عملاء? أليس مطالبا الأمين العام لـ "حزب الله" حسن نصرالله, الذي يطالب مراراً وتكراراً بإلقاء القبض على من أسماهم "كبار العملاء" أن يوضح موقعه في هذا الشأن, وفي أي خانة يصنف نفسه وحزبه في علاقته بإيران؟ أليس القانون اللبناني ككل قوانين الدنيا يحرم تجسس أي مواطن لبناني لمصلحة أي دولة اخرى, أم أن هذا القانون يفرق بين الدول؟
ثمة الكثير من الأسئلة التي تطرح في هذا السياق, وهي تنطلق من قراءة الحال الذي وصل إليه اللبناني من يأس جعله يلجأ إلى شتى الأساليب للخلاص والخروج من هيمنة بعض القوى على مقدراته ولقمة عيشه وتخوينه في حال رفض الأمر الواقع المفروض عليه. فهو حين يشاهد بعض السياسيين اللبنانيين يتعرون يومياً حتى من ورقة التوت, ويهرقون ماء وجههم طلباً لمكسب سياسي من هذه الدولة أو تلك, وتحركهم أدوات التحكم من بعيد باسم العروبة وفلسطين والإسلام والمسيحية والطائفة والمذهب, ولا يستحون مما يفعلون, فلن يكون أمام المواطن العادي إلا سلوك الطرق نفسها التي يسلكها من يفرضون أنفسهم زعماء على الشعب من دون إرادته.
لم يتوان الانتهازيون من السياسيين اللبنانيين طوال العقود الأربعة الماضية عن الزج ببلدهم في أبشع الحروب والأزمات خدمة لقوى إقليمية أو غير إقليمية, وكان لكل حفنة من هؤلاء ارتباطها وتمويلها وتسليحها من الخارج, وكل ذلك استخدم ضد الشعب اللبناني وسقط ضحيته 220 ألف قتيل وأكثر من 650 ألف جريح, ولا يزال نحو 17 ألفا مجهولي المصير جراء حروب الوكالة التي خاضها ويخوضها حتى اليوم لبنانيون يعملون لحساب الخارج ضد أبناء بلدهم وشركائهم في الوطن, بل إن بعضهم الآن يسن سكاكين الفتنة لتعمل في الرقاب اللبنانية من أجل مماحكة إيرانية أو غير إيرانية مع المجتمع الدولي لإسقاط عقوبات أو لرفعها عن قائمة الدول الراعية للإرهاب, أليس هؤلاء أيضا عملاء يجب محاكمتهم؟
صدق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين قال: "إذا لم تستح افعل ما شئت" فحسن نصرالله يتحدث عن البيئة الحاضنة للعملاء, ومن دون خجل يتبجح بعمالته لإيران, و هو بذلك يقر بواقع موجود ساهم ويساهم به هو قبل غيره, فالتبجح بالدعم الإيراني وولاء حزبه الكامل لإيران أحد أهم الأسباب التي تكون البيئة الحاضنة للعمالة والتجسس, لأنه يبيح لنفسه ما يحرمه على غيره في بلد لم يتعاف بعد من آثار الحرب الأهلية, ولا تزال فيه ارتباطات القوى بالخارج واضحة, ولا يزال أحد الاحزاب يستقوي بالخارج ويهيمن على الدولة كلها بقوة السلاح الذي تمده به إيران, وهو بالتالي يقول لغيره من اللبنانيين اذهبوا وتحالفوا مع الشيطان من أجل بعض القوة لإيجاد توازن ما في بلد يقوم على التوازنات الطائفية.
إن المواجهة الأخيرة بين الجيش اللبناني وجيش العدو الإسرائيلي أثبتت أن القوات المسلحة اللبنانية قادرة فعلا على حماية الوطن إذا امتلكت الأدوات والسلاح, وإذا كان حسن نصرالله فعلا يريد دولة قادرة وقوية فما عليه إلا أن يثبت وطنيته بتسليم سلاحه للجيش اللبناني ليكون فعلاً سياج الوطن الجامع لكل اللبنانيين, ويمارس هو وحزبه دوره السياسي في الرقابة على عمل السلطة السياسية من خلال مشاركته في البرلمان, وأن يجعل من محازبيه رديفاً شعبياً لهذا الجيش إذا دعته الدولة للمساعدة بالدفاع لكن تحت جناح الجيش وبإمرته, ولا يبقى قوة مأجورة للخارج, عندها فقط يضع "حزب الله" وغيره حداً لهذا السيل البشع من الجواسيس. فهل يتقي نصرالله الله الله بوطنه, ويذعن لصوت العقل والحكمة والمنطق الوطني السليم؟
أحمد الجار الله
السياسة الكويتية 27-شعبان-1431هـ / 8-أغسطس-2010م
لماذا كثرة الجواسيس هذه في لبنان? سؤال يحضر في ذهن أي مراقب كلما طالعتنا الأخبار عن شبكات التجسس التي يجري كشفها, واللافت أنها لا تقتصر على فئة أو طبقة ما, فبينهم المهندس وصاحب الرتبة العسكرية العالية ورئيس البلدية والمقاول والتاجر وغيرهم الكثير ممن ألقي القبض عليهم, ولم تكن الحاجة إلى المال وحدها السبب, ورغم ذلك احترف هؤلاء بيع المعلومات لعدو بلدهم واستباحوا الحرمات الوطنية التي لا يمكن التهاون حيالها في العقاب, فمن حق الحكومة اللبنانية أن تنزل أقسى العقوبة بهؤلاء, وخصوصا أن بعضهم كان السبب في موت الكثير من أبناء شعبه في السنوات الماضية.
