المبادرة السعوديَّة في العراق.. لماذا؟
محمد عبد القادر
موقع أخبار البشير 2 من ذي الحجة 1431هـ / 8 من نوفمبر 2010م
أَطْلقت المملكة العربيَّة السعوديَّة مبادرةً أعلن عنها الملك عبد الله بن عبد العزيز، دعتْ فيها الكتل والقوى السياسيَّة العراقيَّة الرئيسيَّة إلى مؤتمر يُعقد في الرياض تحت رعاية الجامعة العربيَّة، وذلك من أجل التباحث حول السُّبُل الكفيلة بتشكيل الحكومة العراقيَّة التي لم ينجزْ تشكيلها على الرغم من مرور زهاء ثمانية أشهر على الانتخابات البرلمانيَّة التي عقدت في مارس الماضي.
تأتي المبادرة السعوديَّة كمحاولة لِحَلْحَلَة أزمة تشكيل الحكومة العراقيَّة التي يعترض تشكيلها تنوع المصالح الداخليَّة وتعارض الرؤى الإقليميَّة، وتجسد المبادرة إدراك المملكة أن هناك رهانات إقليميَّة (عربيَّة بصفة عامة وسعوديَّة بصفة خاصَّة) عديدة باتت تجابه بمشكلات تحول دون تحقُّقِها، لا سيَّما في ظلّ الصعوبات التي تعترض إعادة اعتلاء رئيس القائمة العراقيَّة إياد علاوي للحكومة العراقيَّة المقبلة، وذلك في ظلّ إصرار المالكي على التمسُّك بمنصب رئيس الوزراء، وفي ضوء فشل القائمة العراقيَّة في الحصول على تأييد القوى الكرديَّة والتحالف الوطني بشقَّيْه "الصدري" بقيادة مقتدى الصدر و"الحكيمي" بزعامة عمار الحكيم، وهو ما دفع علاوي إلى الانسحاب من السباق حول منصب رئيس الوزراء لصالح تأييد عادل عبد المهدي مرشح المجلس الأعلى الإسلامي.
سياق المبادرة
تأسَّست المبادرة السعوديَّة على إدراك أن ثمة توافقًا ضمنيًّا بين كل من الولايات المتحدة الأمريكيَّة وإيران بشأن ترشيح المالكي، ففيما يتعلَّق بواشنطن فقد بات واضحًا أنها لم تعدْ تراهن على تحقيق استقرار سياسي طويل الأَمَد في العراق، وإنما باتت تركِّز جهودَها على تشكيل الحكومة باعتباره هدفًا مرحليًّا من شأنه أن يتيح القدرة على الانسحاب من العراق بنهاية العام المقبل، وهي وإن كانت لا تعارض إعادة تولِّي المالكي لرئاسة الحكومة فهي ما زالت تُبدي إصرارًا على عدم تولي التيار الصدري أيًّا من الوزارات الأمنيَّة، وفيما يتعلَّق بإيران فقد استطاعت أن تثبتَ أنها رغم عدم تمتعها بالغلبَة المطلَقَة في ترجيح كفَّة أيٍّ من المرشحين لرئاسة الوزراء إلا أنها ما زالت تتمتَّع بالغلبة النسبيَّة بالمقارنة بمختلف القوى الإقليميَّة الأخرى.
وقد انعكس ذلك بوضوح في تحوُّل موقف التيار الصدري من مسألة ترشيح المالكي، فبعد أن كان يصرُّ على اختيار إبراهيم الجعفري، ويفضّل في حال عدم التوافق حياله أيًّا من مرشحي الائتلاف الوطني العراقي، فقد تخلَّى عن المجلس الإسلامي الأعلى بدعمه تولي نوري المالكي (عدوه التقليدي) لرئاسة الوزراء، ليكوِّن معه ما يطلق عليه "تحالف الأضداد".
