عمار الحكيم والتنظير في المسألة البحرينية
داود البصري
السياسة الكويتية 2-ربيع الثاني-1432هـ / 7-مارس-2011م
في ظل صراع هوامير وأمراء السياسة والطوائف في عراق الفشل الطائفي والتحاصصي تبرز تحركات بعض الرموز السياسية كمؤشر على بعض التوجهات والمواقف السياسية من عدد من الملفات الداخلية والخارجية , وقد دأب رئيس المجلس الأعلى للثورة الإيرانية في العراق السيد عمار الحكيم في الآونة الأخيرة على عقد الندوات الجماهيرية و الثقافية الأسبوعية لاستعراض المواقف و للإدلاء بالآراء في محاولة واضحة لتحقيق جماهيرية وشعبية باتت تنحسر تدريجيا عن المجلس الأعلى الذي يعتبر اليوم من الجماعات المهزومة إنتخابيا وشعبيا رغم الإمكانيات المادية و اللوجستية الهائلة التي يمتلكها و بسبب الصراع الشخصي و الطائفي أيضا بين أبناء و قيادات الطائفة الواحدة إضافة لتذمر الرؤوس القديمة في المجلس الأعلى منذ مرحلته الإيرانية من القيادة الحالية التي تحاول تأسيس مشروع سياسي جديد لم تظهر معطياته بشكل واضح و جلي حتى اليوم.
فانتفاضة الشعب العراقي ضد دولة الفشل و شلة اللصوص و سوء الخدمات العامة و التقصير الحقيقي في بناء دولة ذات نموذج ناجح يتحمل المجلس و قيادته فيه الشيء الكثير من المسؤولية باعتبار إن الوزارات الخدمية كانت لوقت طويل في عهدة أهل المجلس و غيرهم من أهل التحالف الوطني وهم في النهاية جزء لا يتجزأ من صانعي الكابوس العراقي الجاثم على صدور العراقيين , و السيد عمار الحكيم الذي يحظى بمواصفات شبابية خاصة و بمنطق بليغ و بأسلوب سلس يستطيع أن يكون قيادة شابة قد تتواصل مع الجماهير كما يخطط لكنه يبدو كما هو واضح متأثراً بشخصية السيد حسن نصر الله في لبنان مع اختلاف في المنهج و التفاصيل ولربما اتفاق على الخط النهائي العام , لذلك فقد حرص على تنظيم اللقاءات الأسبوعية لاستمرار التواصل الجماهيري و لتأكيد حضوره السياسي , وفي أحد اللقاءات الأخيرة تطرق للأحداث الجارية حاليا في مملكة البحرين و سلسلة التظاهرات و الصدامات التي تقف أجهزة النظام الإيراني بكل تأكيد خلف بعضها متصورين بوهم مطلق واشتباه شديد بأن البحرين هي الحلقة الأضعف في الأمن الخليجي وعدم وعيهم بحقيقة إن دول الخليج العربي تكون جميعها ( بحرين ) في أوقات الأزمة والتحدي.
المهم أن عمار الحكيم وهو ينظر لما يجب أن يكون صرح علنا ومن على منبره الخطابي بقوله إن ( مطالب الشعب البحريني عادلة )! و طبعا هو لم يأت بجديد في هذه الرؤية ? لأنه حتى حكومة ملك البحرين تقر بعدالة بعض المطالب الإصلاحية التي لبتها وحيث سبق أيضا لملك البحرين أن حقق اختراقات سياسية مهمة و غير مسبوقة من خلال بناء تجربة ديمقراطية حداثية والتخلص من أوزار الماضي وحملات العفو العام لصالح المتورطين في ملفات أمنية وسياسية إضافة لدعوته الدائمة وولي عهده للدخول في حوار وطني شامل يؤسس لتوافق وطني وتفاهم سياسي عام يجنب البحرين الصغيرة إشكاليات لا داعي لها, لذلك عندما يطرح بعض من عملاء النظام الإيراني شعارات مشبوهة و مرفوضة مثل شعار ( إسقاط النظام ) فإنهم يمارسون فعلا خيانيا يستهدف وحدة وانتماء و عروبة الوطن و الشعب وهو الأمر الذي لم تتم إدانته من قبل عمار الحكيم الذي تحدث بعمومية لربما تفسر على شكل خاطىء.
