خطة استراتيجية رباعية الأبعاد لتعزيز أداء قوى الأمن الداخلي اللبناني
5:24 PM 2011-07-20
زينة عمران
تشهد مؤسسة قوى الأمن الداخلي في لبنان عملية جدية لوضع خطة استراتيجية تنظم عمل قواها وتعززها من حيث الكفاءة والتطور والالتزام، بعدما كشفت الحوادث الأمنية التي شهدتها الساحة اللبنانية منذ واقعة اغتيال الرئيس السابق للحكومة اللبنانية رفيق الحريري، عام 2005، عن ضعف في أداء عناصر المؤسسة في التعامل مع أحداث من هذا المستوى، وعدم جاهزيتها من حيث العديد والعتاد.
وفي حديث خاص لموقع الأمن والدفاع العربي - SDA ، أوضح رئيس شعبة التخطيط والتنظيم في المؤسسة، العميد بيار نصار، أنه بنتيجة المراجعة والتقييم، إتضح أن عمل قوى الأمن الداخلي كان قائما على رد الفعل على الأحداث، في ظل غياب استراتيجية عمل واضحة تتضمن تنظيم إدارة مسرح الجريمة ومعالجته، ووسط محدودية الإمكانات اللوجستية. فكان من الضروري معالجة تلك الثغرات وتفعيل مكافحة الإرهاب، لاسيما مع نمو عمل الخلايا الإرهابية وتسارع الأحداث.
وأضاف العميد نصار أنه مع تقديم الدول المانحة للمساعدات في هذا الإطار، برزت الحاجة إلى تحديد الحاجات والأولويات. لذلك تم اعتماد شعبة التخطيط والتنظيم نواةً لمشروع التخطيط الاستراتيجي، بحيث يكون رئيسها المستشار واليد اليمنى للمدير العام ومجلس القيادة، ومهمتها إعداد التصور العام والخطوط العريضة لعمل المؤسسة.
بعدما أجرى المسؤولون في قوى الأمن الداخلي مراجعةً لمعرفة نقاط الضعف والخلل والقوة، أبدت الحكومة البريطانية استعدادها للمساعدة في إيجاد آلية العمل في المشروع الإصلاحي والتطويري، وأخذت على عاتقها تدريب الفريق المضطلع بالمهمة وتأهيله ليكون بكامل جاهزيته ومستعدا للانطلاق في العمل.
وتم بالتالي، في العام 2008، توقيع مذكرة تفاهم مع مديرية قوى الأمن الداخلي بعنوان "التخطيط الاستراتيجي وحقوق الإنسان والتواصل مع المواطنين"، لاسيما أن قوى الأمن الداخلي على تماس متواصل مع المواطنين، وتعمل من أجل حمايتهم وتطبيق القانون ضمن المجتمع.
ولوضع قاعدة للانطلاق، أكد نصار أنه كان لا بد من تحديد مؤشرات يتم على أساسها قياس مستوى الأداء وكيفية تطوره؛ فلجأت المؤسسة إلى شركة إحصاء محايدة (إيبسوس) لتبيان مدى رضا المواطنين عن الأداء الأمني. وبعد استفتاء 1200 مواطن، إتضح أن النسبة لا تتخطى 14%.
وأرجع العميد نصار تلك النتيجة إلى أن مؤسسة قوى الأمن شهدت تراجعا في الأداء وزيادة في استياء المواطنين في الفترة الأخيرة نتيجة للتطويع السريع للعناصر دون إعدادهم بشكل كاف، جراء الاضطرار إلى تعبئة الفراغ الأمني فورا إثر إعادة انتشار الجيش وتموضعه جنوبا بعد حرب تموز 2006.
إستنادا إلى الواقع على الأرض، قامت ورش عمل داخل المؤسسة، ضمت كل ورشة 20 ضابطا من أكفأ قيادات الأمن الداخلي من اختصاصات متعددة، وتم تحديد المشاكل ونقاط الضعف وتفصيلها، ووُضعت على أساسها خطط المعالجة وفقا للأولوية؛ من أجل إعادة بناء الثقة بين المواطن وعناصر قوى الأمن.