وعلى الرغم من أن اتجاه الحكيم للتحالف مع علاوي بعد إعلان الأخير تأييده لتولي عادل عبد المهدي رئاسة الوزراء، إلا أن ذلك اصطدم باتجاه الكتلة الكرديَّة إلى التحالف مع المالكي، وذلك بعد أن أبدى الأخير قبولَه بكافَّة بنود "الورقة الكرديَّة" باستثناء البند الخاص بسقوط الحكومة حال انسحاب الوزراء الأكراد منها، وقد أعلن ذلك صراحةً رئيس حكومة إقليم كردستان برهم صالح حين أشار إلى أن الكتل البرلمانيَّة العراقيَّة أصبحتْ أقرب للتوافق على اختيار رئيس الحكومة الحالية نوري المالكي لرئاسة الحكومة المقبلة.
لذلك فقد جاءت المبادرة السعوديَّة في توقيت دقيق، يرتبط بتحقُّق شبه توافق على اختيار المالكي بين التيَّار الصدري والأكراد من جهة، وإيران والولايات المتحدة ذات الرؤيتَيْن المتعارضتَيْن المتقابلتين في نقطة واحدة (المالكي) من جهة أخرى، وترتبط المبادرة كذلك بموقف القائمة العراقيَّة، التي أعلنت أنها لن تشارك في حكومة يرأسها المالكي، وهو ما يعني حرمان مختلف القوى السنيَّة صاحبة المشاركة الأكبر في الانتخابات العراقيَّة الماضية من التمثيل في الحكومة العراقيَّة، بما قد يكون له تداعيات أمنيَّة وسياسيَّة وخيمة، فضلًا عن أن ذلك قد يُفضي إلى تشكيل حكومة تحمل بداخلها بذور تفكُّكها، بما قد يكون له تداعيات سلبيَّة ليس فقط على العراق وإنما أيضًا على محيطه الإقليمي.
القوى العراقيَّة
فيما رحَّبت القائمة العراقيَّة صاحبة العلاقات القويَّة مع بعض الدول العربيَّة بالمبادرة السعوديَّة، فقد رفضتْ بعض الأصوات من التحالف الوطني العراقي مقترح السعوديَّة لاستضافة محادثات بين الأطراف العراقيَّة لحل الأزمة القائمة، هذا فيما تحفَّظت بعض الأصوات الكرديَّة، والتي طالب بإفساح المجال أمام مبادرة الطاولة المستديرة، التي أطلقها مسعود برزاني رئيس إقليم شمال العراق.
وجاء رفض دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، بدعوى أن الكتل السياسيَّة العراقيَّة باتت قريبةً من إنهاء الأزمة، وفي هذا الإطار أصدر ائتلاف دولة القانون بيانًا أشار فيه إلى أنه على الرغم من تقدير قلق المملكة على الوضع في العراق، إلا أنه يحب أن يواصل الزعماء العراقيُّون اجتماعاتهم للتوصُّل إلى إجماع وطني، وأوضح البيان أن التحالف الكردستاني يؤيِّد بيان الائتلاف بشأن الدعوة السعوديَّة.
وترتبط المواقف العراقيَّة المتحفِّظة على الدعوة السعوديَّة سواء من حيث التوقيت أو المضمون بعدم الرغبة في التخلي عن المكاسب التي حقَّقتها بعض هذه القوى، لا سيَّما ائتلاف دولة القانون الذي يسعى إلى استغلال اللحظة الراهنة والظرف الإقليمي بعد قيام نوري المالكي بـ "زيارة تطمينات" و"تطبيع علاقات" مع عدد من الدول العربيَّة خلال الفترة الأخيرة منها دمشق والقاهرة والأردن وأنقرة، وذلك بغرض حسم الصراع المستعِر حول منصب رئيس الوزراء لصالحه، هذا فيما يحرص الأكراد بدورهم على استغلال الظرف الداخلي للحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب السياسيَّة، فيما من الصعب على المجلس الإسلامي الأعلى أن يغلب الرؤية السعوديَّة والعربيَّة على حساب التوجُّهات الإيرانيَّة.
