واشنطن بوست": سقوط نظام الأسد يعني سيناريو يوم القيامة للشرق الأوسط كله
جنان جمعاوي
"سوريا كالبنك الدولي.. أكبر من أن يسمح بسقوطها
"رامي خوري:
http://www.assafir.com/Article.aspx?EditionId=1838&ChannelId=43252&ArticleId=420
إذا سقطت سوريا... فلنتوقع "سيناريو يوم القيامة". هكذا من دون مواربة، وصفت مراسلة صحيفة "واشنطن بوست" في بيروت ليز سلاي، ما سيحدث في حال أطاحت التظاهرات الشعبية التي تشهدها مدن سورية، بنظام الرئيس بشار الأسد، محذرة من أن ذلك سيحدث "فوضى غير مسبوقة" في المنطقة.
لبنان يبدو الضحية الأبرز لسيناريو كهذا. إذ لا يمكن تخيل "اضطرابات تندلع في سوريا من دون ان تطال شظاياها لبنان المجاور"، كما قال محللون لـ"واشنطن بوست"، محذرين من أن انهيار نظام الأسد "لن يتمخض عن وضع شبيه بمصر وإنما أشبه بالحالة العراقية".
من جهتها، ترصد المحللة السياسية اللبنانية الأميركية رندى سليم، في تقرير نشرته مجلة "فورين بوليسي"، تداعيات سيناريو كهذا، على "حزب الله"، واصفة سقوط نظام الأسد بأنه "التحدي الأخطر" الذي يواجهه الحزب، منذ حرب تموز 2006.
وقالت سليم، التي تعد كتاباً حول "تطور حزب الله"، إن تغيير النظام في سوريا سيهدد طريق تزويد "حزب الله" بالأسلحة، وسيحرم ما يسمى بمحور إيران وسوريا و"حزب الله" وحماس من "عصبه العربي"، وسيضعف قدرات "حزب الله" الرادعة في وجه إسرائيل، كما سيحرم قادة "حزب الله" وعائلاتهم من "الملاذ الآمن عندما يشعرون بالتهديد الإسرائيلي، كما فعلوا في حرب 2006". وكل ذلك يشكل "تهديداً فريداً لـ"حزب الله"، الذي أيّد الثورات في مصر وتونس وليبيا واليمن والبحرين، بعدما كان قد آثر الصمت في ما يتعلق بالثورة الخضراء في إيران في 2009".
ويبدو أن سليم جالت على عدد من قادة "حزب الله"، طارحةً عليهم سؤالاً واحداً: "كيف ينظر "حزب الله
إلى احتمال تغيير النظام في دمشق"؟. وفي اعتقاد هؤلاء أن نظام الأسد سيصمد"، باعتبار أنه "لا يزال يتمتع بقاعدة دعم شعبية، خاصة في المدن الكبرى كدمشق وحلب"، بخلاف نظيريه في مصر وتونس
وذكرت الكاتبة في
فورين بوليسي إن قادة الحزب يعتقدون بأن نظام الأسد وقاعدته الواسعة سيقاومون معربين عن مخاوفهم من مغبة
انزلاق سوريا إلى "حرب أهلية تنتقل إلى لبنان، وخاصة شماله، ما يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في دول أخرى في المنطقة، بما فيها تركيا" في حال فشل الأسد في السيطرة على التظاهرات.
أكثر ما يخشاه قادة "حزب الله"، بالإضافة إلى خسارة طرق إمداد السلاح والمال، هو "ضربة قاتلة" تودي بـ"محور المقاومة" في الشرق الأوسط.
قادة "حزب الله" الذين تحدثت إليهم سليم يرون أن المعارضة السورية الداخلية "قديمة وغير منظمة". وعليه، "إذا كان هناك احتمال لأي تغيير للنظام هناك، فإن الإخوان المسلمين يشكلون القوة السياسية الوحيدة المنظمة في البلاد".
ويستبعد قادة "حزب الله" أن تحصل مفاوضات بين نظام الأسد والمحتجين، مجادلين بأن "العامل الحيوي في الثورات العربية الأخرى كان الدور الحيادي الذي لعبته الجيوش في تلك الدول". وفي حالة دمشق، "لا يزال الجيش إلى جانب النظام".
كما استبعد هؤلاء احتمال حدوث انقلاب يقوده مسؤول عسكري علوي، "لغياب أي بديل مقبول لبشار الأسد"، كما قال أحدهم للكاتبة في "فورين بوليسي"، وأشاروا إلى أن "العلويين والمسيحيين يخشون من عواقب استيلاء السنة على الحكم"، في حين أن أي حرب اهلية محتملة "قد تؤدي في نهاية المطاف إلى تقسيم سوريا إلى دويلات موزعة إثنياً: العلويون والسنة والأكراد".
ولماذا يعتبر بقاء بشار الأسد مهماً جداً بالنسبة لـ"حزب الله"؟ تجيب الكاتبة في "فورين بوليسي" أنه "خلافاً لوالده حافظ الأسد، الذي نأى بنفسه عن الملف اللبناني، تاركاً لمساعديه مهمة التعامل مع اللاعبين السياسيين اللبنانيين، فإن بشار الأسد أمسك بالملف اللبناني، ومنذ بداية حكمه طوّر علاقة خاصة مع الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله".
كما أن الحزب كان "مجرد عنصر واحد في صندوق عدّة حافظ الأسد، يستخدمه لتعزيز موقف سوريا الضعيف في المفاوضات العربية الإسرائيلية، وغالباً ما تطلّع إلى تقييد دور "حزب الله" في السياسة اللبنانية"، في حين أن بشار الأسد "يعتبر الحزب أهم حلفائه اللبنانيين وعمل جاهداً لحماية ترسانته العسكرية وتعزيزها". وعليه، حتى وإن حل علوي آخر مكان بشار الأسد "فإن العلاقة بين الحزب والقيادة السورية لن تبقى على حالها" كما يعتقد قادة "حزب الله".
وقف الطريق السورية للإمداد "لن يكون الخسارة الأهم للحزب"، ووفقاً لمسؤول "ممن حدّثتهم (سليم)، طوّر الحزب طرقاً بديلة"، لكن "الأهم هو البُعد السياسي". وقال مسؤول في "حزب الله" للكاتبة في "فورين بوليسي" إن "سوريا هي بوابة المقاومة إلى العالم العربي"، ولكونها "لاعباً لا يمكن الاستغناء عنه في الصراع العربي الإسرائيلي، ومن دونها لا يمكن تطبيق عملية سلام في المنطقة، تعتبر سوريا قائد معسكر المقاومة وكفيل الدور الريادي لـ"حزب الله" في هذا المعسكر".
وبعد أن تقدم ثلاث مقاربات مختلفة عن بعضها البعض لكوادر وسطية في "حزب الله"، تختم سليم : "حتى الآن، لا يزال الحزب على موقف "صلب" داعم لحليفه. وتستبعد أن يخرج السيد حسن نصرالله مخاطباً الحشود في ضاحية بيروت الجنوبية التي (قد) تؤيد الثورة السورية، كما فعل في 19 آذار عندما قال إن الثورات العربية ستنجح. ولكن "هل بدأ الحزب سن خطط تدرس احتمال الإطاحة بالأسد"؟. لا تجيب سليم، ولكنها تنقل عن مسؤول في "حزب الله" "نفيه"، لأن "القيام بذلك قد يُنظر إليه على انه تصرف خيانة بحق حليف قديم".
