من طرف صفقة أسلحة أمريكية سعودية كبيرة لدعم الرياض ضد إيران
مايكل نايتس
الجمعة 13 آب/أغسطس, 2010
عندما يعود الكونغرس الأمريكي من عطلته الصيفية بعد عيد العمال في الولايات المتحدة، ستقدم وزارة الدفاع الأمريكية إشعاراً غير رسمي عن نية واشنطن بيع ما تقدر قيمته بنحو ثلاثين مليار دولار من معدات عسكرية إلى المملكة العربية السعودية. إن الإتفاقية المحتملة هي جزء من التزام الولايات المتحدة الذي يعود إلى ما قبل إدارة أوباما بتقوية حلفائها الإقليميين في وجه التهديد المتنامي من إيران. وبالنسبة للسعوديين تمثل الصفقة عودة واضحة لاعتبار الولايات المتحدة المجهز الرئيسي لأسلحتها، وهي المكانة التي خاطر الأمريكيون بفقدها لصالح فرنسا -- كان ذلك في الآونة الأخيرة عام 2006.
الخلفية
إن التكلفة التقديرية للصفقة بين الولايات المتحدة والسعودية التي تقدر بحوالي 60 مليار دولار، كان قد تم ذكرها في [قناة] "بلومبيرغ". وقد أشارت مجلة "جين ديفينس الأسبوعية" التي استخدمت رقم 30 مليار دولار، بأن بإمكان الصيانة الدورية والتحسينات مضاعفة هذا المبلغ في النهاية. وتشمل الصفقة المقترحة ما يلي:
• أربع وثمانون طائرة مقاتلة جديدة من نوع بوينغ من طراز "إف-15" لتحل محل "إف-15 سي" و "إف-15 دي" القديمة من وسائل الدفاع الجوي المتنوعة التي تم شراؤها بين الأعوام 1978 و 1992.
• تحسينات لسبعين طائرة هجوم من طراز "إف-15 إس" متنوعة، والتي ربما تشمل ذخائر متطورة بعيدة المدى للطائرات.
• اثنان وسبعون مروحية من نوع "يو إتش 60" التي تنتجها شركة «يونايتد تكنولوجيز» الأمريكية، لتنضم إلى اثنتين وعشرين مروحية من نفس النوع التي يملكها السعوديون حالياً. وهناك أيضاً احتمال إضافة ستون مروحية "آباتشي لونغبو" من طراز "أي إتش 64 دي" التي تنتجها شركة "بوينغ"، وإجراء تحسينات لمروحيات "آباتشي" السعودية الإثني عشر الحالية من طراز "أي إتش 64 أي".
• ما يصل إلى خمسة مليارات دولار عن سفن دوريات [الحراسة] الحاملة للحوامات بالقرب من الشاطئ، من النوع المتطور.
• تحسينات لستة وتسعين من صواريخ "ريثيون باتريوت ذات القدرات المتطورة 2" التي زودتها الولايات المتحدة إلى السعوديين.
ومن المحتمل أن تصدر "وكالة التعاون الأمني الدفاعي التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية" إشعاراً رسمياً حول طلب بيع الأسلحة في منتصف تشرين الأول/أكتوبر من هذا العام. إن ذلك يعطي الكونغرس الأمريكيك ثلاثين يوماً للدعوة إلى تعديل أو إلغاء البيع، مما يسمح للإدارة الأمريكية بمعالجة القضية بعد انتخابات التجديد النصفي في الكونغرس في 2 تشرين الثاني/نوفمبر.
شراء منتجات أمريكية
وفقاً لـ "هيئة أبحاث الكونغرس"، اشترت المملكة العربية السعودية (بقيمة إجمالية للصفقات المبرمة) ما قيمته 4.1 مليار دولار عن خدمات ومنتجات أمريكية عسكرية بين الأعوام 2001 و 2004 (حيث جاءت ثانية كعميل بعد مصر) وما قيمته 11.2 مليار دولار من 2005 إلى 2008 (أعلى من أية دولة). وفي فترة لاحقة، مثلت المشتريات من مصادر أمريكية 40% مما دفعته الرياض، وهو 28.3 مليار دولار كإنفاق إجمالي على مشتريات عسكرية. ويوضح هذه النسبة العالية -- بصورة أساسية -- حاجة السعودية المستمرة لامتلاك وتطوير مخزونها من المعدات الأمريكية التي اشترتها منذ أواخر السبعينات من القرن الماضي.