ومن أبرز العقبات التي ظهرت أمام الضباط، الواسطة والمحسوبية والفساد وآلية التعيين والتطويع، وغياب الشفافية والجدية والمعرفة والمهنية.
مشكلة تواصل
أظهرت الإحصائيات أن رضا المواطنين سيزداد بنسبة 60% في حال التزم العناصر بالأخلاقيات العالية واللياقة والتهذيب والشفافية والحزم، وتطبيق القانون على الجميع، والتعامل بمهنية واحتراف.
لذا، قرر الضباط في شعبة التخطيط والتنظيم اعتماد إعداد العنصر البشري من بين الأولويات الأربعة التي سيبدأ العمل عليها في الخطة التي تتم بلورتها حاليا، حيث سيتم العمل على عنصر قوى الأمن وتعزيز كفاءته وتطوير مستواه العلمي، لتعزيز ثقة الناس في حكم القانون.
وكمرحلة أولى سيتم العمل على صعيد 4 أولويات، يتم تطبيقها وفقا للإمكانيات:
تعزيز حقوق الإنسان في قوى الأمن الداخلي
العمل على مكافحة الجريمة
تعزيز كفاءة عناصر قوى الأمن الداخلي
العمل على تحسين معالجة المرور
على أن يرافق هذه المساعي مراقبة وتقييم مستمرين من أجل تحقيق تطوير دائم، وإنشاء آلية عمل مستديمة.
بالإضافة إلى تلك الأولويات، يسعى القيمون على المؤسسة إلى الحد من التدخل السياسي في قرارات وعمل قوى الأمن الداخلي، لكن لا بد من اتخاذ قرار جدي على مستوى أصحاب القرار في المؤسسة وأجهزة السلطة في الدولة، وفقاً للعميد نصار.
تعزيز حقوق الإنسان
كانت الخطوة الأولى لتعزيز مفهوم احترام حقوق الإنسان لدى عناصر قوى الأمن الداخلي، حسب العميد نصار، هي صدور المرسوم 755 القاضي بإنشاء قسم لحقوق الإنسان في مؤسسة قوى الأمن الداخلي، على أن يكون تابعا للمفتشية العامة؛ وكان أول رئيس له العميد (المتقاعد حاليا) ناجي ملاعب.
ولتعميم ثقافة حقوق الإنسان، صدرت تعليمات ومذكرات خدمة في مناسبات عدة. لكن المشروع الأبرز كان وضع مدونة "قواعد سلوك رجل الأمن الداخلي" حددت الرؤية الأساسية للمؤسسة الأمنية بـ"أن نكون على قدر آمال المواطنين ونحظى بكامل ثقتهم".
أما رسالة قوى الأمن الداخلي فقد أرادها القيمون أن تكون "خدمة المواطنين بالمحافظة على الأمن والنظام، ومكافحة الجريمة من خلال التحقيقات الفعالة، والحدّ من الجرائم وتوقيف الفاعلين"، مؤكدين تطبيقهم القانون بشكل متساو على الجميع وحماية حقوق المواطنين وممتلكاتهم، وتسهيل حياتهم اليوميّة؛ من خلال استثمار الموارد المتوافرة كافة بأفضل ما يمكن.
وتضيء المدونة على قيم احترام حقوق الإنسان، والاستقامة والنزاهة، والعدالة والمساواة، والمهنية واللياقة، والقدوة في القيادة (البدء بالذات والتعامل مع العناصر بالشكل المطلوب).
وللبدء بتطبيق المدونة عمليا، تم إعداد نواة من الضباط لتعليم مضمون المدونة وتفسيره للعناصر، من أجل الالتزام بها واعتمادها نمط حياة وأسلوب عمل.