دلالات المبادرة
دعت المبادرة السعوديَّة إلى أن يكون اجتماع الرياض برعاية الجامعة العربيَّة وذلك من أجل درْء الشبهات عن السعوديَّة وتأكيد أنها لا تتدخَّل في الشأن العراقي لترجيح كفَّة طرف على آخر، وإنما تعبِّر عن تحرُّك عربي يسعى إلى إنهاء الأزمة في العراق من خلال الاضطلاع بدور في تذليل العقبات وبناء التوافقات اللازمة لتشكيل الحكومة العراقيَّة، لا سيَّما وأن العراق من المفترَض أن يستضيف القمَّة العربيَّة المقبلة، كما أن أغلب القوى العراقيَّة ترمي بعبْء غياب الدور العربي في العراق على كاهل الدول العربيَّة نفسها باعتبارها تركت العراق لمشروعين أحدهما إقليمي بقيادة إيران والآخر دولي بقيادة الولايات المتحدة.
ومن ثَمَّ فقد عبَّرت المبادرة السعوديَّة عن عودة الدور العربي نسبيًّا إلى العراق، لا سيَّما أن ثمة مصادر أشارت إلى أن المبادرة جاءت بالتنسيق مع عدد من الدول العربيَّة الرئيسيَّة، غير أن عودة هذا الدور العربي إلى العراق مؤخرًا قد لا يساهم في إنهاء مشهد الأزمة في العراق بل إنه قد يضفي مزيدًا من التعقيد على هذا المشهد، كونه من ناحية سيعني لدى بعض القوى العراقيَّة محاولة من قبل الدول العربيَّة لدعم القوى السياسيَّة ذات التوجُّهات العروبيَّة (القائمة العراقيَّة)، وهو ما يدركه جيدًا ائتلاف دولة القانون، الذي طالما وجَّه انتقادات للمملكة ولبعض الدول العربيَّة الأخرى مدعيًا أنها لا تتخذ موقف الحياد، وإنما تدعم القائمة العراقيَّة ماديًّا وإعلاميًّا.
هذا بالإضافة إلى أن المبادرة قد أجَّلت اجتماع الرياض إلى ما بعد "موسم الحج"، وهو الأمر الذي سيدفع كلًّا من المالكي والأكراد إلى تكثيف جهودهم من أجل محاولة إنهاء أزمة تشكيل الحكومة العراقيَّة قبيل ذلك، سعيًا إلى تحقيق هدفين أساسيَّيْن:
أولهما، يتعلَّق بالحفاظ على المكتسبات التي حقَّقوها بعد ثمانية أشهر من اللقاءات المحليَّة والإقليميَّة والدوليَّة من أجل حلحَلَة الأزمة، وقد يعني ذلك تقديم مزيدٍ من الحوافز إلى القائمة العراقيَّة من أجل إقناعها بالمشاركة في الحكومة المقبلة من خلال محاولة منحها منصبي رئاسة المجلس السياسي للأمن الوطني ورئاسة البرلمان العراق في آنٍ واحد، وثانيهما، يرتبط بالرغبة في انعقاد البرلمان العراقي والاستجابة إلى قرار المحكمة الاتحاديَّة العليا التي طالبت البرلمان بإلغاء جلسته المفتوحة والعودة إلى الجلسات العاديَّة في مدة لا تتجاوز 14 يومًا بهدف إنهاء الأزمة التي تعوق تشكيل الحكومة، ويسعى المالكي إلى الحصول على أكبر قدرٍ من التوافق حول دعم ترشيحِه لرئاسة الحكومة، حتى يتمَّ تكليفه بتشكيل الحكومة بعد انعقاد أولى جلسات البرلمان.
لذلك من المحتمَل أن تدفع كل القوى العراقيَّة ثمن تأخُّر حسم مواقفها، فعلاوي بعدما راهن على رئاسته للحكومة طويلًا أصبح أملُه يتعلَّق بتشكيل حكومة لا يرأسها المالكي وحسب، أما التيَّار الصدري، بعدما غيَّر مواقفه بضغوط من إيران، باتت آماله تتركَّز في الحصول على مناصب وزاريَّة سياديَّة، أما بالنسبة للمجلس الإسلامي الأعلى فسيبقى خيار عدم المشاركة في الحكومة بالنسبة له خيارًا صعبًا، بما يعنيه من خروجه من المشهد السياسي العراقي الراهن خالي الوفاض، وقد يكون ذلك لفترة ليست بالقليلة، لذا فإن المجلس الإسلامي الأعلى قد يجد نفسه مضطَرًّا للمشاركة في حكومة لا يرأسها عبد المهدي تحت وطأة قدرة المالكي على تشكيل الحكومة بدونه.