و الحكيم شخصيا سبق لملك البحرين أن التقاه خلال الأسابيع الأخيرة بل أن ما رشح من معلومات عن ذلك اللقاء كان يؤكد على اللهجة التصالحية و الإصلاحية للملك البحريني الذي قدم من المتغيرات و الإصلاحات مالم يقدمه أي طرف و بذل مجهودات فعلية في بناء تجربة سياسية منفتحة و مباشرة مع المعارضين و بشكل إيجابي يرسخ وحدة و مكانة و حضارة البحرين العريقة , وقد كلف الملك البحريني حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة عمار الحكيم بمهمة اكتشاف وجس نبض بعض من المعارضين البحارنة المقيمين في بريطانيا وفعلا ذهب وفد من مجس عمار الحكيم للعاصمة البريطانية لتلك المهمة وتم اللقاء مع المعارض المرتبط بإيران السيد محمد سعيد الشهابي في حسينية ( الأبرار ) في شارع إدجوارد رود اللندني الشهير ( شارع العرب ) وعرض لرؤية ملك البحرين الإصلاحية الشاملة فكان الرد من المعارضة البحرينية هو التسويف و المماطلة بل وطلبوا مساعدات سخية من الحكومة العراقية الحالية المشتركة معهم في الرؤية وبعض التفاصيل !! .
وكان على السيد عمار الحكيم تبعا للثقة الملكية به و بوساطته أن يكون شفافا و يعلن المواقف بشكل صريح بدلا من التلاعب بالكلمات و محاولة اتخاذ مواقف راديكالية صورية بهدف ترسيخ المكانة , وهنا أتساءل عن القدرات الإصلاحية الفعلية التي يمتلكها الحكيم وحزبه و جماعته وسر عدم قدرتهم على تطبيقها في العراق وحيث للفشل دولة و مؤسسات و لوبيات و مصالح ? وهل من يعجز عن ترميم جدران بيته الداخلية يستطيع بناء قصور على الرمال لآخرين , كان على عمار الحكيم أن يكون أكثر صراحة و يعلن علنا بأن الطرف البحريني المرتبط بالنظام الإيراني ليس معنيا أصلا بأي حوار أو إصلاح حقيقي لأنه ينفذ أوامر أسياده في طهران وهي أوامر مقدسة كما نعلم و تعلمون و تعني أساسا طاعة ولي الأمر الفقيه لذلك فإن الدعوة للحوار مع أمثال أولئك القوم هي مجرد مضيعة للوقت.. نتمنى على عمار الحكيم أن يوجه النصائح الثمينة لحكومته و أن يحقق الإصلاح في العراق المتهدم الخربان بدلا من التعليق على مشكلات الآخرين , في البحرين شعب و قيادة لم يتعودا على الركوع للإرادة الإيرانية شاهانية كانت أم معممة , والشعب الذي انتزع الاستقلال من عيون الطامعين الفرس يعرف جيدا كيف يدير ملفات صراعاته الداخلية..
أما عمار الحكيم فنتمنى عليه مخلصين أن يوفر نصائحه لحكومته و لجماعته وتنظيمه الذي تشظى.. ورحم الله امرئ عرف قدر نفسه..