إن قيام صفقات شراء جديدة وفق الجدول المذكور في الإتفاقية الأمريكية السعودية المقترحة هي نادرة جداً في السوق العالمي للشؤون الدفاعية هذه الأيام، بل هي أكثر ندرة في المملكة، التي منذ أواخر التسعينيات فصاعداً، خفضت من مشترياتها لأنظمة أسلحة جديدة لكي تركز الموارد على صيانة وتدريب قواتها المسلحة. يبدو أن هذه الاتفاقية الجديدة تعكس الإدراك السعودي بأنه يجب على المملكة أن تجهز نفسها بصورة أفضل لمواجهة التهديد الكامن الآتي من إيران. إن عنصراً هاماً من عناصر هذه الإستعدادات هو [التوصل إلى اتفاق] مع الولايات المتحدة حول ترتيبات توريد دفاعية قوية.
ويشكل التنوع مكون إضافي في سياسة شراء الأسلحة السعودية: في عام 2005 وقع السعوديون عقداً بقيمة ثمانية مليارات دولار لإنتاج مشترك مع البريطانيين لاثنتين وسبعين طائرة مقاتلة من نوع "يوروفايتر تايفون" متعددة الأدوار، والتي شملت التسليم المبكر لبعض الطائرات التي كان يُقصد تسليمها لـ "سلاح الجو الملكي البريطاني". كما أن الشركات الفرنسية والروسية كانت أيضاً نشطة في محاولة تزويد أسلحة للرياض. وتحديداً، فإنهم قد قاموا بتسويق قدرتهم على توفير التكنولوجيا المتطورة بدون شروط مسبقة، وبذلك يميزون أنفسهم عن المصنِّعين الأمريكيين الذين ربما تطبق عليهم قيود حول نقل التكنولوجيا المتقدمة إلى السعودية.
وبصرف النظر عن مكاسب البيع المالية، ينبغي على البيع المنتظر بين واشنطن والرياض أن يحقق هدف الولايات المتحدة حول تحسين التشغيل البيني في الشؤون الدفاعية بين السعودية والأعضاء الآخرين في "مجلس التعاون الخليجي". ويعتبر هذا التشغيل البيني عنصراً حيوياً في التصدي لتهديد محتمل بصواريخ باليستية من إيران. وتخطط الإمارات العربية المتحدة نفسها لشراء نظام متطور جداً لصواريخ أرض جو دفاعية من نوع "ثاد" من الولايات المتحدة، وهو نظام دفاعي للإرتفاعات العالية -- أي صورايخ اعتراضية في مناطق الإرتفاعات العالية الطرفية -- كما أعلنت الكويت قبل عدة أيام فقط عن خططها لعمليات تحسين بقيمة 900 مليون دولار لأنظمة صواريخ "باتريوت" أرض جو التي اشترتها من الولايات المتحدة.
نقل التكنولوجيا
عندما اشترت السعودية أول طائراتها من نوع "إف-15 سي" و "إف-15 دي" في عام 1978، فرضت الولايات المتحدة قيوداً على عدد الطائرات التي يمكن للمملكة أن تستخدمها في أي وقت (60 طائرة)، وعلى التكنولوجيا التي تم دمجها في الطائرة. ونتيجة لذلك فإن الأنواع المختلفة من طائرات "إف-15 إس" التي اشتراها السعوديون في عام 1993 شملت إلكترونيات طيران وأجهزة استشعار وطاقة حمل أسلحة أقل درجة من حيث التطور، ولم يُسمح للسعوديين بنشرها في القاعدة الجوية الرئيسية في "تبوك" القريبة من إسرائيل. غير أنه بمرور الوقت تمكنت السعودية من تطوير جميع نماذج طائراتها من نوع “إف 15” على مراحل. كما أنها أصبحت أيضاً حرة وخالية من القيود حول عدد طائراتها من نوع "إف 15" وخيارات نشرها في القواعد العسكرية كما تم إقرار ذلك [مسبقاً].