وفيما يتعلَّق بالوضع الإقليمي فإن المبادرة السعوديَّة تؤشِّر إلى أنه من المرجَّح أن يتضاعف التدخُّل الإقليمي في شئون العراق خلال الفترة المقبلة، ذلك أن هذه المبادرة وإن جاءت متأخرةً كثيرًا، غير أنها تشِي بتوجُّهات عربيَّة توحي بأن أرض العمليَّات في العراق ستشهد حضورًا عربيًّا أكثر كثافة في محاولة لتطويق سلبيَّات الدور الإيراني وغياب الدور الأمريكي.
محمد عبد القادر
موقع أخبار البشير 2 من ذي الحجة 1431هـ / 8 من نوفمبر 2010م
أَطْلقت المملكة العربيَّة السعوديَّة مبادرةً أعلن عنها الملك عبد الله بن عبد العزيز، دعتْ فيها الكتل والقوى السياسيَّة العراقيَّة الرئيسيَّة إلى مؤتمر يُعقد في الرياض تحت رعاية الجامعة العربيَّة، وذلك من أجل التباحث حول السُّبُل الكفيلة بتشكيل الحكومة العراقيَّة التي لم ينجزْ تشكيلها على الرغم من مرور زهاء ثمانية أشهر على الانتخابات البرلمانيَّة التي عقدت في مارس الماضي.
تأتي المبادرة السعوديَّة كمحاولة لِحَلْحَلَة أزمة تشكيل الحكومة العراقيَّة التي يعترض تشكيلها تنوع المصالح الداخليَّة وتعارض الرؤى الإقليميَّة، وتجسد المبادرة إدراك المملكة أن هناك رهانات إقليميَّة (عربيَّة بصفة عامة وسعوديَّة بصفة خاصَّة) عديدة باتت تجابه بمشكلات تحول دون تحقُّقِها، لا سيَّما في ظلّ الصعوبات التي تعترض إعادة اعتلاء رئيس القائمة العراقيَّة إياد علاوي للحكومة العراقيَّة المقبلة، وذلك في ظلّ إصرار المالكي على التمسُّك بمنصب رئيس الوزراء، وفي ضوء فشل القائمة العراقيَّة في الحصول على تأييد القوى الكرديَّة والتحالف الوطني بشقَّيْه "الصدري" بقيادة مقتدى الصدر و"الحكيمي" بزعامة عمار الحكيم، وهو ما دفع علاوي إلى الانسحاب من السباق حول منصب رئيس الوزراء لصالح تأييد عادل عبد المهدي مرشح المجلس الأعلى الإسلامي.
سياق المبادرة
تأسَّست المبادرة السعوديَّة على إدراك أن ثمة توافقًا ضمنيًّا بين كل من الولايات المتحدة الأمريكيَّة وإيران بشأن ترشيح المالكي، ففيما يتعلَّق بواشنطن فقد بات واضحًا أنها لم تعدْ تراهن على تحقيق استقرار سياسي طويل الأَمَد في العراق، وإنما باتت تركِّز جهودَها على تشكيل الحكومة باعتباره هدفًا مرحليًّا من شأنه أن يتيح القدرة على الانسحاب من العراق بنهاية العام المقبل، وهي وإن كانت لا تعارض إعادة تولِّي المالكي لرئاسة الحكومة فهي ما زالت تُبدي إصرارًا على عدم تولي التيار الصدري أيًّا من الوزارات الأمنيَّة، وفيما يتعلَّق بإيران فقد استطاعت أن تثبتَ أنها رغم عدم تمتعها بالغلبَة المطلَقَة في ترجيح كفَّة أيٍّ من المرشحين لرئاسة الوزراء إلا أنها ما زالت تتمتَّع بالغلبة النسبيَّة بالمقارنة بمختلف القوى الإقليميَّة الأخرى.