وبما أن المدوّنة تنص على تفعيل مبدأي المحاسبة والثواب والعقاب، وتوفير طريقة واضحة وسليمة للمواطن الذي يتعرض لإساءة من أي نوع، لتقديم شكوى وتحصيل حقوقه؛ برزت ضرورة إعداد المواطن أمنيا وتوعيته والإضاءة على حقوقه وواجباته، من خلال تفعيل دور الإعلام الأمني.
تعتبر المدونة مشروعا رائدا في المنطقة، يتطلب تنفيذه بالكامل فترة تتراوح بين سنة أو سنتين؛ وتم إعدادها بالتعاون مع المجتمع الأهلي والمنظمات غير الحكومية ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان.
ولفت العميد نصار إلى أن مدونة "قواعد سلوك رجل الأمن الداخلي" تُعد "أول مدوّنة لشرطة عربية مباركة من الأطر الدولية وملتزمة بشرعة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان"، متمنيا تعميم هذه الثقافة في العالم العربي من خلال الممارسات الصحيحة.
مكافحة الجريمة
إتُخذت خطوات عدة في سبيل تطوير مستوى مكافحة الجريمة، وصفها العميد نصار بالعملية المستديمة المرتكزة على تعزيز الكفاءة والتدريب، وإقامة دورات إعدادية وتدريبية محلية وخارجية، بالتعاون مع أجهزة الشرطة العربية والعالمية.
ومن ضمن المشاريع المُنفذة مع الاتحاد الأوروبي، مشروع تصميم مسرح جريمة نموذجي في معهد قوى الأمن الداخلي، يهدف إلى تدريب عناصر الأمن على إدارة المسرح والتعرف على الأدلة الجرمية، بالإضافة إلى تحديد وتنسيق أدوار كل فئة من عناصر الأمن الذين يتواجد إلى جانبهم قضاة التحقيق، وأفراد الجيش والدفاع المدني والصليب الأحمر. ويتم تنفيذ المشروع بالتعاون بين وزارتي الداخلية والعدل.
كما تسعى المؤسسة إلى تأمين تجهيزات حديثة ومتطورة لفك ألغاز الجرائم؛ ومن المساعدات القيمة التي حصلت عليها من المملكة العربية السعودية المختبر البيولوجي الموجود في ثكنة إميل الحلو في بيروت، والذي ساهم بشكل فعال في تحديد هوية ضحايا الطائرة الأثيوبية التي سقطت قبالة شواطئ العاصمة اللبنانية، في كانون الثاني/ يناير 2010، عبر فحوص البصمة الجينية "دي أن ايه".
رفع كفاءة عناصر قوى الأمن الداخلي
أوضح العميد نصار أن رفع كفاءة عناصر قوى الأمن الداخلي تتم في البدء من خلال تحسين شروط التطوع والتشدد في معايير القبول، لاختيار الأفضل لخدمة الشعب.
وقد نص القانون 17/1990 على رفع المستوى العلمي للمتطوعين، والبحث عن الكفاءات.
وقال رئيس شعبة التخطيط والتنظيم أن الاستراتيجية تشمل إخضاع العناصر جميعا، ضباطا وأفرادا، لدورات تثقيفية وتدريبية في مختلف المجالات، لمواكبة المعايير الدولية للأداء الشرطي، مشيدا بالتعاون والتنسيق الدائم وتبادل الخبرات في هذا المجال مع المؤسسات الأمنية في الدول العربية، كجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية في الرياض، وأجهزة الشرطة في قطر والأردن ودبي وأبو ظبي.
وكمثال على إعداد العناصر للتفاعل بشكل أفضل مع المجتمع، أشار العميد نصار إلى مشروع "الشرطة المجتمعية" المُقام برعاية وتدريب أميركيين، حيث أن عمل قوى الأمن الداخلي هو ثقافة حياة وأسلوب تعامل مع المواطنين.
ونوّه العميد نصار بالتعاون الدائم والمستديم مع فرنسا في مجال التدريب، معتبرا أن هذا التعاون حفّز الدول الأخرى على الانفتاح على لبنان.