لكن البيع الحالي لطائرات "إف 15 إس" يمكن أن يحيي الجدل الذي حفلت به السنوات الماضية. فلم يتم الإعلان عن تفاصيل طائرات "إف 15 إس إي" (السعودية المتقدمة [باللغة الإنكليزية]) الجديدة، لكن وفقاً لصحيفة 'وول ستريت جورنال'، "يقول المسؤولون الأمريكيون إن 'إف 15 إس' المتضمنة في الصفقة ستكون طائرة 'ماهرة جداً' مقارنة بـ 'إف 15 إس' التي يقودها طيارو كوريا الجنوبية وسنغافورة". وهذا يعني أن طائرات "إف 15 إس إي" ربما تضارع أجهزة الإستشعار المتقدمة جداً مثل رادار المسح الالكتروني النشط ["إيسا" – AESA] لشركة "رايثون" من طراز "APG-63(V)3". بإمكان هذا الإكتساب أن يضع بالتالي قدرات الرادار السعودية في الطليعة، [أي] قبل قدرات إسرائيل، إلا إذا تم تعويض إسرائيل بإجراء مفاوضات لشراء "مقاتلات الهجوم المشترك" من طراز "إف 35" لشركة "لوكهيد مارتين" أو الموديلات المحسنة من طراز "إف 15". وربما تسعى السعودية أيضاً [لاقتناء] أسلحة دقيقة متقدمة مثل "صاروخ الهجوم البري ذو الرد الواسع في عمليات المواجهة" (SLAM-ER) لشركة "بوينغ" من طراز "AGM-84H" أو "صاروخ الضرب المشترك جو/أرض" لشركة "لوكهيد مارتين" من طاز "جاسم" (JASSM)، مع مدى يصل إلى 170 كم و 370 كم على التوالي. وتختلف الآراء حول ما إذا كانت تلك الأسلحة المسماة بأسلحة المواجهة أو الضرب، ستعرض على السعودية أم لا.
دلالات لصناع السياسة الأمريكيين
أمام الولايات المتحدة الكثير لتكسبه من حزمة الأسلحة التي تطلبها الرياض. وستقوي [هذه] الصفقة قطاع الدفاع الأمريكي بتوفير الإيرادات المطلوبة، وحماية الوظائف وحصة السوق. كما أن للطلب الحالي لواحق أخرى محتملة، حيث تفكر الرياض [بإجراء] مشتريات كبيرة من طائرات النقل الأمريكية، وطائرات نقل البترول [للتزود بالوقود]، وطائرات دوريات [الحراسة] البحرية، بالإضافة إلى الاستبدال المستقبلي لطائراتها من نوع "إف 15 إس" التي اشترتها من الولايات المتحدة، وكذلك طائرات الهجوم البريطانية من طراز "تورنادو".
كما من المهم كذلك، أن الصفقة تمثل اختباراً رئيسياً للعلاقات الأمريكية السعودية، والتزام الدولتين المشترك بردع التهديد الإيراني. وبصورة مماثلة، يقال إن السعوديين قد أجَّلوا نقاشاتهم مع فرنسا بخصوص برنامج للأبحاث النووية، مما يوفر للولايات المتحدة الفرصة لإظهار وسيلة بديلة لتطوير تكنولوجيا نووية تستطيع الرياض من خلالها إثبات رسوخها أمام طهران.
وتقوم الرياض بتغذية مدى -- هو الأوسع من نوعه -- من الروابط العسكرية ما بين جيشها وجيوش كل من تركيا وباكستان والهند وكوريا الجنوبية وروسيا، مما يجعلها حليفاً مفيداً للولايات المتحدة في سعيها لوضع استراتيجية إقليمية لاحتواء إيران. ومن خلال عادتها بإبرام صفقات شراء أسلحة لتحقيق ثقل سياسي، ربما تكون الرياض قادرة على استخدام نفوذها على مجهزي الأسلحة الآخرين المحتملين لطهران مثل روسيا والصين ودول الإتحاد السوفيتي السابق. وبالتحديد، يقال إن السعودية قد عبَّرت عن اهتمامها بصواريخ أرض جو روسية من طراز "S-300PMU-1" ولكن بشرط أن لا يتم تزويدها إلى إيران.