أما الكاتبة في "واشنطن بوست" ليز سلاي فرأت أن سقوط بشار الأسد قد "يطلق موجة من الفوضى، والنزاع المذهبي والتطرف، قد ينتشر أبعد بكثير من الحدود السورية، ما يهدد لا الحكام المترنحين أصلاً ولكن أيضاً، توازن القوى في هذه المنطقة الهشة".
ورأت سلاي أن تبعات "تغيير النظام في سوريا قد تبدو أقرب إلى النموذج العراقي منها إلى النموذج المصري"، إذ أن الجيش السوري موالٍ للنظام، أي أن "سقوط النظام يعني انقسام الجيش، ما يمهد لانفجار داخلي على الطراز العراقي، حيث تسعى الغالبية للانتقام من الأقلية، بينما تسعى القوى الإقليمية لحماية مصالحها"، كما شرح الأستاذ في جامعة "اوكلاهوما" جوشوا لانديس، الذي وصف سوريا بأنها "عصب الشرق الأوسط والصراع على السلطة هناك قد يشعل المنطقة".
ونقلت مراسلة "واشنطن بوست" عن أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت هلال خشان قوله إنه "إذا انهار النظام سنشهد حرباً أهلية تنتشر في أرجاء المنطقة"، بما في ذلك لبنان والعراق والسعودية وأبعد، واصفاً هذا السيناريو بأنه "سيناريو يوم القيامة بالنسبة للشرق الأوسط برمته".
ويعتقد كثيرون أن هذا السيناريو المخيف هو ما دفع المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة، إلى تقديم "ردود حذرة حيال إراقة الدماء في سوريا"، حيث لم تصدر تصريحات تنادي بتدخل طائرات حلف شمال الأطلسي لسوريا، كما في حالة ليبيا.
ونقلت سلاي عن المحلل السياسي رامي خوري وصفه سوريا بأنها
"بمثابة البنك الدولي في الشرق الأوسط"، بمعنى أنها أكبر من أن يُسمَح بسقوطها، موضحاً أن "تأثير التداعيات سيكون فظيعاً"، معتبراً أن "احتمال اندلاع فوضى مذهبية في سوريا ما بعد الأسد، قد تنتشر في أرجاء أخرى من الشرق الأوسط، ترعب العديد من الناس".
في الحالة اللبنانية تحديداً، شرح خشان لـ"واشنطن بوست" أن لبنان يعاني هو أيضاً من الانقسام السني الشيعي المعادي لسوريا والموالي لها، بمعنى أنه لا يمكن تخيل اضطرابات في سوريا لا تجتاز الحدود نحو لبنان.
وفيما رأى الباحث في "معهد من أجل التحليلات العسكرية في الخليج والشرق الأدنى"، ومقره دبي، رياض قهوجي أن التوقعات بانتشار الفوضى اذا حصل تغيير للنظام في سوريا "مبالغ بها"، فإن سقوط النظام في سوريا مستبعد، إذ "لا احد يريد ذلك، بما في ذلك إسرائيل والولايات المتحدة ودول الخليج"، كما قال هلال خشان لـ"واشنطن بوست".
دراسة معهد راند بعنوان العمليات العسكرية الجوية لحرب إسرائيل ضد «حزب الله»)
المقاومة أدركت عقيدة «الصد الجوي».. فأطلقت استراتيجية مضادة
جنان جمعاوي
أداء إسرائيل «المخيب للآمال» في حربها على لبنان في تموز 2006، لم يكن نتيجة
فشل في استخدام القوة الجوية» بل نتيجة «استراتيجية خاطئة». هذا ما خلصت إليه دراسة تقع في 444 صفحة «فولسكاب»، بعنوان «العمليات العسكرية الجوية لحرب إسرائيل ضد «حزب الله»، أعدّها معهد «راند» لمصلحة وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، لا لمجرد انتقاد أداء الدولة العبرية، بل للقول
«إنها تعلمت الدرس» خلال عدوانها على غزة»، على حد تعبير واضع الدراسة الباحث بنيامين لامبث
وضع لامبث الدراسة بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز 2006،
وقد ركّز لامبث خصوصا على دور سلاح الجو الإسرائيلي، غير أن الدراسة تغطي الحملة العسكرية الإسرائيلية بالتفصيل، واضعة اليد على «جذور العيوب» التي أظهرها الجيش الإسرائيلي خلال عدوانه، وإن كان قد أشار الى أن «عملية تغيير الوجهة» (حرب تموز) تضمنت «الهجوم الجوي الأكثر تعقيدا الذي تشنه قوات الجو الإسرائيلية في تاريخها».
وخلص الباحث في «راند» إلى أن أداء إسرائيل «المخيب للآمال» في حربها ضد «حزب الله» في تموز 2006 لا يعكس «فشل القوة الجوية» بل «فشل قادة إسرائيل السياسيين والعسكريين بتقييم العدو بشكل صحيح، وتحديد الأهداف، وتطبيق استراتيجية فاعلة تحقق التوقعات». ذهب لامبث في تحليله حد تقييم مدى صوابية قرار القيادة الإسرائيلية عندما «فضلت اتخاذ موقف دفاعي وصد الهجوم في المرحلة الأولى من الصراع»، مضيفا أن «هذه الاستراتيجية أو أي بديل عسكري آخر لم يلب طموحات الأهداف التي وضعتها الحكومة الإسرائيلية في اليوم الأول من الحرب، عندما أصر رئيس الوزراء ايهود اولمرت آنذاك «على العودة غير المشروطة للجنديين» اللذين أسرهما «حزب الله»، وعلى «إزالة الحزب نهائيا كقوة تقاتل في جنوب لبنان». هي أهداف اعتبرها الباحث في «راند» «غير واقعية وساهمت بعرقلة الجهود المبذولة في الأيام التالية، والتي أدت فقط إلى تصعيد النزاع». ثمة ما يستحق ثناء الباحث لامبث في «أداء إسرائيل (في حربها على لبنان). فهي برعت في مجال السلاح الجوي، الذي أدى وظيفته بمستويات عالية من الكفاءة طوال فترة الاشتباك». لكن «أفظع زلة للحكومة الإسرائيلية» برأي الباحث في «راند»، هي «عندما اعتمدت على استراتيجية لا تعكس واقع الحال، فماذا يمكن أن تحقق قوة عسكرية من أي نوع غير مدعمة باستراتيجية فاعلة ومتماسكة عندما تكون الأهداف المعلنة طموحة جداً والقوات البرية في الجيش الإسرائيلي غير مستعدة لذلك بتاتاً». هذه «الزلة لا علاقة لها بالقوة أو بقيود القوة الجوية»، وفقا للدراسة، فـ«تلك الأهداف ظلت غير واقعية حتى عندما انتهى الصراع في أعقاب وقف إطلاق النار المتفق عليها بشكل متبادل، وأثبتت قوات الدفاع الإسرائيلية أنها لم تستطع في أي وقت من الأوقات وقف وابل الصواريخ اليومية التي كان «حزب الله» يطلقها على شمال إسرائيل»، مذكرة بأن قائد القوات الجوية الإسرائيلية كان قد حذّر الحكومة، قبل