بقلم حسام كنفاني
هل انقلب السحر على الساحر؟ هكذا يبدو وضع الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس، الذي عمد إلى رمي خياراته في الحضن العربي. ظنّ أن سيناريو المفاوضات غير المباشرة سيتكرّر في لجنة متابعة مبادرة السلام العربية. لكن السيناريو جاء مضاداً، وإن عمد إلى رفع شأن أبو مازن باعتباره صاحب مفتاح الحلّ والربط.
الأمر ليس كذلك أبداً. الأمر مغاير تماماً. هذا ما يتضّح من تتبّع الاتصالات الأخيرة الدائرة، وخصوصاً بين مصر والأردن، اللتين أدّتا الدور الأكبر، بموافقة سعودية، على السير بالمفاوضات إلى صيغتها المباشرة، رغماً عن رفض محمود عبّاس.
عباس رفع سقفه كالعادة. تورّط مجدّداً في الصعود إلى الشجرة ورفض النزول. قال إنه لن يذهب إلى المفاوضات المباشرة من دون تحقيق مجموعة من النقاط. العرب أوهموه بأنهم سينفّذون ما يريده. ذهب مرتاحاً إلى القاهرة لاستصدار قرار عربي يدعم مطالبه. هذا ما حصل قبل أشهر قليلة حين استصدر أبو مازن قرار المفاوضات المباشرة. حينها كانت هذه رغبته، وسعى جاهداً إلى إقناع بعض العرب الرافضين لهذه الفكرة، ونجح في ذلك. نجح في إمرار ما يريد في قالب عربي جامع، ليحصل على غطائه للتفاوض غير المباشر.
أبو مازن سعى إلى تكرار فعلته، لكن بمنطق معكوس. هو دأب على إعلان رفضه التوجه إلى المفاوضات المباشرة في ظل الوضع الراهن للمفاوضات غير المباشرة التي لم تحقّق أيّ تقدّم، وفي ظل عدم اعتراف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بمرجعيات المفاوضات وحدود عام 1967. المقرّبون من عبّاس قالوا، على ذمتهم، إنّ هذا ما أبلغه للوزراء العرب الذين اجتمعوا في القاهرة. لكن القرار العربي خرج مغايراً، ومن الممكن القول إنه ورّط محمود عبّاس بدلاً من إخراجه من ورطته، وخصوصاً أنه سبق أن أبلغ الأميركيين بطريقة غير مباشرة سيره مع الخيار العربي. هذا ما يتضح حين قال للمبعوث الأميركي جورج ميتشل إنه «لا يستطيع إقناع العرب».
هذه المهمّة تولّاها المسؤولون الأميركيون، الذين استطاعوا قلب المواقف العربية، وخصوصاً المصرية والأردنية في غضون 48 ساعة. فبعدما كان المتحدثون المصريون يشيرون إلى دعم موقف أبو مازن، بات الحديث عن أن «التفاوض المباشر هو الخيار الأفضل لحل الأزمة».
العارفون ببواطن الأمور يرون شبهة صفقة في التحوّلات العربية، ولا سيما المصرية. فالنظام في القاهرة مشغول في مسألة واحدة لا غير عنوانها «التوريث»، ونقل الحكم من مبارك الأب إلى مبارك الابن من دون أيّ توتّرات أمنية أو تحركات عسكرية داخلية. هذه القضية تتقدّم على ما دونها من ملفّات تسعى مصر إلى استعادة الإمساك بخيوطها. قضية المفاوضات هي واحد من هذه الملفات، لكن الهمّ الأهم هو «التوريث»، الذي قد يكون المساهم الأكبر في صناعة الدرجات الـ 180 التي انقلب فيها الموقف المصري. فجأةً بدأ الحديث عن ضمانات أميركية للفلسطينيّين. هكذا قال أبو الغيط. ضمانات لا يبدو أنّ الفلسطينيّين يعلمون بها أساساً، ولا سيما أنّ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه خرج غداة اجتماع لجنة المتابعة ليطلب ضمانات للانتقال إلى المفاوضات المباشرة. هل الضمانات موجودة أم غير موجودة؟ المسألة تبدو مثل اللغز. ربما أبو الغيط يتحدث عن ضمانات باتجاه آخر. باتجاه يهمّ النظام المصري أساساً، وخصوصاً أن لا أحد سرّب ما دار من حوارات بين الرئيس حسني مبارك ونائب الرئيس الأميركي جو بايدن، أو وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون. حوارات دارت عبر أسلاك الهاتف قبل ساعات من إعلان العرب سحب الغطاء من فوق موقف أبو مازن، ومدّه فوق الرغبات الأميركية والإسرائيلية.