معالجة مشكلة المرور
في هذا الإطار، إعتبر العميد نصار أن القيادة مسألة ثقافة وتربية، مشدّدا على أن مشكلة المرور ليست مشكلة قوى الأمن منفردة، بل تتقاطع مع مجال اختصاص وزارات الأشغال، الطاقة، التعليم، الإعلام؛ في حين ينحصر دور عناصر قوى الأمن في تنظيم مشاكل المرور لدى الازدحام.
ورأى العميد نصار أنه، إستنادا إلى تشعب هذه المعضلة، يجب وضع استراتيجية وطنية من خلال مجلس الوزراء، لضمان التنسيق على مستوى جميع الوزارات، ولفت إلى دور البلديات من ناحية صيانة الطرقات الداخلية وتنظيمها، مطالبا بالأخذ بالاعتبار مسألة التنظيم المدني.
بين الواقع والمرتجى
وعن الوقت المطلوب لتمكين الاستراتيجية الجديدة لمؤسسة الأمن الداخلي من إعطاء ثمارها، أكد العميد نصار ثقته بأن الخطة ستعطي النتائج المرجوة، لكنها بحاجة إلى وقت لتعميم هذه الثقافة على المؤسسة والمواطنين، "وبين الواقع والمرتجى هناك ثغرات يجب تخطيها، مع الحرص على التفاعل مع المجتمع، وقياس مستويات ثقته ورضاه عن الأداء بشكل دوري، كمؤشر على نجاحنا وتقدمنا".
وفي ما يتعلق بتغيير منهج المؤسسة وفقا للتغيرات السياسية في لبنان، طمأن أنه لدى العمل بمبادئ واضحة، لا تتغير الاستراتيجية بل ربما الآلية التنفيذية، وفق التصورات المختلفة، مع التركيز الدائم على أن مصلحة المواطن تأتي في المقدمة.
وقال رئيس شعبة التخطيط والتنظيم، العميد بيار نصار، أنه "للوصول إلى نتائج جيدة نحن بحاجة إلى قرار صحيح، ولكن إن لم يكن هناك التزام بالقرار، فلن توجد نتيجة وستضيع الجهود."
في الإجمال، تبدو الاستراتيجية الجديدة لقوى الأمن الداخلي واعدة ومبشرة بحياة مدنية أفضل، ولكن هل سيرى اللبنانيون نتائجها على أرض الواقع قريبا؟ وهل سيثـقـون بوعود إصلاح أخرى؟ لا شك أن الأمل بغد آمن ما زال حلما يطمح الشعب اللبناني إليه، وهذه فرصة حقيقية للسلطات المعنية لتحويل ما تم تخطيطه على الورق إلى واقع ملموس.
5:24 PM 2011-07-20
زينة عمران
تشهد مؤسسة قوى الأمن الداخلي في لبنان عملية جدية لوضع خطة استراتيجية تنظم عمل قواها وتعززها من حيث الكفاءة والتطور والالتزام، بعدما كشفت الحوادث الأمنية التي شهدتها الساحة اللبنانية منذ واقعة اغتيال الرئيس السابق للحكومة اللبنانية رفيق الحريري، عام 2005، عن ضعف في أداء عناصر المؤسسة في التعامل مع أحداث من هذا المستوى، وعدم جاهزيتها من حيث العديد والعتاد.
وفي حديث خاص لموقع الأمن والدفاع العربي - SDA ، أوضح رئيس شعبة التخطيط والتنظيم في المؤسسة، العميد بيار نصار، أنه بنتيجة المراجعة والتقييم، إتضح أن عمل قوى الأمن الداخلي كان قائما على رد الفعل على الأحداث، في ظل غياب استراتيجية عمل واضحة تتضمن تنظيم إدارة مسرح الجريمة ومعالجته، ووسط محدودية الإمكانات اللوجستية. فكان من الضروري معالجة تلك الثغرات وتفعيل مكافحة الإرهاب، لاسيما مع نمو عمل الخلايا الإرهابية وتسارع الأحداث.