وقت طويل من اندلاع الحرب، بأن «قصف الصواريخ المحصنة بشدة أمر يفوق قدرة القوات الجوية الإسرائيلية وحدها». في الدراسة الموجهة إلى سلاح الجو الأميركي، يغطي لامبث «تفاصيل الحملة الشاملة، وخطط عمليات سلاح الجو الإسرائيلي وكيفية تنفيذها، بما في ذلك هجمات الصد، وعمليات طلب الميزانية الإضافية، وتنسيق العمليات الجوية، والدعم الأرضي» وعمليات ما أسماها «المطاردة الفاشلة لصواريخ «الكاتيوشا»». وأشار لامبث إلى أنه «على الرغم من أن الجيش الإسرائيلي كان يملك خطة طوارئ متطورة لأي هجوم مضاد ارضاً وجواً، كان بالإمكان أن تشكل ردا حقيقيا على الاستفزاز الذي قام به «حزب الله»، لكن قادة إسرائيل اختاروا تجنب تكرار تجربة الغزو البري الشامل كالذي حصل في العام 1982». وأخذت الدراسة على الجيش الإسرائيلي أنه «لم يُخضِع جنوده المشاة لأي عملية تدريب افتراضية شاملة تحاكي نموذج حرب كبرى، طيلة السنوات الأخيرة (قبل 2006)، ما ترك القادة الإسرائيليين (في كتائب المشاة) من دون دافع كبير لمقاتلة «حزب الله» القوي». وعندما «قررت الحكومة الإسرائيلية أخيرا إقحام القوات البرية، بأعداد كبيرة، خلال الأيام الأخيرة للحرب، افتقر أداء هذه القوات إلى أي تنسيق مع العمليات العسكرية الجوية». وأشارت الدراسة إلى أن «دفاعات «حزب الله» المحصنة جيدة أثبتت أنها عصية على الهزيمة، أكثر بكثير مما تصور الإسرائيليون». ومع ذلك، وجد الباحث أن «إسرائيل تعلّمت من أخطائها وشنت حملة أكثر نجاحا ضد «حماس» في غزة بين كانون الأول 2008 وكانون الثاني 2009». يسلط بنيامين لامبث الضوء على «الحملة» ـ الحرب، التي يؤثر مرارا وتكرارا على وصفها بأنها «رد تصعيدي على غزو لطالما خطط له «حزب الله» إلى شمال إسرائيل»، ورد فوري على أسر الجنديين الإسرائيليين. وقال لامبث انه يمكن اقتفاء أثر العدوان الاسرائيلي على لبنان في تموز 2006 الى ست سنوات قبل هذه الحرب، عندما قرر رئيس الوزراء ايهود باراك الانسحاب من جنوب لبنان بعد 18 عاما من «الاحتلال المضني». هذا الانسحاب خلق «فراغا» سرعان ما سده «حزب الله»، مستفيدا من «فشل» الحكومة اللبنانية لنشر قواتها هناك. في هذه الأثناء، كان السيد حسن نصر الله قد أصبح «السياسي اللبناني الأبرز والأكثر شعبية»، واضعا نصب عينيه أن يصبح الحزب «القوة السياسية المهيمنة في الداخل، وعدم توفير أي جهد لتدمير اسرائيل»، ناهيك عن انه «أكثر القادة العرب ذكاء، واكثرهم خطورة»، والتعبير مأخوذ عن السفير الاسرائيلي في واشنطن داني ايالون. وبعدما استعرض وضع «حزب الله» في لبنان، من حيث عديد مقاتليه وترسانته، ووضعه في المشهد السياسي اللبناني، مرورا بمواقعه العسكرية والإدارية، بدأ لامبث سرد وقائع الحرب، منذ بدايتها، في الساعة التاسعة وخمس دقائق من صباح 12 تموز 2006، مشيرا الى ان «العواصم الغربية رأت أن توقيت عملية أسر الجنديين كان من اختيار إيران لتشتيت الانتباه عن طموحاتها النووية». أياً يكن، فما ان تم إبلاغ مقر القيادة الشمالية الاسرائيلية بتغيب إحدى المدرعات، حتى أعلنت إسرائيل عن عملية «غزو»، وما هي إلا ساعة وأعلن الحزب عن نجاح عملية أسر جنديين. عندها أمر وزير الدفاع عمير بيريتز بالتنفيذ الفوري لخيارين من خطط الرد المعدة سلفا: مهاجمة كل مواقع الحزب المحصنة على طول الحدود الجنوبية للبنان، وإغلاق كل الطرق الممكنة لفرار عناصر الحزب، مع قصف جوي في العمق اللبناني. عند الساعة 10:20، كانت الجولة الأولى من الغارات الإسرائيلية التي دمرت مواقع المراقبة الـ17 التابعة للحزب على طول الخط الأزرق. تضمنت تلك الجولة «أضخم استخدام للقوة من قبل اسرائيل منذ انسحابها من جنوب لبنان في العام 2000». الجدل في أوساط القيادة العسكرية الإسرائيلية بشأن الاستراتيجية الأمثل شكّل السمة البارزة طيلة 34 يوما من النزاع. فخلال اجتماع عقد في اليوم ذاته عند الساعة 12:45، بين بيريتز ورئيس الأركان دان حالوتس. قال الأخير «علينا أن نطفئ أضواء لبنان برمته. بإمكاننا أن نقطع عنهم الكهرباء لعام بكامله». وكان بيريتز «محقا»، برأي الباحث في «راند» في رفضه دعوة حالوتس تدمير البنى التحتية اللبنانية وذلك «لسبب وجيه»، باعتبار ان تدمير محطات الكهرباء «قد يوحد اللبنانيين ضد إسرائيل لا ضد الحزب». وتابع لامبث ان حالوتس كان «محقا» عندما دعا الى «عدم» إعلان عودة الجنديين هدفا للحملة، «بما انه «غير واقعي وغير قابل للتحقق»، لكنه «أخطأ» عندما أصر مرارا على مهاجمة «حزب الله» والحكومة اللبنانية، كلاهما». وقال لامبث ان خطاب أولمرت الأول عند الساعة 12:50 كان الخطاب «الذي تضمن العديد من الأخطاء في تقييم الوضع والحكم الاستراتيجي التي كانت سبب النتيجة غير الحاسمة بالنسبة لإسرائيل في نهاية الحرب»، عندما توعد برد «مزلزل». وانتقد الباحث في «راند» الأهداف التي أعلنها أولمرت للحرب، ورأى أن الهدف الأول (وهو عودة غير مشروطة للجنديين) كان «مبالغا فيه حد الخطأ، لأن كل ما يتعين على «حزب الله» ان يفعله حينئذ هو عدم إعادة الجنديين وحرمان أولمرت القدرة على تحقيق ما وعد الاسرائيليين به، ليعلن نصره»، في حين ان الهدف الثاني (التوصل الى «وضع جديد» في لبنان) «كان ممكنا تحقيقه لو تم اتباع استراتيجية حكيمة». وفيما يدعو الهدف الثالث (تعزيز قوة الردع الاسرائيلية ضد التهديدات الخارجية) الى التساؤل عن طريقة تحقيقه، فإن الهدف الرابع (نزع سلاح «حزب الله» وإزالته من جنوب لبنان) كان «خياليا مثل الهدف الأول»، وذلك لا يعني أنه «من غير الممكن تحقيقه بل كان يتطلب من حكومة أولمرت ان تكون مستعدة لدفع