للأردن أيضاً حسابات داخلية يحتاج فيها إلى تنسيق مع الولايات المتحدة، ولا سيما أنّ الانتخابات البرلمانية على الأبواب، ومشروع إقصاء جبهة العمل الإسلامي خصوصاً، والتيار الإسلامي عموماً، يسير بنجاح نحو غايته. قد يكون هذا جزءاً من الصفقة، التي لا شك في أنّها تتضمّن اللعب على وتر الخوف الأردني من مشروع الوطن البديل للفلسطينيّين، الذي سيعود إلى الظهور في حال سقوط العملية السياسية، والعودة بالقضية إلى «مربّع العنف»، على حد تعبير أبو مازن.
تحليلات وشبهات صفقات كثيرة تحوم حول القرار العربي، لكن محصّلتها أن أبو مازن تُرك ليواجه مصيره، ولعبة الغطاء العربي التي استخدمها في المفاوضات غير المباشرة انقلبت عليه. أبو مازن الآن يبحث عن مخرج، والباب العربي انتهى مفعوله. قد يكون لسان حاله اليوم يقول: «المفاوضات من أمامكم والمفاوضات من ورائكم، فأين المفرّ؟».
هل انقلب السحر على الساحر؟ هكذا يبدو وضع الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس، الذي عمد إلى رمي خياراته في الحضن العربي. ظنّ أن سيناريو المفاوضات غير المباشرة سيتكرّر في لجنة متابعة مبادرة السلام العربية. لكن السيناريو جاء مضاداً، وإن عمد إلى رفع شأن أبو مازن باعتباره صاحب مفتاح الحلّ والربط.
الأمر ليس كذلك أبداً. الأمر مغاير تماماً. هذا ما يتضّح من تتبّع الاتصالات الأخيرة الدائرة، وخصوصاً بين مصر والأردن، اللتين أدّتا الدور الأكبر، بموافقة سعودية، على السير بالمفاوضات إلى صيغتها المباشرة، رغماً عن رفض محمود عبّاس.
عباس رفع سقفه كالعادة. تورّط مجدّداً في الصعود إلى الشجرة ورفض النزول. قال إنه لن يذهب إلى المفاوضات المباشرة من دون تحقيق مجموعة من النقاط. العرب أوهموه بأنهم سينفّذون ما يريده. ذهب مرتاحاً إلى القاهرة لاستصدار قرار عربي يدعم مطالبه. هذا ما حصل قبل أشهر قليلة حين استصدر أبو مازن قرار المفاوضات المباشرة. حينها كانت هذه رغبته، وسعى جاهداً إلى إقناع بعض العرب الرافضين لهذه الفكرة، ونجح في ذلك. نجح في إمرار ما يريد في قالب عربي جامع، ليحصل على غطائه للتفاوض غير المباشر.
أبو مازن سعى إلى تكرار فعلته، لكن بمنطق معكوس. هو دأب على إعلان رفضه التوجه إلى المفاوضات المباشرة في ظل الوضع الراهن للمفاوضات غير المباشرة التي لم تحقّق أيّ تقدّم، وفي ظل عدم اعتراف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بمرجعيات المفاوضات وحدود عام 1967. المقرّبون من عبّاس قالوا، على ذمتهم، إنّ هذا ما أبلغه للوزراء العرب الذين اجتمعوا في القاهرة. لكن القرار العربي خرج مغايراً، ومن الممكن القول إنه ورّط محمود عبّاس بدلاً من إخراجه من ورطته، وخصوصاً أنه سبق أن أبلغ الأميركيين بطريقة غير مباشرة سيره مع الخيار العربي. هذا ما يتضح حين قال للمبعوث الأميركي جورج ميتشل إنه «لا يستطيع إقناع العرب».
هذه المهمّة تولّاها المسؤولون الأميركيون، الذين استطاعوا قلب المواقف العربية، وخصوصاً المصرية والأردنية في غضون 48 ساعة. فبعدما كان المتحدثون المصريون يشيرون إلى دعم موقف أبو مازن، بات الحديث عن أن «التفاوض المباشر هو الخيار الأفضل لحل الأزمة».