كاتب عراقي
dawoodalbasri@hotmail.com
داود البصري
السياسة الكويتية 2-ربيع الثاني-1432هـ / 7-مارس-2011م
في ظل صراع هوامير وأمراء السياسة والطوائف في عراق الفشل الطائفي والتحاصصي تبرز تحركات بعض الرموز السياسية كمؤشر على بعض التوجهات والمواقف السياسية من عدد من الملفات الداخلية والخارجية , وقد دأب رئيس المجلس الأعلى للثورة الإيرانية في العراق السيد عمار الحكيم في الآونة الأخيرة على عقد الندوات الجماهيرية و الثقافية الأسبوعية لاستعراض المواقف و للإدلاء بالآراء في محاولة واضحة لتحقيق جماهيرية وشعبية باتت تنحسر تدريجيا عن المجلس الأعلى الذي يعتبر اليوم من الجماعات المهزومة إنتخابيا وشعبيا رغم الإمكانيات المادية و اللوجستية الهائلة التي يمتلكها و بسبب الصراع الشخصي و الطائفي أيضا بين أبناء و قيادات الطائفة الواحدة إضافة لتذمر الرؤوس القديمة في المجلس الأعلى منذ مرحلته الإيرانية من القيادة الحالية التي تحاول تأسيس مشروع سياسي جديد لم تظهر معطياته بشكل واضح و جلي حتى اليوم.
فانتفاضة الشعب العراقي ضد دولة الفشل و شلة اللصوص و سوء الخدمات العامة و التقصير الحقيقي في بناء دولة ذات نموذج ناجح يتحمل المجلس و قيادته فيه الشيء الكثير من المسؤولية باعتبار إن الوزارات الخدمية كانت لوقت طويل في عهدة أهل المجلس و غيرهم من أهل التحالف الوطني وهم في النهاية جزء لا يتجزأ من صانعي الكابوس العراقي الجاثم على صدور العراقيين , و السيد عمار الحكيم الذي يحظى بمواصفات شبابية خاصة و بمنطق بليغ و بأسلوب سلس يستطيع أن يكون قيادة شابة قد تتواصل مع الجماهير كما يخطط لكنه يبدو كما هو واضح متأثراً بشخصية السيد حسن نصر الله في لبنان مع اختلاف في المنهج و التفاصيل ولربما اتفاق على الخط النهائي العام , لذلك فقد حرص على تنظيم اللقاءات الأسبوعية لاستمرار التواصل الجماهيري و لتأكيد حضوره السياسي , وفي أحد اللقاءات الأخيرة تطرق للأحداث الجارية حاليا في مملكة البحرين و سلسلة التظاهرات و الصدامات التي تقف أجهزة النظام الإيراني بكل تأكيد خلف بعضها متصورين بوهم مطلق واشتباه شديد بأن البحرين هي الحلقة الأضعف في الأمن الخليجي وعدم وعيهم بحقيقة إن دول الخليج العربي تكون جميعها ( بحرين ) في أوقات الأزمة والتحدي.
المهم أن عمار الحكيم وهو ينظر لما يجب أن يكون صرح علنا ومن على منبره الخطابي بقوله إن ( مطالب الشعب البحريني عادلة )! و طبعا هو لم يأت بجديد في هذه الرؤية ? لأنه حتى حكومة ملك البحرين تقر بعدالة بعض المطالب الإصلاحية التي لبتها وحيث سبق أيضا لملك البحرين أن حقق اختراقات سياسية مهمة و غير مسبوقة من خلال بناء تجربة ديمقراطية حداثية والتخلص من أوزار الماضي وحملات العفو العام لصالح المتورطين في ملفات أمنية وسياسية إضافة لدعوته الدائمة وولي عهده للدخول في حوار وطني شامل يؤسس لتوافق وطني وتفاهم سياسي عام يجنب البحرين الصغيرة إشكاليات لا داعي لها, لذلك عندما يطرح بعض من عملاء النظام الإيراني شعارات مشبوهة و مرفوضة مثل شعار ( إسقاط النظام ) فإنهم يمارسون فعلا خيانيا يستهدف وحدة وانتماء و عروبة الوطن و الشعب وهو الأمر الذي لم تتم إدانته من قبل عمار الحكيم الذي تحدث بعمومية لربما تفسر على شكل خاطىء.