وأخيراً من الواضح أن الإسرائيليين قد تشجعوا وشعروا بالثقة بأن المعدات الجديدة الموجهة إلى الرياض يُقصد بها تعزيز الدفاعات ضد التهديد الإيراني. ووفقاً لمصادر الحكومة الأمريكية التي اقتُبست في صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن القلق حول طلب الأسلحة من جانب المسؤولين الإسرائيليين "قد تضاءل كلما فهموا أكثر طبيعة البيع المقترح وتشكيلة الأسلحة التي تتضمنه". لقد كان قلق الإسرائيليين من إمكانية قيام طيار سعودي بالتحليق في مهمة انتحارية، وتحطيم [طائرته] في مدينة إسرائيلية، أو ضرب هدفاً استراتيجياً مثل مفاعل "ديمونة" النووي. ومما زاد هذه المخاوف، قيام تنظيم «القاعدة» هذا الأسبوع بنشر تسجيل صوتي لنائب قائد فرعه في شبه الجزيرة العربية ("تنظيم «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية") سجين جوانتانامو السابق سعيد الشهري يعطي فيه تعليمات إلى المتعاطفين في القوات المسلحة السعودية لاغتيال الملك عبد الله والمواطنين الغربيين و "يطلب الشهادة في سماء فلسطين".
وفي حين يرجَّح استمرار المخاوف الأمنية، ينبغي أن يكون تركيز واشنطن على [تقديم] الدعم الدبلوماسي لحلفائها، وبذل جهود لتقويتهم ضد إيران. وتحقيقاً لهذه الغاية -- وقبل الإبرام النهائي على هذه االصفقة الأخيرة -- ينبغي على واشنطن أن تشجع الرياض على المشاركة بفاعلية أكبر في البنية التحتية الأمنية الإقليمية التي تقودها الولايات المتحدة. إن هذه الخطوة ستوفر أجوبة لشكاوى المسؤولين الأمريكيين بأن السعوديين يحضرون الإجتماعات لكنهم لا يضطلعون بدور قيادي.
مايكل نايتس
الجمعة 13 آب/أغسطس, 2010
عندما يعود الكونغرس الأمريكي من عطلته الصيفية بعد عيد العمال في الولايات المتحدة، ستقدم وزارة الدفاع الأمريكية إشعاراً غير رسمي عن نية واشنطن بيع ما تقدر قيمته بنحو ثلاثين مليار دولار من معدات عسكرية إلى المملكة العربية السعودية. إن الإتفاقية المحتملة هي جزء من التزام الولايات المتحدة الذي يعود إلى ما قبل إدارة أوباما بتقوية حلفائها الإقليميين في وجه التهديد المتنامي من إيران. وبالنسبة للسعوديين تمثل الصفقة عودة واضحة لاعتبار الولايات المتحدة المجهز الرئيسي لأسلحتها، وهي المكانة التي خاطر الأمريكيون بفقدها لصالح فرنسا -- كان ذلك في الآونة الأخيرة عام 2006.
الخلفية
إن التكلفة التقديرية للصفقة بين الولايات المتحدة والسعودية التي تقدر بحوالي 60 مليار دولار، كان قد تم ذكرها في [قناة] "بلومبيرغ". وقد أشارت مجلة "جين ديفينس الأسبوعية" التي استخدمت رقم 30 مليار دولار، بأن بإمكان الصيانة الدورية والتحسينات مضاعفة هذا المبلغ في النهاية. وتشمل الصفقة المقترحة ما يلي:
• أربع وثمانون طائرة مقاتلة جديدة من نوع بوينغ من طراز "إف-15" لتحل محل "إف-15 سي" و "إف-15 دي" القديمة من وسائل الدفاع الجوي المتنوعة التي تم شراؤها بين الأعوام 1978 و 1992.
• تحسينات لسبعين طائرة هجوم من طراز "إف-15 إس" متنوعة، والتي ربما تشمل ذخائر متطورة بعيدة المدى للطائرات.
• اثنان وسبعون مروحية من نوع "يو إتش 60" التي تنتجها شركة «يونايتد تكنولوجيز» الأمريكية، لتنضم إلى اثنتين وعشرين مروحية من نفس النوع التي يملكها السعوديون حالياً. وهناك أيضاً احتمال إضافة ستون مروحية "آباتشي لونغبو" من طراز "أي إتش 64 دي" التي تنتجها شركة "بوينغ"، وإجراء تحسينات لمروحيات "آباتشي" السعودية الإثني عشر الحالية من طراز "أي إتش 64 أي".
• ما يصل إلى خمسة مليارات دولار عن سفن دوريات [الحراسة] الحاملة للحوامات بالقرب من الشاطئ، من النوع المتطور.
• تحسينات لستة وتسعين من صواريخ "ريثيون باتريوت ذات القدرات المتطورة 2" التي زودتها الولايات المتحدة إلى السعوديين.