العارفون ببواطن الأمور يرون شبهة صفقة في التحوّلات العربية، ولا سيما المصرية. فالنظام في القاهرة مشغول في مسألة واحدة لا غير عنوانها «التوريث»، ونقل الحكم من مبارك الأب إلى مبارك الابن من دون أيّ توتّرات أمنية أو تحركات عسكرية داخلية. هذه القضية تتقدّم على ما دونها من ملفّات تسعى مصر إلى استعادة الإمساك بخيوطها. قضية المفاوضات هي واحد من هذه الملفات، لكن الهمّ الأهم هو «التوريث»، الذي قد يكون المساهم الأكبر في صناعة الدرجات الـ 180 التي انقلب فيها الموقف المصري. فجأةً بدأ الحديث عن ضمانات أميركية للفلسطينيّين. هكذا قال أبو الغيط. ضمانات لا يبدو أنّ الفلسطينيّين يعلمون بها أساساً، ولا سيما أنّ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه خرج غداة اجتماع لجنة المتابعة ليطلب ضمانات للانتقال إلى المفاوضات المباشرة. هل الضمانات موجودة أم غير موجودة؟ المسألة تبدو مثل اللغز. ربما أبو الغيط يتحدث عن ضمانات باتجاه آخر. باتجاه يهمّ النظام المصري أساساً، وخصوصاً أن لا أحد سرّب ما دار من حوارات بين الرئيس حسني مبارك ونائب الرئيس الأميركي جو بايدن، أو وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون. حوارات دارت عبر أسلاك الهاتف قبل ساعات من إعلان العرب سحب الغطاء من فوق موقف أبو مازن، ومدّه فوق الرغبات الأميركية والإسرائيلية.
للأردن أيضاً حسابات داخلية يحتاج فيها إلى تنسيق مع الولايات المتحدة، ولا سيما أنّ الانتخابات البرلمانية على الأبواب، ومشروع إقصاء جبهة العمل الإسلامي خصوصاً، والتيار الإسلامي عموماً، يسير بنجاح نحو غايته. قد يكون هذا جزءاً من الصفقة، التي لا شك في أنّها تتضمّن اللعب على وتر الخوف الأردني من مشروع الوطن البديل للفلسطينيّين، الذي سيعود إلى الظهور في حال سقوط العملية السياسية، والعودة بالقضية إلى «مربّع العنف»، على حد تعبير أبو مازن.
تحليلات وشبهات صفقات كثيرة تحوم حول القرار العربي، لكن محصّلتها أن أبو مازن تُرك ليواجه مصيره، ولعبة الغطاء العربي التي استخدمها في المفاوضات غير المباشرة انقلبت عليه. أبو مازن الآن يبحث عن مخرج، والباب العربي انتهى مفعوله. قد يكون لسان حاله اليوم يقول: «المفاوضات من أمامكم والمفاوضات من ورائكم، فأين المفرّ؟».
الإثنين أغسطس 15, 2011 4:07 pm من طرف Gulf Knight
» الوصول إلى أي مكان في العالم خلال أقل من ساعة هدف أميركي قد يتحقق اليوم
الإثنين أغسطس 15, 2011 4:02 pm من طرف Gulf Knight
» إسرائيل تبحث شراء وسائل قتالية أميركية مستعملة فى العراق
الإثنين أغسطس 15, 2011 4:00 pm من طرف Gulf Knight
» كتيبة بنيامين تجدد التأكيد على جهوزية الجيش الإسرائيلي لمواجهات سبتمبر
الإثنين أغسطس 15, 2011 3:59 pm من طرف Gulf Knight
» قبيل الانسحاب: العراق يتسلّم 22 مروحية مي-17 محدّثة من شركة ARINC الأميركية
الخميس أغسطس 11, 2011 6:30 pm من طرف Gulf Knight
» أفغانستان تتسلم 9 مروحيات "مي-17" من روسيا بحلول نهاية العام
الخميس أغسطس 11, 2011 6:29 pm من طرف Gulf Knight
» مناورات جوية لقوات دول الاتحاد السوفياتي السابق لمكافحة الإرهاب
الخميس أغسطس 11, 2011 6:28 pm من طرف Gulf Knight
» روسيا تطوّر نظامي الدفاع الجوي الجديدين: مارفي و فيتياز
الخميس أغسطس 11, 2011 6:27 pm من طرف Gulf Knight
» إختفاء صواريخ مضادة للدروع من معسكر إسرائيلي في الجولان
الخميس أغسطس 11, 2011 6:26 pm من طرف Gulf Knight
» إسرائيل تطور طائرة جديدة دون طيار
الخميس أغسطس 11, 2011 6:25 pm من طرف Gulf Knight
» إسقاط مروحية تشينوك في أفغانستان يودي بحياة 31 جندياً أميركياً و7 جنود أفغان
الخميس أغسطس 11, 2011 6:23 pm من طرف Gulf Knight
» دبابات الجيش السوري تقتحم مدينتي سراقب وقصير
الخميس أغسطس 11, 2011 6:22 pm من طرف Gulf Knight
» أحزاب الشيطان من طهران إلى العراق ولبنان
الخميس أغسطس 11, 2011 6:20 pm من طرف Gulf Knight
» سوريا وتركيا.. لقاء الوداع؟
الخميس أغسطس 11, 2011 6:19 pm من طرف Gulf Knight
» سوريا: تصورات نهاية النظام
الخميس أغسطس 11, 2011 6:19 pm من طرف Gulf Knight