أن تعلق المشانق للجواسيس ليس أمراً كافياً لمعالجة هذه الآفة التي تنخر في الجسد اللبناني, لأنها أعمق بكثير من مجرد جاسوس يبيع وطنه بحفنة من المال, إنها في الحقيقة مشكلة هتك أستار بعض اللبنانيين لأهم الحرمات الوطنية من خلال الارتباط بالخارج تحت شعارات عدة ليست سوى دخان للتعمية على الحقائق وتزييف الواقع كما يشتهي العملاء, فحين يرتبط تيار أو حزب لبناني بدولة ما يكون عميلاً لتلك الدولة, ويكون بطريقة غير مباشرة يبيح لغيره الارتباط بدولة أخرى, ونسأل هنا: هل فقط الذين يتجسسون لحساب الـ "موساد" الإسرائيلي هم وحدهم الجواسيس؟ ماذا عن الذين يرتبطون بدول أخرى, أليسوا هم أيضا عملاء? أليس مطالبا الأمين العام لـ "حزب الله" حسن نصرالله, الذي يطالب مراراً وتكراراً بإلقاء القبض على من أسماهم "كبار العملاء" أن يوضح موقعه في هذا الشأن, وفي أي خانة يصنف نفسه وحزبه في علاقته بإيران؟ أليس القانون اللبناني ككل قوانين الدنيا يحرم تجسس أي مواطن لبناني لمصلحة أي دولة اخرى, أم أن هذا القانون يفرق بين الدول؟
ثمة الكثير من الأسئلة التي تطرح في هذا السياق, وهي تنطلق من قراءة الحال الذي وصل إليه اللبناني من يأس جعله يلجأ إلى شتى الأساليب للخلاص والخروج من هيمنة بعض القوى على مقدراته ولقمة عيشه وتخوينه في حال رفض الأمر الواقع المفروض عليه. فهو حين يشاهد بعض السياسيين اللبنانيين يتعرون يومياً حتى من ورقة التوت, ويهرقون ماء وجههم طلباً لمكسب سياسي من هذه الدولة أو تلك, وتحركهم أدوات التحكم من بعيد باسم العروبة وفلسطين والإسلام والمسيحية والطائفة والمذهب, ولا يستحون مما يفعلون, فلن يكون أمام المواطن العادي إلا سلوك الطرق نفسها التي يسلكها من يفرضون أنفسهم زعماء على الشعب من دون إرادته.
لم يتوان الانتهازيون من السياسيين اللبنانيين طوال العقود الأربعة الماضية عن الزج ببلدهم في أبشع الحروب والأزمات خدمة لقوى إقليمية أو غير إقليمية, وكان لكل حفنة من هؤلاء ارتباطها وتمويلها وتسليحها من الخارج, وكل ذلك استخدم ضد الشعب اللبناني وسقط ضحيته 220 ألف قتيل وأكثر من 650 ألف جريح, ولا يزال نحو 17 ألفا مجهولي المصير جراء حروب الوكالة التي خاضها ويخوضها حتى اليوم لبنانيون يعملون لحساب الخارج ضد أبناء بلدهم وشركائهم في الوطن, بل إن بعضهم الآن يسن سكاكين الفتنة لتعمل في الرقاب اللبنانية من أجل مماحكة إيرانية أو غير إيرانية مع المجتمع الدولي لإسقاط عقوبات أو لرفعها عن قائمة الدول الراعية للإرهاب, أليس هؤلاء أيضا عملاء يجب محاكمتهم؟
صدق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين قال: "إذا لم تستح افعل ما شئت" فحسن نصرالله يتحدث عن البيئة الحاضنة للعملاء, ومن دون خجل يتبجح بعمالته لإيران, و هو بذلك يقر بواقع موجود ساهم ويساهم به هو قبل غيره, فالتبجح بالدعم الإيراني وولاء حزبه الكامل لإيران أحد أهم الأسباب التي تكون البيئة الحاضنة للعمالة والتجسس, لأنه يبيح لنفسه ما يحرمه على غيره في بلد لم يتعاف بعد من آثار الحرب الأهلية, ولا تزال فيه ارتباطات القوى بالخارج واضحة, ولا يزال أحد الاحزاب يستقوي بالخارج ويهيمن على الدولة كلها بقوة السلاح الذي تمده به إيران, وهو بالتالي يقول لغيره من اللبنانيين اذهبوا وتحالفوا مع الشيطان من أجل بعض القوة لإيجاد توازن ما في بلد يقوم على التوازنات الطائفية.