أثمان باهظة وربما إعادة وجود إسرائيل في جنوب لبنان». هذان الهدفان الأول والرابع سيلاحقان أولمرت ما ان تضع الحرب أوزارها. لكن رئيس الوزراء ليس وحده من يستحق ملامة لامبث، الذي يقول ان حالوتس أبلغ الجيش عن حملة بأهداف أربعة أكثر بساطة وممكن تحقيقها.. والأهم «مغايرة» لأهداف أولمرت، هي «حمل «حزب الله» على دفع ثمن غير متكافئ على استفزازه»، و«تحسين مستوى الأمن في شمال إسرائيل»، و«خلق ظروف تؤدي لعودة الجنديين»، و«تجنب أي تصعيد في النزاع يشمل سوريا». هكذا اعتبرت «راند» انه في هذا التضارب بين أهداف أولمرت وأهداف حالوتس يكمن «السبب الأساسي لفشل اسرائيل». كما رأى لامبث في افتراض بيريتز وحالوتس، بأنه كان بإمكان الجيش اللبناني أن يقوم بعمل ضد «حزب الله»، بأنه «خاطئ.. وحتى ساذج». مع بدء انتهاء اليوم الأول للنزاع، كان واضحا ان حكومة اولمرت تميل الى اعتماد استراتيجية ترتكز «على هجمات الصد». ووافق حالوتس على ذلك «مدفوعا بتصميمه على تجنب العودة» الى ما بات يعرف بـ«الوحل اللبناني». وبعد استعراض الأهداف التي قصفها الاسرائيليون في ليلة 12 تموز، وبينها مطار بيروت الدولي، توقف لامبث عند «فشل الجيش الإسرائيلي في إزالة قناة «المنار» الناطقة بلسان «حزب الله» (التي وصفها بأنها أمر حيوي)» ما سمح لـ«حزب الله» بأن «يهيمن على معركة الخطابة، خلال النزاع وبعده ليعلن نفسه منتصرا»، في مقابل «ضعف حكومة أولمرت في هذا المجال و(عجزها) عن استقطاب تعاطف الاسرائيليين ودعمهم ودعم المجتمع الدولي». وتابع لامبث ان حملة «الانتقام» تلك في بدايات الحرب «كشفت، للمرة الأولى مدى هشاشة الجبهة الاسرائيلية.. في وجه نيران «الكاتيوشا»... وصواريخ «حزب الله» التي شلّت منطقة واسعة في شمال إسرائيل». أولى بوادر التشكيك في جدوى استراتيجية الصد وحدها بدأت في 16 تموز. عندها، قال رئيس الوزراء ايهود باراك والوزير السابق دان ميردور ان أي قرار لمواصلة القصف سيؤدي حتما الى كارثة، وقالا إن الجيش الاسرائيلي ليس مستعدا على الإطلاق لغزو جنوب لبنان وأن القيام بذلك «سيدمر بشدة أي مصداقية تتمتع بها قوة الردع الاسرائيلية». وما لبث أن ازداد عدد منتقدي استراتيجية استخدام العنف المفرط ضد المدنيين اللبنانيين، التي كانت حكومة أولمرت تأمل بأن تحمل اللبنانيين على الانقلاب ضد «حزب الله». وقال لامبث ان أول غزو بري بقوات تقليدية بدأ في 17 تموز قرب مارون الراس، ليكتشف الاسرائيليون «للمرة الأولى إلى أي مدى تعتبر مواقع «حزب الله» محصنة، وهو أمر لم يكونوا مدركين له في السابق». ولكن مع مرور الأيام، بعد ذلك «كان واضحا ان العديد من قادة الجيش الإسرائيلي لم يكونوا راغبين في شن حملة تشبه تلك التي قامت بها اسرائيل في العام 1982». في 20 تموز، جندت الحكومة الاسرائيلية ثلاث كتائب من الاحتياط على الحدود. وانتقد لامبث «الارتباك الهائل بشأن المهمة والأهداف، الذي كان سائدا عندما دخل الجنود الى جنوب لبنان»، مشيرا الى ما خلص إليه أحد التقييمات للحرب بأن «العمليات العسكرية البرية الأولى كانت ضعيفة على نحو مستغرب وأن الهجمات البرية.. افتقرت الى التركيز والقوة اللذين لطالما ميزا هجمات الجيش الاسرائيلي في السابق». وعندما اقترب موعد القيام بعمليات برية موسعة، احتدم الجدال مجددا: هل ستكفي عمليات غزو قصيرة؟ ام ان اسرائيل ستحتاج الى تعبئة عدد كبير من الجنود؟ ونقل لامبث عن جنرال لم يسمه قوله آنذاك ان «مناورة برية لن تحل مشكلة الصواريخ طويلة المدى. المشكلة تكمن في نية إطلاق هذه الصواريخ وعلينا كسر إرادة «حزب الله».. عبر قتلهم. فقد يكون العديد من مقاتلي الحزب يريدون الاستشهاد لكن القيادة ذكية وتريد ان تعيش. هم عقلانيون ويختبئون». وبعد سرد وقائع عايشها الجنود الاسرائيليون في محاولتهم الصعبة لمطاردة «حزب الله» على الأرض، واكتشاف هؤلاء ان «دفاعات «حزب الله» أثبتت متانتها، فيما أثبت مقاتلوه حسن انضباطهم اكثر بكثير مما كان متوقعا». أما عن مهارات الحزب في مجال التقنيات، فاستبعد لامبث ما قيل عن قدرة الحزب على اعتراض مكالمات القيادة الاسرائيلية، ولكنه قال ان «معرفة الحزب بقدرات إسرائيل التقنية (في فك الشيفرات) وعليه توخي قيادته الحذر، شكلت تحديا كبيرا أمام الاستخبارات الاسرائيلية». في 26 تموز، قال قائد سلاح الجو الاسرائيلي الجنرال عيدو نحوشتان لحالوتس انه «من دون حملة برية ضخمة لن نتمكن من وقف «الكاتيوشا». علينا ان نطلب من الحكومة ذلك. فإذا لم توافق، فعلينا ان نطلب منها وقفا فوريا للحملة» برمتها. وهكذا في اليوم التالي وافق اولمرت على تعبئة 30 ألف جندي، ممانعا، حتى حينه، شن حملة برية شاملة. في 28 تموز، تزايدت الدعوات إلى وقف إطلاق النار. في هذه الأثناء كانت القيادة الاسرائيلية لا تزال تتخبط بشأن قرار الغزو البري، الذي لم يصدر حتى 9 آب. وانتقد لامبث «التردد الهائل الذي كان سائدا في كل مستويات الجيش الاسرائيلي، بشأن تنفيذ هذا القرار»، الذي صادق عليه أولمرت في 10 آب. وقال الباحث في «راند» انه لو تم اتخاذ هذا القرار وتنفيذه خلال الأسبوع الأول للحرب «لكان ساعد في التوصل الى نتيجة أفضل بالنسبة لإسرائيل». ولكن القرار صدر «في مرحلة متأخرة» قبل فترة وجيزة من قرار وقف إطلاق النار. ووصف لامبث قرار أولمرت وبيريتز «التصعيد البري» بأنه «لم يعكس نية جدية لإزالة «الكاتيوشا»، بل كان مجرد رغبة في تقديم استعراض للقوة» يقوض الحزب. وهكذا خلال الساعات الـ72 من القتال، ضاعف الجيش الإسرائيلي عدد جنوده داخل لبنان إلى ثلاثة امثال. وانتقد الباحث في «راند» ما أسماه «ضعف التنسيق خلال المرحلة الاخيرة من الحملة»، موردا على سبيل المثال كيف «رفضت القيادة الشمالية طلبات أطقم المدرعات الحصول على مساندة جوية على علو منخفض»، مشيرا ايضا الى «العيوب المتشعبة في تقنيات القتال»، حيث غالبا ما كانت «وحدات المشاة غير قادرة على التنسيق مع أطقم المدرعات والدبابات التي أثبتت انعدام فاعليتها في العمليات الليلية»، ليخلص الى انه «منذ بدء الحرب وحتى نهايتها، افتقرت العمليات البرية في لبنان لأسلوب عملاني محدد».