وقد انعكس ذلك بوضوح في تحوُّل موقف التيار الصدري من مسألة ترشيح المالكي، فبعد أن كان يصرُّ على اختيار إبراهيم الجعفري، ويفضّل في حال عدم التوافق حياله أيًّا من مرشحي الائتلاف الوطني العراقي، فقد تخلَّى عن المجلس الإسلامي الأعلى بدعمه تولي نوري المالكي (عدوه التقليدي) لرئاسة الوزراء، ليكوِّن معه ما يطلق عليه "تحالف الأضداد".
وعلى الرغم من أن اتجاه الحكيم للتحالف مع علاوي بعد إعلان الأخير تأييده لتولي عادل عبد المهدي رئاسة الوزراء، إلا أن ذلك اصطدم باتجاه الكتلة الكرديَّة إلى التحالف مع المالكي، وذلك بعد أن أبدى الأخير قبولَه بكافَّة بنود "الورقة الكرديَّة" باستثناء البند الخاص بسقوط الحكومة حال انسحاب الوزراء الأكراد منها، وقد أعلن ذلك صراحةً رئيس حكومة إقليم كردستان برهم صالح حين أشار إلى أن الكتل البرلمانيَّة العراقيَّة أصبحتْ أقرب للتوافق على اختيار رئيس الحكومة الحالية نوري المالكي لرئاسة الحكومة المقبلة.
لذلك فقد جاءت المبادرة السعوديَّة في توقيت دقيق، يرتبط بتحقُّق شبه توافق على اختيار المالكي بين التيَّار الصدري والأكراد من جهة، وإيران والولايات المتحدة ذات الرؤيتَيْن المتعارضتَيْن المتقابلتين في نقطة واحدة (المالكي) من جهة أخرى، وترتبط المبادرة كذلك بموقف القائمة العراقيَّة، التي أعلنت أنها لن تشارك في حكومة يرأسها المالكي، وهو ما يعني حرمان مختلف القوى السنيَّة صاحبة المشاركة الأكبر في الانتخابات العراقيَّة الماضية من التمثيل في الحكومة العراقيَّة، بما قد يكون له تداعيات أمنيَّة وسياسيَّة وخيمة، فضلًا عن أن ذلك قد يُفضي إلى تشكيل حكومة تحمل بداخلها بذور تفكُّكها، بما قد يكون له تداعيات سلبيَّة ليس فقط على العراق وإنما أيضًا على محيطه الإقليمي.
القوى العراقيَّة
فيما رحَّبت القائمة العراقيَّة صاحبة العلاقات القويَّة مع بعض الدول العربيَّة بالمبادرة السعوديَّة، فقد رفضتْ بعض الأصوات من التحالف الوطني العراقي مقترح السعوديَّة لاستضافة محادثات بين الأطراف العراقيَّة لحل الأزمة القائمة، هذا فيما تحفَّظت بعض الأصوات الكرديَّة، والتي طالب بإفساح المجال أمام مبادرة الطاولة المستديرة، التي أطلقها مسعود برزاني رئيس إقليم شمال العراق.
وجاء رفض دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، بدعوى أن الكتل السياسيَّة العراقيَّة باتت قريبةً من إنهاء الأزمة، وفي هذا الإطار أصدر ائتلاف دولة القانون بيانًا أشار فيه إلى أنه على الرغم من تقدير قلق المملكة على الوضع في العراق، إلا أنه يحب أن يواصل الزعماء العراقيُّون اجتماعاتهم للتوصُّل إلى إجماع وطني، وأوضح البيان أن التحالف الكردستاني يؤيِّد بيان الائتلاف بشأن الدعوة السعوديَّة.
وترتبط المواقف العراقيَّة المتحفِّظة على الدعوة السعوديَّة سواء من حيث التوقيت أو المضمون بعدم الرغبة في التخلي عن المكاسب التي حقَّقتها بعض هذه القوى، لا سيَّما ائتلاف دولة القانون الذي يسعى إلى استغلال اللحظة الراهنة والظرف الإقليمي بعد قيام نوري المالكي بـ "زيارة تطمينات" و"تطبيع علاقات" مع عدد من الدول العربيَّة خلال الفترة الأخيرة منها دمشق والقاهرة والأردن وأنقرة، وذلك بغرض حسم الصراع المستعِر حول منصب رئيس الوزراء لصالحه، هذا فيما يحرص الأكراد بدورهم على استغلال الظرف الداخلي للحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب السياسيَّة، فيما من الصعب على المجلس الإسلامي الأعلى أن يغلب الرؤية السعوديَّة والعربيَّة على حساب التوجُّهات الإيرانيَّة.