وأضاف العميد نصار أنه مع تقديم الدول المانحة للمساعدات في هذا الإطار، برزت الحاجة إلى تحديد الحاجات والأولويات. لذلك تم اعتماد شعبة التخطيط والتنظيم نواةً لمشروع التخطيط الاستراتيجي، بحيث يكون رئيسها المستشار واليد اليمنى للمدير العام ومجلس القيادة، ومهمتها إعداد التصور العام والخطوط العريضة لعمل المؤسسة.
بعدما أجرى المسؤولون في قوى الأمن الداخلي مراجعةً لمعرفة نقاط الضعف والخلل والقوة، أبدت الحكومة البريطانية استعدادها للمساعدة في إيجاد آلية العمل في المشروع الإصلاحي والتطويري، وأخذت على عاتقها تدريب الفريق المضطلع بالمهمة وتأهيله ليكون بكامل جاهزيته ومستعدا للانطلاق في العمل.
وتم بالتالي، في العام 2008، توقيع مذكرة تفاهم مع مديرية قوى الأمن الداخلي بعنوان "التخطيط الاستراتيجي وحقوق الإنسان والتواصل مع المواطنين"، لاسيما أن قوى الأمن الداخلي على تماس متواصل مع المواطنين، وتعمل من أجل حمايتهم وتطبيق القانون ضمن المجتمع.
ولوضع قاعدة للانطلاق، أكد نصار أنه كان لا بد من تحديد مؤشرات يتم على أساسها قياس مستوى الأداء وكيفية تطوره؛ فلجأت المؤسسة إلى شركة إحصاء محايدة (إيبسوس) لتبيان مدى رضا المواطنين عن الأداء الأمني. وبعد استفتاء 1200 مواطن، إتضح أن النسبة لا تتخطى 14%.
وأرجع العميد نصار تلك النتيجة إلى أن مؤسسة قوى الأمن شهدت تراجعا في الأداء وزيادة في استياء المواطنين في الفترة الأخيرة نتيجة للتطويع السريع للعناصر دون إعدادهم بشكل كاف، جراء الاضطرار إلى تعبئة الفراغ الأمني فورا إثر إعادة انتشار الجيش وتموضعه جنوبا بعد حرب تموز 2006.
إستنادا إلى الواقع على الأرض، قامت ورش عمل داخل المؤسسة، ضمت كل ورشة 20 ضابطا من أكفأ قيادات الأمن الداخلي من اختصاصات متعددة، وتم تحديد المشاكل ونقاط الضعف وتفصيلها، ووُضعت على أساسها خطط المعالجة وفقا للأولوية؛ من أجل إعادة بناء الثقة بين المواطن وعناصر قوى الأمن.
ومن أبرز العقبات التي ظهرت أمام الضباط، الواسطة والمحسوبية والفساد وآلية التعيين والتطويع، وغياب الشفافية والجدية والمعرفة والمهنية.
مشكلة تواصل
أظهرت الإحصائيات أن رضا المواطنين سيزداد بنسبة 60% في حال التزم العناصر بالأخلاقيات العالية واللياقة والتهذيب والشفافية والحزم، وتطبيق القانون على الجميع، والتعامل بمهنية واحتراف.
لذا، قرر الضباط في شعبة التخطيط والتنظيم اعتماد إعداد العنصر البشري من بين الأولويات الأربعة التي سيبدأ العمل عليها في الخطة التي تتم بلورتها حاليا، حيث سيتم العمل على عنصر قوى الأمن وتعزيز كفاءته وتطوير مستواه العلمي، لتعزيز ثقة الناس في حكم القانون.
وكمرحلة أولى سيتم العمل على صعيد 4 أولويات، يتم تطبيقها وفقا للإمكانيات:
تعزيز حقوق الإنسان في قوى الأمن الداخلي
العمل على مكافحة الجريمة
تعزيز كفاءة عناصر قوى الأمن الداخلي
العمل على تحسين معالجة المرور
على أن يرافق هذه المساعي مراقبة وتقييم مستمرين من أجل تحقيق تطوير دائم، وإنشاء آلية عمل مستديمة.