يقول بنيامين لامبث إنه في «غالبية الطلعات الجوية حيث برع على نحو تلقائي، قدم الجيش الإسرائيلي أداء عالي المستوى من الكفاءة خلال الأيام الـ34 لاشتباكه مع حزب الله»، حتى أنه «تجاوز توقعات الحكومة» منه، وإن قال في موقع لاحق من بحثه ان «القوات الجوية الاسرائيلية كانت بأعلى جهوزيتها» عندما اندلع النزاع، وقال في موقع آخر من البحث ان «المجال الجوي فوق لبنان شكل بيئة لطيفة للقوات الاسرائليية، حيث لا وجود لتهديدات جوية أو لدفاعات أرضية يتعين مكافحتها». لكن لامبث عزا «أي تقصير في فاعلية القتال إلى غياب متوقع للمعلومات الاستخباراتية على المستوى التكتيكي، عند الحاجة لشن هجوم على أهداف حساسة في زمن معين مثل مخازن الصواريخ المحصنة أو غيره». بعدها، يستعرض لامبث العمليات الجوية التي شنها الجيش الاسرائيلي والطلعات الجوية والغارات والمواقع التي قصفها، معززا استعراضه بالأرقام والتواريخ وبأنواع القنابل التي استخدمت، مغفلا بالكامل أي حديث عن القنابل المحرمة، حيث استخدم تعبير «القنابل العنقودية» مرتين فقط في تقرير من 444 صفحة، وفي إطار نفي تقرير لجنة فينوغراد أي استخدام لهذه القنابل المحرمة دوليا! وينتقل لامبث للحديث عن المحاولات الإسرائيلية «لإزالة تهديد الصواريخ الاستراتيجي» الذي يمثله حزب الله، مستعرضا ترسانة الحزب في هذا المجال، وأشار الى أن الجيش الاسرائيلي كان «على علم بحصول الحزب على صواريخ تطال العمق الاسرائيلي وخاصة حيفا، قبل ثلاثة أشهر من الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان في أيار العام 2000، واعتقد الاسرائيليون ان الحزب سيخزن هذه الصواريخ في البقاع... ولكن حتى عشية الحرب في 2006، ظل هناك غموض كبير بشأن التوزيع الفعلي لهذه الصواريخ (تحديدا «زلزال») في سائر أنحاء لبنان». وقال لامبث ان «الانجاز الاستخباراتي الإسرائيلي الأهم (ولكن) الوحيد كان في التمكن من تحديد مواقع تخزين الصواريخ المتوسطة المدى»، مشيدا «بجهود سلاح الجو الاسرائيلي لتدمير قائمة من صواريخ «فجر» المتوسطة المدى خلال الليلة الأولى من الحرب، بوصفها إنجازا يستحق الإشارة إن لم يكن نجاحا كاملا». أما في ما يتعلق بصاروخ «زلزال» الاستراتيجي، فقال الباحث في «راند» ان «الحزب لم يطلق أيا من هذه الصواريخ في أي وقت خلال الحرب، حتى عندما هدد (الأمين العام للحزب السيد حسن) نصر الله بقصف تل أبيب اذا قصف الاسرائيليون بيروت»، ما يعني انه «إما ان الإيرانيين ضغطوا على نصر الله لكي لا يستخدم هذه الصواريخ وإما ان تكون إسرائيل قد حرمت الحزب من هذه القدرة خلال هجماتها الوقائية». أما عن صواريخ «الكاتيوشا»، فأخذ لامبث على الإسرائيليين «تقليلهم من تهديد هذه الصواريخ باعتبار أثرها العسكري ضئيلاً»، وهذا «الفشل الخطير من قبل الجيش الإسرائيلي ظل طوال فترة النزاع سبب الإحباط الذي شعر به الإسرائيليون»، ناهيك عن انه شكل «العنصر الأهم» في انتشار فكرة ان إسرائيل «خسرت» الحرب. وبعد استعراض العمليات العسكرية التي شنتها الطائرات بلا طيار، والجسور الجوية التي نصبها الجيش الاسرائيلي، انتقل لامبث للحديث بالتفصيل عن «المشاكل» التي واجهتها إسرائيل في ما أسماه «التوظيف الجوي». وقال لامبث إن المجالين اللذين واجهت فيهما إسرائيل المشاكل هما «مكافحة صواريخ حزب الله القصيرة المدى، والمحاولات الفاشلة لتصفية أبرز قياديي الحزب»، عازيا ذلك الى «غياب المعلومات الاستخباراتية التكتيكية الدقيقة والآنية»، منتقدا إسرائيل في «مجالين آخرين، هما حجم الضحايا اللبنانيين من غير المقاتلين وحجم الضرر في البنى التحتية اللبنانية، وهذان كانا نتيجة خيارات واعية من قبل حكومة ايهود أولمرت». أما خامس المشاكل التي واجهت إسرائيل فكانت في «عثراتها العديدة في محاولات التنسيق بين القوات العسكرية البرية والقوات الجوية، والتي نجمت من افتقار القوات البرية لتدريب عسكري شامل خلال السنوات الست التي سبقت الحرب». وعاد الباحث في «راند» الى ما أسماه «تحدي الكاتيوشا العسير»، عازيا إياه الى اتكال الجيش الإسرائيلي «المتنامي» على «عمليات الصد الجوي مقابل المناورات البرية التقليدية»، الى ان تحول ذلك إلى «عقيدة بدأ اتباعها عقب القصف الجوي المركز التي تخللته حرب الخليج في 1991»، و«تأثرت باعتماد الأميركيين على العمليات الجوية، التي نجحت في حروب عدة وآخرها الحرب على العراق». وقال لامبث ان خبراء الخطط الاستراتيجية في حزب الله كانوا يدركون ذلك ولهذا «طوروا وكيفوا استراتيجية مضادة غير متماثلة، تهدف إلى إلغاء المكاسب التي تحققها إسرائيل في عمليات الصد، وذلك بواسطة 13 ألف صاروخ «كاتيوشا» قصير المدى»، التي وصفها الباحث بأنها «ترسانة الصواريخ التي مكّنت حزب الله من إبقاء شمال إسرائيل في خطر مستمر وبلا حصانة»، وكانت «كبيرة ومحصنة ومنتشرة بشكل كافٍ، لم يكن لأي عدد من الهجمات الجوية المكثفة ان يمنع الحزب من إطلاقها». جوهر «ورطة» الجيش الإسرائيلي يكمن في أنه لم يكن بالإمكان «استهداف الكاتيوشا من قبل هجمات الصد»، كما قال لامبث، مضيفا ان ما يزيد