إن المواجهة الأخيرة بين الجيش اللبناني وجيش العدو الإسرائيلي أثبتت أن القوات المسلحة اللبنانية قادرة فعلا على حماية الوطن إذا امتلكت الأدوات والسلاح, وإذا كان حسن نصرالله فعلا يريد دولة قادرة وقوية فما عليه إلا أن يثبت وطنيته بتسليم سلاحه للجيش اللبناني ليكون فعلاً سياج الوطن الجامع لكل اللبنانيين, ويمارس هو وحزبه دوره السياسي في الرقابة على عمل السلطة السياسية من خلال مشاركته في البرلمان, وأن يجعل من محازبيه رديفاً شعبياً لهذا الجيش إذا دعته الدولة للمساعدة بالدفاع لكن تحت جناح الجيش وبإمرته, ولا يبقى قوة مأجورة للخارج, عندها فقط يضع "حزب الله" وغيره حداً لهذا السيل البشع من الجواسيس. فهل يتقي نصرالله الله الله بوطنه, ويذعن لصوت العقل والحكمة والمنطق الوطني السليم؟
الإثنين أغسطس 15, 2011 4:07 pm من طرف Gulf Knight
» الوصول إلى أي مكان في العالم خلال أقل من ساعة هدف أميركي قد يتحقق اليوم
الإثنين أغسطس 15, 2011 4:02 pm من طرف Gulf Knight
» إسرائيل تبحث شراء وسائل قتالية أميركية مستعملة فى العراق
الإثنين أغسطس 15, 2011 4:00 pm من طرف Gulf Knight
» كتيبة بنيامين تجدد التأكيد على جهوزية الجيش الإسرائيلي لمواجهات سبتمبر
الإثنين أغسطس 15, 2011 3:59 pm من طرف Gulf Knight
» قبيل الانسحاب: العراق يتسلّم 22 مروحية مي-17 محدّثة من شركة ARINC الأميركية
الخميس أغسطس 11, 2011 6:30 pm من طرف Gulf Knight
» أفغانستان تتسلم 9 مروحيات "مي-17" من روسيا بحلول نهاية العام
الخميس أغسطس 11, 2011 6:29 pm من طرف Gulf Knight
» مناورات جوية لقوات دول الاتحاد السوفياتي السابق لمكافحة الإرهاب
الخميس أغسطس 11, 2011 6:28 pm من طرف Gulf Knight
» روسيا تطوّر نظامي الدفاع الجوي الجديدين: مارفي و فيتياز
الخميس أغسطس 11, 2011 6:27 pm من طرف Gulf Knight
» إختفاء صواريخ مضادة للدروع من معسكر إسرائيلي في الجولان
الخميس أغسطس 11, 2011 6:26 pm من طرف Gulf Knight
» إسرائيل تطور طائرة جديدة دون طيار
الخميس أغسطس 11, 2011 6:25 pm من طرف Gulf Knight
» إسقاط مروحية تشينوك في أفغانستان يودي بحياة 31 جندياً أميركياً و7 جنود أفغان
الخميس أغسطس 11, 2011 6:23 pm من طرف Gulf Knight
» دبابات الجيش السوري تقتحم مدينتي سراقب وقصير
الخميس أغسطس 11, 2011 6:22 pm من طرف Gulf Knight
» أحزاب الشيطان من طهران إلى العراق ولبنان
الخميس أغسطس 11, 2011 6:20 pm من طرف Gulf Knight
» سوريا وتركيا.. لقاء الوداع؟
الخميس أغسطس 11, 2011 6:19 pm من طرف Gulf Knight
» سوريا: تصورات نهاية النظام
الخميس أغسطس 11, 2011 6:19 pm من طرف Gulf Knight