بالإضافة إلى تلك الأولويات، يسعى القيمون على المؤسسة إلى الحد من التدخل السياسي في قرارات وعمل قوى الأمن الداخلي، لكن لا بد من اتخاذ قرار جدي على مستوى أصحاب القرار في المؤسسة وأجهزة السلطة في الدولة، وفقاً للعميد نصار.
تعزيز حقوق الإنسان
كانت الخطوة الأولى لتعزيز مفهوم احترام حقوق الإنسان لدى عناصر قوى الأمن الداخلي، حسب العميد نصار، هي صدور المرسوم 755 القاضي بإنشاء قسم لحقوق الإنسان في مؤسسة قوى الأمن الداخلي، على أن يكون تابعا للمفتشية العامة؛ وكان أول رئيس له العميد (المتقاعد حاليا) ناجي ملاعب.
ولتعميم ثقافة حقوق الإنسان، صدرت تعليمات ومذكرات خدمة في مناسبات عدة. لكن المشروع الأبرز كان وضع مدونة "قواعد سلوك رجل الأمن الداخلي" حددت الرؤية الأساسية للمؤسسة الأمنية بـ"أن نكون على قدر آمال المواطنين ونحظى بكامل ثقتهم".
أما رسالة قوى الأمن الداخلي فقد أرادها القيمون أن تكون "خدمة المواطنين بالمحافظة على الأمن والنظام، ومكافحة الجريمة من خلال التحقيقات الفعالة، والحدّ من الجرائم وتوقيف الفاعلين"، مؤكدين تطبيقهم القانون بشكل متساو على الجميع وحماية حقوق المواطنين وممتلكاتهم، وتسهيل حياتهم اليوميّة؛ من خلال استثمار الموارد المتوافرة كافة بأفضل ما يمكن.
وتضيء المدونة على قيم احترام حقوق الإنسان، والاستقامة والنزاهة، والعدالة والمساواة، والمهنية واللياقة، والقدوة في القيادة (البدء بالذات والتعامل مع العناصر بالشكل المطلوب).
وللبدء بتطبيق المدونة عمليا، تم إعداد نواة من الضباط لتعليم مضمون المدونة وتفسيره للعناصر، من أجل الالتزام بها واعتمادها نمط حياة وأسلوب عمل.
وبما أن المدوّنة تنص على تفعيل مبدأي المحاسبة والثواب والعقاب، وتوفير طريقة واضحة وسليمة للمواطن الذي يتعرض لإساءة من أي نوع، لتقديم شكوى وتحصيل حقوقه؛ برزت ضرورة إعداد المواطن أمنيا وتوعيته والإضاءة على حقوقه وواجباته، من خلال تفعيل دور الإعلام الأمني.
تعتبر المدونة مشروعا رائدا في المنطقة، يتطلب تنفيذه بالكامل فترة تتراوح بين سنة أو سنتين؛ وتم إعدادها بالتعاون مع المجتمع الأهلي والمنظمات غير الحكومية ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان.
ولفت العميد نصار إلى أن مدونة "قواعد سلوك رجل الأمن الداخلي" تُعد "أول مدوّنة لشرطة عربية مباركة من الأطر الدولية وملتزمة بشرعة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان"، متمنيا تعميم هذه الثقافة في العالم العربي من خلال الممارسات الصحيحة.
مكافحة الجريمة
إتُخذت خطوات عدة في سبيل تطوير مستوى مكافحة الجريمة، وصفها العميد نصار بالعملية المستديمة المرتكزة على تعزيز الكفاءة والتدريب، وإقامة دورات إعدادية وتدريبية محلية وخارجية، بالتعاون مع أجهزة الشرطة العربية والعالمية.