الطين بلة هو «مهارات الحزب في تمويه مواقع تخزين هذه الصواريخ». كما ان «أي دفاع فعلي ضد «الكاتيوشا» كان مستحيلا»، على حد تعبير الجنرال بين اسرائيل الذي أوضح انه «كلما قصر مدى الصاروخ كلما كان صعباً ان نقوم بشيء حياله. فالوقت المستغرق بين تحضير الصواريخ وقصف الأهداف لا يتجاوز الثواني، ولا شيء بإمكاننا ان نقوم به لاعتراضها». وعليه كان «البديل هو مهاجمة منصات هذه الصواريخ إما قبل القصف أو بعده مباشرة». وهنا أيضا «جرى تبادل للاتهامات في أوساط القيادة العسكرية الاسرائيلية حول من قصّر في تأمين المعلومات الاستخباراتية حول أمكنة هذه المنصات». وخلص لامبث الى ان «التخلص من تهديد «الكاتيوشا» كان يتطلب عمليات برية بعدد كبير من الجنود يغزو المنطقة الممتدة بين الحدود الشمالية ونهر الليطاني، وهو قرار كان ليحقق نتائج استراتيجية ولكن بعدد ضحايا أكبر». وقد أقر قائد سلاح الجو الاسرائيلي عيدو ناحوشتان بأن «هناك أشياء لا يمكن العثور عليها انطلاقا من الجو»، مضيفا «لن نسعى وراء آخر صاروخ في لبنان»، لأنه من غير المجدي تكبد نفقات كبيرة على ذخائر متطورة لإزالة صواريخ العدو المراوغة والتي لا يتجاوز ثمنها مئات الدولارات». ثاني أكبر المشاكل التي واجهت إسرائيل كان في «محاولاتها الفاشلة» لقتل قياديين من «حزب الله»، على ما رأى بنيامين لامبث، معتبرا انه «لو أعطي الجيش الإسرائيلي الضوء الأخضر لشن هجوم ضخم ومكثف على أهداف تابعة لقيادة الحزب في بيروت، لكان ذلك سيحدث صدمة تحقق على الأقل بعض أهداف الهجوم»، لكن أولمرت لم يصادق على مثل هذا الهجوم إلا بعد «وقت سمح لقياديي الحزب بأن يتخذوا الإجراءات الوقائية ضد مثل هذا الهجوم»، كما قال لامبث الذي نقل عن مسؤول أميركي قوله ان السيد نصر الله كان «ينتقل كثيرا» خلال الحرب، «فلو كانت اسرائيل قد تمكنت من تحديد مكانه لكنا رأينا كمية كبيرة من الدخان تتصاعد من هذا المكان. وهو كان يعلم ذلك، لهذا لم يكن يقضي وقتا طويلا في موقع واحد». وبعدما أسهب طويلا في تبرير مقتل أكثر من ألف مدني لبناني وجرح أكثر من 4 آلاف آخرين، متبنيا الرواية الإسرائيلية بأن حزب الله كان يخبئ صواريخه ويطلقها من أماكن مأهولة متخذا من المدنيين دروعا بشرية، قال لامبث ان هؤلاء الضحايا شكلوا مادة سهلت على حزب الله «كسب حرب البروباغاندا». لكن لامبث انتقد ما أسمــاه «الإفــراط في تدمير البنى التحتية» بطريقــة أثارت «أشد الانتــقادات» ضد إسرائيل، ولكنه اعتبر انه كان هناك «مبالغة» عندما قيل ان سلاح الجو الاسرائيلي قصف «بلا أي ضبط للنفس»، وانه «سدد ضربات أحدثت كارثة في المجتمع الشيعي جراء القصف المكثف والمدمر».
أما عن الأخطاء التي ارتكبتها إسرائيل في عمليات «التنسيق بين قواتها البرية والجوية» فنقل الباحث في «راند» ما جاء في تقرير لجنة فينوغراد بأنه كانت هناك «عيوب كثيرة» نجمت عن «التقصير في التخطيط والجهوزية وعمليات التدريب» السابقة للحرب، وخاصة «في ما يتعلق بالتنسيق بين فروع الجيش الاسرائيلي». وأورد لامبث ما قاله جنرال في سلاح الجو الاسرائيلي بأن «هذا الأخير قام بعمل جيد في القضاء على الصواريخ المتوسطة والطويلة المدى، لكن المشكلة كانت في القيادة الشمالية عندما كان الأمر يتعلق بالقضاء على صواريخ «الكاتيوشا». كان بإمكان سلاح الجو ان يقصفها إذا حصل على الإذن من القيادة الشمالية التي كان (القضاء على) صواريخ الكاتيوشا ضمن مهامها»، فيما قال كولونيل سابق في الجيش الاسرائيلي انه «عمليا، فشل (سلاح الجو والقيادة الشمالية) في التنسيق بفاعلية»، بينما تحدث آخرون عن «فشل» القيادة الشمالية في «تنسيق جهود القوات الجوية والبرية والبحرية»، وهو ما عزاه لامبث «جزئيا الى مفهوم عملاني» لم يوضع إلى «قبل فترة وجيزة من بدء الحرب في حين أن التغيير هذا يتطلب سنوات لاختباره واستيعابه». وانتقد لامبث أيضا افتقار قيادات القوات البرية وسلاح الجو، على السواء، لأي خبرة مسبقة في إدارة عمليات ضخمة مشتركة. وما ان بدأت الحرب البرية «كان هناك غموض تام على مستوى التخطيط والتنفيذ على السواء، في ما يتعلق بكل الأمور المهمة». وكان هناك «حتما منافسة مستجدة بين القوات البرية والقوات الجوية»، على دورَي «الدعم» و«تلقي الدعم». فعلى سبيل المثال «من كان يتعين عليه أن يسيطر على تحرك المروحيات العاملة مع القوات البرية، هل هو قائد سلاح الجو أم قائد العمليات البرية؟». وأجاب لامبث انه «على الورق، تم الاتفاق على ان تكون مسؤولية عمل المروحيات منوطة بقائد عسكري ميداني لمدة تتراوح بين 24 و48 ساعة»، قبل ان يستدرك قائلا إنه «عند التطبيق، غالبا ما يتم تجاهل مع هو مكتوب على الورق». ليس هذا فحسب، فهناك مثال آخر على التخبط، أو الافتقار الى التنسيق، فخلال الأسبوعين الأخيرين للحرب، «لم تكن القوات البرية تحصل على دعم بالنيران، في وقت كان فيه القادة العسكريون (في الميدان) يفتقرون لصورة واضحة عن ميدان المعركة». ولا ينتهي التخبط هنا، إذ يروي لامبث كيف كان سلاح الجو والقوات البرية يحصلان على خريطة واحدة لمهمة معينة، بتدمير هدف معين من قبل الجانبين، ما يعني التفريط في الجهود والذخائر، لافتا الانتباه من جهة اخرى إلى أن هذه الحرب فضحت «الخلافات الجدية التي كانت قائمة بين قيادات الجيش الاسرائيلي في ما يتعلق بالقيادة والتنسيق وتركيز القصف أو عدم تركيزه وإلى ما هنالك»، لدرجة أن «أهدافا كثيرة كانت تحمل أكثر من اسم، بحسب من وضع الخطة لتدميرها، ما أدى إلى رسوخ وضع يكون فيه قائد العمليات البرية مثلا غير مدرك ما إذا كان هدف معين قد قصف أم لا».