ومن المحتمل أن تصدر "وكالة التعاون الأمني الدفاعي التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية" إشعاراً رسمياً حول طلب بيع الأسلحة في منتصف تشرين الأول/أكتوبر من هذا العام. إن ذلك يعطي الكونغرس الأمريكيك ثلاثين يوماً للدعوة إلى تعديل أو إلغاء البيع، مما يسمح للإدارة الأمريكية بمعالجة القضية بعد انتخابات التجديد النصفي في الكونغرس في 2 تشرين الثاني/نوفمبر.
شراء منتجات أمريكية
وفقاً لـ "هيئة أبحاث الكونغرس"، اشترت المملكة العربية السعودية (بقيمة إجمالية للصفقات المبرمة) ما قيمته 4.1 مليار دولار عن خدمات ومنتجات أمريكية عسكرية بين الأعوام 2001 و 2004 (حيث جاءت ثانية كعميل بعد مصر) وما قيمته 11.2 مليار دولار من 2005 إلى 2008 (أعلى من أية دولة). وفي فترة لاحقة، مثلت المشتريات من مصادر أمريكية 40% مما دفعته الرياض، وهو 28.3 مليار دولار كإنفاق إجمالي على مشتريات عسكرية. ويوضح هذه النسبة العالية -- بصورة أساسية -- حاجة السعودية المستمرة لامتلاك وتطوير مخزونها من المعدات الأمريكية التي اشترتها منذ أواخر السبعينات من القرن الماضي.
إن قيام صفقات شراء جديدة وفق الجدول المذكور في الإتفاقية الأمريكية السعودية المقترحة هي نادرة جداً في السوق العالمي للشؤون الدفاعية هذه الأيام، بل هي أكثر ندرة في المملكة، التي منذ أواخر التسعينيات فصاعداً، خفضت من مشترياتها لأنظمة أسلحة جديدة لكي تركز الموارد على صيانة وتدريب قواتها المسلحة. يبدو أن هذه الاتفاقية الجديدة تعكس الإدراك السعودي بأنه يجب على المملكة أن تجهز نفسها بصورة أفضل لمواجهة التهديد الكامن الآتي من إيران. إن عنصراً هاماً من عناصر هذه الإستعدادات هو [التوصل إلى اتفاق] مع الولايات المتحدة حول ترتيبات توريد دفاعية قوية.
ويشكل التنوع مكون إضافي في سياسة شراء الأسلحة السعودية: في عام 2005 وقع السعوديون عقداً بقيمة ثمانية مليارات دولار لإنتاج مشترك مع البريطانيين لاثنتين وسبعين طائرة مقاتلة من نوع "يوروفايتر تايفون" متعددة الأدوار، والتي شملت التسليم المبكر لبعض الطائرات التي كان يُقصد تسليمها لـ "سلاح الجو الملكي البريطاني". كما أن الشركات الفرنسية والروسية كانت أيضاً نشطة في محاولة تزويد أسلحة للرياض. وتحديداً، فإنهم قد قاموا بتسويق قدرتهم على توفير التكنولوجيا المتطورة بدون شروط مسبقة، وبذلك يميزون أنفسهم عن المصنِّعين الأمريكيين الذين ربما تطبق عليهم قيود حول نقل التكنولوجيا المتقدمة إلى السعودية.
وبصرف النظر عن مكاسب البيع المالية، ينبغي على البيع المنتظر بين واشنطن والرياض أن يحقق هدف الولايات المتحدة حول تحسين التشغيل البيني في الشؤون الدفاعية بين السعودية والأعضاء الآخرين في "مجلس التعاون الخليجي". ويعتبر هذا التشغيل البيني عنصراً حيوياً في التصدي لتهديد محتمل بصواريخ باليستية من إيران. وتخطط الإمارات العربية المتحدة نفسها لشراء نظام متطور جداً لصواريخ أرض جو دفاعية من نوع "ثاد" من الولايات المتحدة، وهو نظام دفاعي للإرتفاعات العالية -- أي صورايخ اعتراضية في مناطق الإرتفاعات العالية الطرفية -- كما أعلنت الكويت قبل عدة أيام فقط عن خططها لعمليات تحسين بقيمة 900 مليون دولار لأنظمة صواريخ "باتريوت" أرض جو التي اشترتها من الولايات المتحدة.