و الحكيم شخصيا سبق لملك البحرين أن التقاه خلال الأسابيع الأخيرة بل أن ما رشح من معلومات عن ذلك اللقاء كان يؤكد على اللهجة التصالحية و الإصلاحية للملك البحريني الذي قدم من المتغيرات و الإصلاحات مالم يقدمه أي طرف و بذل مجهودات فعلية في بناء تجربة سياسية منفتحة و مباشرة مع المعارضين و بشكل إيجابي يرسخ وحدة و مكانة و حضارة البحرين العريقة , وقد كلف الملك البحريني حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة عمار الحكيم بمهمة اكتشاف وجس نبض بعض من المعارضين البحارنة المقيمين في بريطانيا وفعلا ذهب وفد من مجس عمار الحكيم للعاصمة البريطانية لتلك المهمة وتم اللقاء مع المعارض المرتبط بإيران السيد محمد سعيد الشهابي في حسينية ( الأبرار ) في شارع إدجوارد رود اللندني الشهير ( شارع العرب ) وعرض لرؤية ملك البحرين الإصلاحية الشاملة فكان الرد من المعارضة البحرينية هو التسويف و المماطلة بل وطلبوا مساعدات سخية من الحكومة العراقية الحالية المشتركة معهم في الرؤية وبعض التفاصيل !! .
وكان على السيد عمار الحكيم تبعا للثقة الملكية به و بوساطته أن يكون شفافا و يعلن المواقف بشكل صريح بدلا من التلاعب بالكلمات و محاولة اتخاذ مواقف راديكالية صورية بهدف ترسيخ المكانة , وهنا أتساءل عن القدرات الإصلاحية الفعلية التي يمتلكها الحكيم وحزبه و جماعته وسر عدم قدرتهم على تطبيقها في العراق وحيث للفشل دولة و مؤسسات و لوبيات و مصالح ? وهل من يعجز عن ترميم جدران بيته الداخلية يستطيع بناء قصور على الرمال لآخرين , كان على عمار الحكيم أن يكون أكثر صراحة و يعلن علنا بأن الطرف البحريني المرتبط بالنظام الإيراني ليس معنيا أصلا بأي حوار أو إصلاح حقيقي لأنه ينفذ أوامر أسياده في طهران وهي أوامر مقدسة كما نعلم و تعلمون و تعني أساسا طاعة ولي الأمر الفقيه لذلك فإن الدعوة للحوار مع أمثال أولئك القوم هي مجرد مضيعة للوقت.. نتمنى على عمار الحكيم أن يوجه النصائح الثمينة لحكومته و أن يحقق الإصلاح في العراق المتهدم الخربان بدلا من التعليق على مشكلات الآخرين , في البحرين شعب و قيادة لم يتعودا على الركوع للإرادة الإيرانية شاهانية كانت أم معممة , والشعب الذي انتزع الاستقلال من عيون الطامعين الفرس يعرف جيدا كيف يدير ملفات صراعاته الداخلية..
أما عمار الحكيم فنتمنى عليه مخلصين أن يوفر نصائحه لحكومته و لجماعته وتنظيمه الذي تشظى.. ورحم الله امرئ عرف قدر نفسه..
كاتب عراقي
dawoodalbasri@hotmail.com
» الوصول إلى أي مكان في العالم خلال أقل من ساعة هدف أميركي قد يتحقق اليوم
» إسرائيل تبحث شراء وسائل قتالية أميركية مستعملة فى العراق
» كتيبة بنيامين تجدد التأكيد على جهوزية الجيش الإسرائيلي لمواجهات سبتمبر
» قبيل الانسحاب: العراق يتسلّم 22 مروحية مي-17 محدّثة من شركة ARINC الأميركية
» أفغانستان تتسلم 9 مروحيات "مي-17" من روسيا بحلول نهاية العام
» مناورات جوية لقوات دول الاتحاد السوفياتي السابق لمكافحة الإرهاب
» روسيا تطوّر نظامي الدفاع الجوي الجديدين: مارفي و فيتياز
» إختفاء صواريخ مضادة للدروع من معسكر إسرائيلي في الجولان
» إسرائيل تطور طائرة جديدة دون طيار
» إسقاط مروحية تشينوك في أفغانستان يودي بحياة 31 جندياً أميركياً و7 جنود أفغان
» دبابات الجيش السوري تقتحم مدينتي سراقب وقصير
» أحزاب الشيطان من طهران إلى العراق ولبنان
» سوريا وتركيا.. لقاء الوداع؟
» سوريا: تصورات نهاية النظام