وخلص لامبث إلى ان «هذا الفشل نجم عن كون كل القادة على المستوى العملاني (في الجيش الاسرائيلي) يفتقرون الى المهارات والتدريب المطلوب لإدارة عملية مشتركة على نحو محترف»، مشددا على أن أحد الدروس التي تعلمها الجيش الاسرائيلي من العدوان على لبنان هو «اكتشاف ان سلاح الجو الاسرائيلي والقوات البرية... لا يتحدثون اللغة ذاتها
الله الله في الشام وفي أهلها
أولاً: الدعاء لأهلنا
اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا، يا طوبى للشام يا طوبى للشام يا طوبى للشام
اللهم يا ربنا يا مولانا يا مجيب الدعاء نسألك أن تحقن دماء أهلنا في سوريا وفي ليبيا وفي اليمن
اللهم ارفع عنهم البلاء والمحن والفتن ما ظهر منها وما بطن
اللهم ارحم موتاهم وتقبلهم عندك شهداء، وداو جرحاهم، وارحمهم برحمتك الواسعة يا الله يا سميع الدعاء
كن لهم يا الله ولا تكن عليهم
اللهم انتقم ممن ظلمهم وتوله بأمرك واجعل نهاية الظالمين قريبة يا رب
ثانياً: رابط خطبة الدكتور محمد العريفي الصوتية بخصوص أحداث درعا في سوريا وما يفعله النظام الظالم في سوريا: http://download.media.islamway.net/lessons/3refi/452_Orafy_AhdasSyria.mp3
ثالثاً: لمن لا يعرف فظائع نظام الأسد ومن لم يسمع بما فعله القذر الهالك حافظ أسد لعنه الله بأهلنا في الشام فليستمع الى خطبة الشيخ أحمد القطان حول مجزرة حماة عام 1982
http://www.4shared.com/video/ynA0sio8/_______1982.htm
رابعا: مقالة منقولة من موقع طريق الإسلام حول الأوضاع بسوريا بعنوان : ضيعت الأمة فذبح إخواننا في سوريا وليبيا
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.
اللهم أصلح أحوال أمتنا أمة الخير وأعدها بفضلك لتطبيق أوامر شرعك في كل الأمور.
وبعد فماذا سيسطر القلم وكيف سيسجل التاريخ ما يحصل الآن في أمة الإسلام -وبتكرار واستمرار- من عجزٍ عن إيقاف ذبح إخواننا وهم يذبحون أمام أعيننا ونراهم يوميا وهم في هذه الحال.
ماذا سيكتب التاريخ عن عجزنا الذي لا نُعذَر فيه طالما أننا لم نبذل بحقٍ تعديل كل الأسباب التي أدت إلى هذا العجز عن إيقاف ذبح إخواننا في ليبيا من قبل الطاغية المجرم القذافي وزمرته أو في غيرها من بلاد العالم. بل إنه من المخجل جدا ومما يجعلنا نضع رؤوسنا في التراب أن يأتي الكفار أعداء الإسلام من الصليبيين وغيرهم –بالطبع وفق أجندتهم الخاصة- ليحموا إخواننا.
سجل أيها التاريخ هذا المشهد المؤلم. ولا أدري بأي لون قاتم ستكتبه.
سجل أيها التاريخ أن إخواننا في سوريا يذبحون الان بأبشع الصور وأمة الإسلام تبعد عن طريق النصر والعز.
سجل أيها التاريخ أن إخواننا يذبحون أمام أعيننا والعديد منا مستمر بل ومُشجع لأمور تعتبر أساس دائنا وعجزنا عن إنقاذ إخواننا؛ ألا وهو بعدنا عن التمسك الحق الكامل بكل أمور ديننا.
سجل أيها التاريخ أنه في أحد الأيام القريبة الماضية والتي كان المسلمون فيها يذبحون في ليبيا وفي سوريا وفي فلسطين تعلن صحف من صحف الأمة عن قنوات الأفلام الماجنة وبرامج الأغاني المفسدة.
سجل أيها التاريخ أنه وإخواننا يذبحون لا زالت شعوبنا تُلهى بالأفلام المحرمة واللهو القاتل للأمة عن سبيل نصرها وسبيل الجد والعزم.
سجل أيها التاريخ أن الأمة لا زالت تُشغل وتنشغل بأمور من السفاسف بينما دماؤها أصبحت أودية وانهاراً في شتى بقاع الأرض.
والله لو كنا على الحق تماما مطيعين لله في كل الأمور لما عجزنا عن إنقاذ إخواننا. ولما استطاعت أي قوة أيا ما كانت من منعنا من أداء ذلك.
إن أهم ما قتلنا وأذلنا وأضعفنا هو عدم تحقيقنا النصر الكامل لربنا الجليل كي يمكننا بفضله من تحقيق العز لأنفسنا وأن نصل بقوة الله إلى القدرة على دحر من يهين ويقتل ويبيد إخواننا.
وها هي دماء إخواننا في لحظاتنا هذه-عدا السابق- تستباح في شتى البقاع في ليبيا وسوريا وفلسطين وبلاد القوقاز وغيرها.
متى نستيقظ؟... أأمنا مكر الله وغضبه, .. نعم هو رحيم كريم ولكنه غيور عظيم يغار من أن يبارز سبحانه بما لا يرضاه وبمجاهرة وإصرار..ألا نستيقظ ونحن نرى الفتن والمخاطر وصلت إلى بلاد الأمة في كل مكان, من داخلها وخارجها.
أعلم أن الخير كبير جدا في المسلمين, ولكن على الرغم من كل الخير الكبير إلا أن الأمة لا زالت تُخدَّر بمعاصٍ ولهو محرم يؤخر نصرها وقد يعرضها لمزيد من الفتن والشرور.
اليوم وأنا أكتب هذا المقال في ظهر يوم الجمعة اليوم المعظم المبارك, والذبح مشتعل في إخواننا في ليبيا وسوريا وغيرها, في نفس هذا اليوم أرى أمامي إعلاناً كبيراً في أحد الصحف عن برنامج غنائي عنوانه"على شط بحر الهوى"!!! يشترك فيه مطربين ومطربات!!!.
يا كل العقلاء في الأمة؛ حتى لو قلنا أن غناء مطربات!! حلال! فإن المنطق والحق أن الأمة التي تواجه محناً وأخطاراً يكون قاتلا لها ناصرا لأعدائها أن تُوجه وتشجع على مثل هذه الأمور.
إنها والله خيانة للأمة بل خيانة عظمى أن نُضيَّع عن طريق تحقيق العز والنصر والقوة والسؤدد والتمكين بتهاوننا وتشجيعنا هذه المنكرات, وأي منكر يكون سببا في إغضاب العظيم في أي جانب من جوانب الحياة.
ويحدث هذا في الوقت الذي يُجهِّز فيه أعداء ا لأمة شبابهم وأجيالهم لحرب المسلمين والتنكيل بهم والاستيلاء بشكل أكبر على خيراتهم.
أبدلاً من أن يجهز شبابنا بكل قوة نحو الاستعداد للجهاد وما يحفظ الأمة ويُعزها يقتلون بأغانٍ وأفلام وكليبات ومجون يضيعهم ويقودهم إلى ظلمات الانحلال والفساد والطرق الموصلة إلى الجريمة والمخدرات وعوالم الضياع.