دلالات المبادرة
دعت المبادرة السعوديَّة إلى أن يكون اجتماع الرياض برعاية الجامعة العربيَّة وذلك من أجل درْء الشبهات عن السعوديَّة وتأكيد أنها لا تتدخَّل في الشأن العراقي لترجيح كفَّة طرف على آخر، وإنما تعبِّر عن تحرُّك عربي يسعى إلى إنهاء الأزمة في العراق من خلال الاضطلاع بدور في تذليل العقبات وبناء التوافقات اللازمة لتشكيل الحكومة العراقيَّة، لا سيَّما وأن العراق من المفترَض أن يستضيف القمَّة العربيَّة المقبلة، كما أن أغلب القوى العراقيَّة ترمي بعبْء غياب الدور العربي في العراق على كاهل الدول العربيَّة نفسها باعتبارها تركت العراق لمشروعين أحدهما إقليمي بقيادة إيران والآخر دولي بقيادة الولايات المتحدة.
ومن ثَمَّ فقد عبَّرت المبادرة السعوديَّة عن عودة الدور العربي نسبيًّا إلى العراق، لا سيَّما أن ثمة مصادر أشارت إلى أن المبادرة جاءت بالتنسيق مع عدد من الدول العربيَّة الرئيسيَّة، غير أن عودة هذا الدور العربي إلى العراق مؤخرًا قد لا يساهم في إنهاء مشهد الأزمة في العراق بل إنه قد يضفي مزيدًا من التعقيد على هذا المشهد، كونه من ناحية سيعني لدى بعض القوى العراقيَّة محاولة من قبل الدول العربيَّة لدعم القوى السياسيَّة ذات التوجُّهات العروبيَّة (القائمة العراقيَّة)، وهو ما يدركه جيدًا ائتلاف دولة القانون، الذي طالما وجَّه انتقادات للمملكة ولبعض الدول العربيَّة الأخرى مدعيًا أنها لا تتخذ موقف الحياد، وإنما تدعم القائمة العراقيَّة ماديًّا وإعلاميًّا.
هذا بالإضافة إلى أن المبادرة قد أجَّلت اجتماع الرياض إلى ما بعد "موسم الحج"، وهو الأمر الذي سيدفع كلًّا من المالكي والأكراد إلى تكثيف جهودهم من أجل محاولة إنهاء أزمة تشكيل الحكومة العراقيَّة قبيل ذلك، سعيًا إلى تحقيق هدفين أساسيَّيْن:
أولهما، يتعلَّق بالحفاظ على المكتسبات التي حقَّقوها بعد ثمانية أشهر من اللقاءات المحليَّة والإقليميَّة والدوليَّة من أجل حلحَلَة الأزمة، وقد يعني ذلك تقديم مزيدٍ من الحوافز إلى القائمة العراقيَّة من أجل إقناعها بالمشاركة في الحكومة المقبلة من خلال محاولة منحها منصبي رئاسة المجلس السياسي للأمن الوطني ورئاسة البرلمان العراق في آنٍ واحد، وثانيهما، يرتبط بالرغبة في انعقاد البرلمان العراقي والاستجابة إلى قرار المحكمة الاتحاديَّة العليا التي طالبت البرلمان بإلغاء جلسته المفتوحة والعودة إلى الجلسات العاديَّة في مدة لا تتجاوز 14 يومًا بهدف إنهاء الأزمة التي تعوق تشكيل الحكومة، ويسعى المالكي إلى الحصول على أكبر قدرٍ من التوافق حول دعم ترشيحِه لرئاسة الحكومة، حتى يتمَّ تكليفه بتشكيل الحكومة بعد انعقاد أولى جلسات البرلمان.