نقل التكنولوجيا
عندما اشترت السعودية أول طائراتها من نوع "إف-15 سي" و "إف-15 دي" في عام 1978، فرضت الولايات المتحدة قيوداً على عدد الطائرات التي يمكن للمملكة أن تستخدمها في أي وقت (60 طائرة)، وعلى التكنولوجيا التي تم دمجها في الطائرة. ونتيجة لذلك فإن الأنواع المختلفة من طائرات "إف-15 إس" التي اشتراها السعوديون في عام 1993 شملت إلكترونيات طيران وأجهزة استشعار وطاقة حمل أسلحة أقل درجة من حيث التطور، ولم يُسمح للسعوديين بنشرها في القاعدة الجوية الرئيسية في "تبوك" القريبة من إسرائيل. غير أنه بمرور الوقت تمكنت السعودية من تطوير جميع نماذج طائراتها من نوع “إف 15” على مراحل. كما أنها أصبحت أيضاً حرة وخالية من القيود حول عدد طائراتها من نوع "إف 15" وخيارات نشرها في القواعد العسكرية كما تم إقرار ذلك [مسبقاً].
لكن البيع الحالي لطائرات "إف 15 إس" يمكن أن يحيي الجدل الذي حفلت به السنوات الماضية. فلم يتم الإعلان عن تفاصيل طائرات "إف 15 إس إي" (السعودية المتقدمة [باللغة الإنكليزية]) الجديدة، لكن وفقاً لصحيفة 'وول ستريت جورنال'، "يقول المسؤولون الأمريكيون إن 'إف 15 إس' المتضمنة في الصفقة ستكون طائرة 'ماهرة جداً' مقارنة بـ 'إف 15 إس' التي يقودها طيارو كوريا الجنوبية وسنغافورة". وهذا يعني أن طائرات "إف 15 إس إي" ربما تضارع أجهزة الإستشعار المتقدمة جداً مثل رادار المسح الالكتروني النشط ["إيسا" – AESA] لشركة "رايثون" من طراز "APG-63(V)3". بإمكان هذا الإكتساب أن يضع بالتالي قدرات الرادار السعودية في الطليعة، [أي] قبل قدرات إسرائيل، إلا إذا تم تعويض إسرائيل بإجراء مفاوضات لشراء "مقاتلات الهجوم المشترك" من طراز "إف 35" لشركة "لوكهيد مارتين" أو الموديلات المحسنة من طراز "إف 15". وربما تسعى السعودية أيضاً [لاقتناء] أسلحة دقيقة متقدمة مثل "صاروخ الهجوم البري ذو الرد الواسع في عمليات المواجهة" (SLAM-ER) لشركة "بوينغ" من طراز "AGM-84H" أو "صاروخ الضرب المشترك جو/أرض" لشركة "لوكهيد مارتين" من طاز "جاسم" (JASSM)، مع مدى يصل إلى 170 كم و 370 كم على التوالي. وتختلف الآراء حول ما إذا كانت تلك الأسلحة المسماة بأسلحة المواجهة أو الضرب، ستعرض على السعودية أم لا.
دلالات لصناع السياسة الأمريكيين
أمام الولايات المتحدة الكثير لتكسبه من حزمة الأسلحة التي تطلبها الرياض. وستقوي [هذه] الصفقة قطاع الدفاع الأمريكي بتوفير الإيرادات المطلوبة، وحماية الوظائف وحصة السوق. كما أن للطلب الحالي لواحق أخرى محتملة، حيث تفكر الرياض [بإجراء] مشتريات كبيرة من طائرات النقل الأمريكية، وطائرات نقل البترول [للتزود بالوقود]، وطائرات دوريات [الحراسة] البحرية، بالإضافة إلى الاستبدال المستقبلي لطائراتها من نوع "إف 15 إس" التي اشترتها من الولايات المتحدة، وكذلك طائرات الهجوم البريطانية من طراز "تورنادو".
كما من المهم كذلك، أن الصفقة تمثل اختباراً رئيسياً للعلاقات الأمريكية السعودية، والتزام الدولتين المشترك بردع التهديد الإيراني. وبصورة مماثلة، يقال إن السعوديين قد أجَّلوا نقاشاتهم مع فرنسا بخصوص برنامج للأبحاث النووية، مما يوفر للولايات المتحدة الفرصة لإظهار وسيلة بديلة لتطوير تكنولوجيا نووية تستطيع الرياض من خلالها إثبات رسوخها أمام طهران.