ومن ضمن المشاريع المُنفذة مع الاتحاد الأوروبي، مشروع تصميم مسرح جريمة نموذجي في معهد قوى الأمن الداخلي، يهدف إلى تدريب عناصر الأمن على إدارة المسرح والتعرف على الأدلة الجرمية، بالإضافة إلى تحديد وتنسيق أدوار كل فئة من عناصر الأمن الذين يتواجد إلى جانبهم قضاة التحقيق، وأفراد الجيش والدفاع المدني والصليب الأحمر. ويتم تنفيذ المشروع بالتعاون بين وزارتي الداخلية والعدل.
كما تسعى المؤسسة إلى تأمين تجهيزات حديثة ومتطورة لفك ألغاز الجرائم؛ ومن المساعدات القيمة التي حصلت عليها من المملكة العربية السعودية المختبر البيولوجي الموجود في ثكنة إميل الحلو في بيروت، والذي ساهم بشكل فعال في تحديد هوية ضحايا الطائرة الأثيوبية التي سقطت قبالة شواطئ العاصمة اللبنانية، في كانون الثاني/ يناير 2010، عبر فحوص البصمة الجينية "دي أن ايه".
رفع كفاءة عناصر قوى الأمن الداخلي
أوضح العميد نصار أن رفع كفاءة عناصر قوى الأمن الداخلي تتم في البدء من خلال تحسين شروط التطوع والتشدد في معايير القبول، لاختيار الأفضل لخدمة الشعب.
وقد نص القانون 17/1990 على رفع المستوى العلمي للمتطوعين، والبحث عن الكفاءات.
وقال رئيس شعبة التخطيط والتنظيم أن الاستراتيجية تشمل إخضاع العناصر جميعا، ضباطا وأفرادا، لدورات تثقيفية وتدريبية في مختلف المجالات، لمواكبة المعايير الدولية للأداء الشرطي، مشيدا بالتعاون والتنسيق الدائم وتبادل الخبرات في هذا المجال مع المؤسسات الأمنية في الدول العربية، كجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية في الرياض، وأجهزة الشرطة في قطر والأردن ودبي وأبو ظبي.
وكمثال على إعداد العناصر للتفاعل بشكل أفضل مع المجتمع، أشار العميد نصار إلى مشروع "الشرطة المجتمعية" المُقام برعاية وتدريب أميركيين، حيث أن عمل قوى الأمن الداخلي هو ثقافة حياة وأسلوب تعامل مع المواطنين.
ونوّه العميد نصار بالتعاون الدائم والمستديم مع فرنسا في مجال التدريب، معتبرا أن هذا التعاون حفّز الدول الأخرى على الانفتاح على لبنان.
معالجة مشكلة المرور
في هذا الإطار، إعتبر العميد نصار أن القيادة مسألة ثقافة وتربية، مشدّدا على أن مشكلة المرور ليست مشكلة قوى الأمن منفردة، بل تتقاطع مع مجال اختصاص وزارات الأشغال، الطاقة، التعليم، الإعلام؛ في حين ينحصر دور عناصر قوى الأمن في تنظيم مشاكل المرور لدى الازدحام.
ورأى العميد نصار أنه، إستنادا إلى تشعب هذه المعضلة، يجب وضع استراتيجية وطنية من خلال مجلس الوزراء، لضمان التنسيق على مستوى جميع الوزارات، ولفت إلى دور البلديات من ناحية صيانة الطرقات الداخلية وتنظيمها، مطالبا بالأخذ بالاعتبار مسألة التنظيم المدني.
بين الواقع والمرتجى
وعن الوقت المطلوب لتمكين الاستراتيجية الجديدة لمؤسسة الأمن الداخلي من إعطاء ثمارها، أكد العميد نصار ثقته بأن الخطة ستعطي النتائج المرجوة، لكنها بحاجة إلى وقت لتعميم هذه الثقافة على المؤسسة والمواطنين، "وبين الواقع والمرتجى هناك ثغرات يجب تخطيها، مع الحرص على التفاعل مع المجتمع، وقياس مستويات ثقته ورضاه عن الأداء بشكل دوري، كمؤشر على نجاحنا وتقدمنا".