لذلك من المحتمَل أن تدفع كل القوى العراقيَّة ثمن تأخُّر حسم مواقفها، فعلاوي بعدما راهن على رئاسته للحكومة طويلًا أصبح أملُه يتعلَّق بتشكيل حكومة لا يرأسها المالكي وحسب، أما التيَّار الصدري، بعدما غيَّر مواقفه بضغوط من إيران، باتت آماله تتركَّز في الحصول على مناصب وزاريَّة سياديَّة، أما بالنسبة للمجلس الإسلامي الأعلى فسيبقى خيار عدم المشاركة في الحكومة بالنسبة له خيارًا صعبًا، بما يعنيه من خروجه من المشهد السياسي العراقي الراهن خالي الوفاض، وقد يكون ذلك لفترة ليست بالقليلة، لذا فإن المجلس الإسلامي الأعلى قد يجد نفسه مضطَرًّا للمشاركة في حكومة لا يرأسها عبد المهدي تحت وطأة قدرة المالكي على تشكيل الحكومة بدونه.
وفيما يتعلَّق بالوضع الإقليمي فإن المبادرة السعوديَّة تؤشِّر إلى أنه من المرجَّح أن يتضاعف التدخُّل الإقليمي في شئون العراق خلال الفترة المقبلة، ذلك أن هذه المبادرة وإن جاءت متأخرةً كثيرًا، غير أنها تشِي بتوجُّهات عربيَّة توحي بأن أرض العمليَّات في العراق ستشهد حضورًا عربيًّا أكثر كثافة في محاولة لتطويق سلبيَّات الدور الإيراني وغياب الدور الأمريكي.
الإثنين أغسطس 15, 2011 4:07 pm من طرف Gulf Knight
» الوصول إلى أي مكان في العالم خلال أقل من ساعة هدف أميركي قد يتحقق اليوم
الإثنين أغسطس 15, 2011 4:02 pm من طرف Gulf Knight
» إسرائيل تبحث شراء وسائل قتالية أميركية مستعملة فى العراق
الإثنين أغسطس 15, 2011 4:00 pm من طرف Gulf Knight
» كتيبة بنيامين تجدد التأكيد على جهوزية الجيش الإسرائيلي لمواجهات سبتمبر
الإثنين أغسطس 15, 2011 3:59 pm من طرف Gulf Knight
» قبيل الانسحاب: العراق يتسلّم 22 مروحية مي-17 محدّثة من شركة ARINC الأميركية
الخميس أغسطس 11, 2011 6:30 pm من طرف Gulf Knight
» أفغانستان تتسلم 9 مروحيات "مي-17" من روسيا بحلول نهاية العام
الخميس أغسطس 11, 2011 6:29 pm من طرف Gulf Knight
» مناورات جوية لقوات دول الاتحاد السوفياتي السابق لمكافحة الإرهاب
الخميس أغسطس 11, 2011 6:28 pm من طرف Gulf Knight
» روسيا تطوّر نظامي الدفاع الجوي الجديدين: مارفي و فيتياز
الخميس أغسطس 11, 2011 6:27 pm من طرف Gulf Knight
» إختفاء صواريخ مضادة للدروع من معسكر إسرائيلي في الجولان
الخميس أغسطس 11, 2011 6:26 pm من طرف Gulf Knight
» إسرائيل تطور طائرة جديدة دون طيار
الخميس أغسطس 11, 2011 6:25 pm من طرف Gulf Knight
» إسقاط مروحية تشينوك في أفغانستان يودي بحياة 31 جندياً أميركياً و7 جنود أفغان
الخميس أغسطس 11, 2011 6:23 pm من طرف Gulf Knight
» دبابات الجيش السوري تقتحم مدينتي سراقب وقصير
الخميس أغسطس 11, 2011 6:22 pm من طرف Gulf Knight
» أحزاب الشيطان من طهران إلى العراق ولبنان
الخميس أغسطس 11, 2011 6:20 pm من طرف Gulf Knight
» سوريا وتركيا.. لقاء الوداع؟
الخميس أغسطس 11, 2011 6:19 pm من طرف Gulf Knight
» سوريا: تصورات نهاية النظام
الخميس أغسطس 11, 2011 6:19 pm من طرف Gulf Knight