وتقوم الرياض بتغذية مدى -- هو الأوسع من نوعه -- من الروابط العسكرية ما بين جيشها وجيوش كل من تركيا وباكستان والهند وكوريا الجنوبية وروسيا، مما يجعلها حليفاً مفيداً للولايات المتحدة في سعيها لوضع استراتيجية إقليمية لاحتواء إيران. ومن خلال عادتها بإبرام صفقات شراء أسلحة لتحقيق ثقل سياسي، ربما تكون الرياض قادرة على استخدام نفوذها على مجهزي الأسلحة الآخرين المحتملين لطهران مثل روسيا والصين ودول الإتحاد السوفيتي السابق. وبالتحديد، يقال إن السعودية قد عبَّرت عن اهتمامها بصواريخ أرض جو روسية من طراز "S-300PMU-1" ولكن بشرط أن لا يتم تزويدها إلى إيران.
وأخيراً من الواضح أن الإسرائيليين قد تشجعوا وشعروا بالثقة بأن المعدات الجديدة الموجهة إلى الرياض يُقصد بها تعزيز الدفاعات ضد التهديد الإيراني. ووفقاً لمصادر الحكومة الأمريكية التي اقتُبست في صحيفة "وول ستريت جورنال"، فإن القلق حول طلب الأسلحة من جانب المسؤولين الإسرائيليين "قد تضاءل كلما فهموا أكثر طبيعة البيع المقترح وتشكيلة الأسلحة التي تتضمنه". لقد كان قلق الإسرائيليين من إمكانية قيام طيار سعودي بالتحليق في مهمة انتحارية، وتحطيم [طائرته] في مدينة إسرائيلية، أو ضرب هدفاً استراتيجياً مثل مفاعل "ديمونة" النووي. ومما زاد هذه المخاوف، قيام تنظيم «القاعدة» هذا الأسبوع بنشر تسجيل صوتي لنائب قائد فرعه في شبه الجزيرة العربية ("تنظيم «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية") سجين جوانتانامو السابق سعيد الشهري يعطي فيه تعليمات إلى المتعاطفين في القوات المسلحة السعودية لاغتيال الملك عبد الله والمواطنين الغربيين و "يطلب الشهادة في سماء فلسطين".
وفي حين يرجَّح استمرار المخاوف الأمنية، ينبغي أن يكون تركيز واشنطن على [تقديم] الدعم الدبلوماسي لحلفائها، وبذل جهود لتقويتهم ضد إيران. وتحقيقاً لهذه الغاية -- وقبل الإبرام النهائي على هذه االصفقة الأخيرة -- ينبغي على واشنطن أن تشجع الرياض على المشاركة بفاعلية أكبر في البنية التحتية الأمنية الإقليمية التي تقودها الولايات المتحدة. إن هذه الخطوة ستوفر أجوبة لشكاوى المسؤولين الأمريكيين بأن السعوديين يحضرون الإجتماعات لكنهم لا يضطلعون بدور قيادي.
» الوصول إلى أي مكان في العالم خلال أقل من ساعة هدف أميركي قد يتحقق اليوم
» إسرائيل تبحث شراء وسائل قتالية أميركية مستعملة فى العراق
» كتيبة بنيامين تجدد التأكيد على جهوزية الجيش الإسرائيلي لمواجهات سبتمبر
» قبيل الانسحاب: العراق يتسلّم 22 مروحية مي-17 محدّثة من شركة ARINC الأميركية
» أفغانستان تتسلم 9 مروحيات "مي-17" من روسيا بحلول نهاية العام
» مناورات جوية لقوات دول الاتحاد السوفياتي السابق لمكافحة الإرهاب
» روسيا تطوّر نظامي الدفاع الجوي الجديدين: مارفي و فيتياز
» إختفاء صواريخ مضادة للدروع من معسكر إسرائيلي في الجولان
» إسرائيل تطور طائرة جديدة دون طيار
» إسقاط مروحية تشينوك في أفغانستان يودي بحياة 31 جندياً أميركياً و7 جنود أفغان
» دبابات الجيش السوري تقتحم مدينتي سراقب وقصير
» أحزاب الشيطان من طهران إلى العراق ولبنان
» سوريا وتركيا.. لقاء الوداع؟
» سوريا: تصورات نهاية النظام