وفي ما يتعلق بتغيير منهج المؤسسة وفقا للتغيرات السياسية في لبنان، طمأن أنه لدى العمل بمبادئ واضحة، لا تتغير الاستراتيجية بل ربما الآلية التنفيذية، وفق التصورات المختلفة، مع التركيز الدائم على أن مصلحة المواطن تأتي في المقدمة.
وقال رئيس شعبة التخطيط والتنظيم، العميد بيار نصار، أنه "للوصول إلى نتائج جيدة نحن بحاجة إلى قرار صحيح، ولكن إن لم يكن هناك التزام بالقرار، فلن توجد نتيجة وستضيع الجهود."
في الإجمال، تبدو الاستراتيجية الجديدة لقوى الأمن الداخلي واعدة ومبشرة بحياة مدنية أفضل، ولكن هل سيرى اللبنانيون نتائجها على أرض الواقع قريبا؟ وهل سيثـقـون بوعود إصلاح أخرى؟ لا شك أن الأمل بغد آمن ما زال حلما يطمح الشعب اللبناني إليه، وهذه فرصة حقيقية للسلطات المعنية لتحويل ما تم تخطيطه على الورق إلى واقع ملموس.
الإثنين أغسطس 15, 2011 4:07 pm من طرف Gulf Knight
» الوصول إلى أي مكان في العالم خلال أقل من ساعة هدف أميركي قد يتحقق اليوم
الإثنين أغسطس 15, 2011 4:02 pm من طرف Gulf Knight
» إسرائيل تبحث شراء وسائل قتالية أميركية مستعملة فى العراق
الإثنين أغسطس 15, 2011 4:00 pm من طرف Gulf Knight
» كتيبة بنيامين تجدد التأكيد على جهوزية الجيش الإسرائيلي لمواجهات سبتمبر
الإثنين أغسطس 15, 2011 3:59 pm من طرف Gulf Knight
» قبيل الانسحاب: العراق يتسلّم 22 مروحية مي-17 محدّثة من شركة ARINC الأميركية
الخميس أغسطس 11, 2011 6:30 pm من طرف Gulf Knight
» أفغانستان تتسلم 9 مروحيات "مي-17" من روسيا بحلول نهاية العام
الخميس أغسطس 11, 2011 6:29 pm من طرف Gulf Knight
» مناورات جوية لقوات دول الاتحاد السوفياتي السابق لمكافحة الإرهاب
الخميس أغسطس 11, 2011 6:28 pm من طرف Gulf Knight
» روسيا تطوّر نظامي الدفاع الجوي الجديدين: مارفي و فيتياز
الخميس أغسطس 11, 2011 6:27 pm من طرف Gulf Knight
» إختفاء صواريخ مضادة للدروع من معسكر إسرائيلي في الجولان
الخميس أغسطس 11, 2011 6:26 pm من طرف Gulf Knight
» إسرائيل تطور طائرة جديدة دون طيار
الخميس أغسطس 11, 2011 6:25 pm من طرف Gulf Knight
» إسقاط مروحية تشينوك في أفغانستان يودي بحياة 31 جندياً أميركياً و7 جنود أفغان
الخميس أغسطس 11, 2011 6:23 pm من طرف Gulf Knight
» دبابات الجيش السوري تقتحم مدينتي سراقب وقصير
الخميس أغسطس 11, 2011 6:22 pm من طرف Gulf Knight
» أحزاب الشيطان من طهران إلى العراق ولبنان
الخميس أغسطس 11, 2011 6:20 pm من طرف Gulf Knight
» سوريا وتركيا.. لقاء الوداع؟
الخميس أغسطس 11, 2011 6:19 pm من طرف Gulf Knight
» سوريا: تصورات نهاية النظام
الخميس أغسطس 11, 2011 6:19 pm من طرف Gulf Knight