وأرجو ألا يَضْحَكَ على الأمة هذا الإعلام -الذي ضيعها- ببرنامج أو برنامجين دينيه, لأنه في أغلب ما يُعرض فيه يقودنا ويقود شبابنا إلى ما لا يجوز ويفسد, وباستخدام أعظم المؤثرات والوسائل الفنية التي تدك القيم دكا, فتضعف بل وتبطل وتلغي أثر الكثير من وسائل الخير في المجتمعات, وتنشئ التناقض المدمر, وتشغل أبناء الأمة شبابا وشيبه عن أداء دورهم الهام في التنمية القوية لمجتمعاتنا وفي الدعوة ونشر الدين والعقيدة الصحيحة والنهج الحق بين المسلمين وفي سائر بلاد العالم.
والله لو كنا على الحق تماما لاستطعنا حاليا بما نملك من قوة وعتاد أن ننصر وندحر أعداء المسلمين الذين يتموا أطفال إخواننا ورملوا نساءهم واستباحوا دماءهم.
ولننتبه ولنحذر من أن الدور قد يأتينا إن لم نستيقظ ونصحح أوضاعنا. وها هي الفتن والأخطار تقترب من بلاد المسلمين في كل مكان وبشتى الأشكال والألوان. ولا حفظ حقيقي -أقول حقيقي مستمر- إلا برجوعنا إلى الله في شتى الأمور ومن أهمها الإعلام الذي كيف نرجو نصر أمتنا وان نؤتى الحفظ ونحن نغضب رب الأرض والسماء جهارا نهارا بما يعرض فيه.
ولن تنفعنا نفعا حقيقا كاملا ونحن نغضب الله أي وحدة أو أي وسيلة أخرى, فسنة الله معنا أننا لن ننصر ونحفظ الحفظ الشامل ونحن قد خالفنا أوامره سبحانه في جوانب من الحياة, ونسينا العهد الذي عاهدناه به كمسلمين ننفذ ما يأمر به ونجتنب ما ينهى عنه.
أمة الإسلام فلنستيقظ فإن الخـطـر الأكبر ليس ممن يعادوننا بل الخوف الأكبر هو من المعاصي خاصة المُجَاهَرُ بها, والتي تكون سبباً في تسليط الأعداء علينا وحدوث الفتن الخطيرة في ديارنا.
ولنرجع لكلام ربنا الجليل وأحاديث رسولنا صلى الله عليه وسلم وكلام سلفنا الصالح وعلمائنا لنتبصر أن الخطر الأكبر هو من إغضاب الله والمعاصي التي هي أساس الشرور وسبب العقوبات. وهي أساس التخبط الرهيب الذي تعيشه بلاد الإسلام في شتى أرجائها.
وأُذَكِّر ختاما بقلب مشفق محب للخير بإذن الله كل من يتهاون في أي أمر يُبعد الأمة عن التمسك الحق الكامل بالدين بالآية العظيمة التي تهز أي قلب مؤمن بالله ولقائه والحساب
والعقاب في يوم العرض على الجليل: {استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مردَّ له من الله مالكم من ملجأٍ يومئذٍ وما لكم من نكير} [الشورى:47].
أصل الموضوع: http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=7489
مهدي بن علي قاضي
جنان جمعاوي
"سوريا كالبنك الدولي.. أكبر من أن يسمح بسقوطها
"رامي خوري:
http://www.assafir.com/Article.aspx?EditionId=1838&ChannelId=43252&ArticleId=420
إذا سقطت سوريا... فلنتوقع "سيناريو يوم القيامة". هكذا من دون مواربة، وصفت مراسلة صحيفة "واشنطن بوست" في بيروت ليز سلاي، ما سيحدث في حال أطاحت التظاهرات الشعبية التي تشهدها مدن سورية، بنظام الرئيس بشار الأسد، محذرة من أن ذلك سيحدث "فوضى غير مسبوقة" في المنطقة.
لبنان يبدو الضحية الأبرز لسيناريو كهذا. إذ لا يمكن تخيل "اضطرابات تندلع في سوريا من دون ان تطال شظاياها لبنان المجاور"، كما قال محللون لـ"واشنطن بوست"، محذرين من أن انهيار نظام الأسد "لن يتمخض عن وضع شبيه بمصر وإنما أشبه بالحالة العراقية".
من جهتها، ترصد المحللة السياسية اللبنانية الأميركية رندى سليم، في تقرير نشرته مجلة "فورين بوليسي"، تداعيات سيناريو كهذا، على "حزب الله"، واصفة سقوط نظام الأسد بأنه "التحدي الأخطر" الذي يواجهه الحزب، منذ حرب تموز 2006.
وقالت سليم، التي تعد كتاباً حول "تطور حزب الله"، إن تغيير النظام في سوريا سيهدد طريق تزويد "حزب الله" بالأسلحة، وسيحرم ما يسمى بمحور إيران وسوريا و"حزب الله" وحماس من "عصبه العربي"، وسيضعف قدرات "حزب الله" الرادعة في وجه إسرائيل، كما سيحرم قادة "حزب الله" وعائلاتهم من "الملاذ الآمن عندما يشعرون بالتهديد الإسرائيلي، كما فعلوا في حرب 2006". وكل ذلك يشكل "تهديداً فريداً لـ"حزب الله"، الذي أيّد الثورات في مصر وتونس وليبيا واليمن والبحرين، بعدما كان قد آثر الصمت في ما يتعلق بالثورة الخضراء في إيران في 2009".
ويبدو أن سليم جالت على عدد من قادة "حزب الله"، طارحةً عليهم سؤالاً واحداً: "كيف ينظر "حزب الله
إلى احتمال تغيير النظام في دمشق"؟. وفي اعتقاد هؤلاء أن نظام الأسد سيصمد"، باعتبار أنه "لا يزال يتمتع بقاعدة دعم شعبية، خاصة في المدن الكبرى كدمشق وحلب"، بخلاف نظيريه في مصر وتونس
وذكرت الكاتبة في
فورين بوليسي إن قادة الحزب يعتقدون بأن نظام الأسد وقاعدته الواسعة سيقاومون معربين عن مخاوفهم من مغبة
انزلاق سوريا إلى "حرب أهلية تنتقل إلى لبنان، وخاصة شماله، ما يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في دول أخرى في المنطقة، بما فيها تركيا" في حال فشل الأسد في السيطرة على التظاهرات.
أكثر ما يخشاه قادة "حزب الله"، بالإضافة إلى خسارة طرق إمداد السلاح والمال، هو "ضربة قاتلة" تودي بـ"محور المقاومة" في الشرق الأوسط.
قادة "حزب الله" الذين تحدثت إليهم سليم يرون أن المعارضة السورية الداخلية "قديمة وغير منظمة". وعليه، "إذا كان هناك احتمال لأي تغيير للنظام هناك، فإن الإخوان المسلمين يشكلون القوة السياسية الوحيدة المنظمة في البلاد".
ويستبعد قادة "حزب الله" أن تحصل مفاوضات بين نظام الأسد والمحتجين، مجادلين بأن "العامل الحيوي في الثورات العربية الأخرى كان الدور الحيادي الذي لعبته الجيوش في تلك الدول". وفي حالة دمشق، "لا يزال الجيش إلى جانب النظام".
كما استبعد هؤلاء احتمال حدوث انقلاب يقوده مسؤول عسكري علوي، "لغياب أي بديل مقبول لبشار الأسد"، كما قال أحدهم للكاتبة في "فورين بوليسي"، وأشاروا إلى أن "العلويين والمسيحيين يخشون من عواقب استيلاء السنة على الحكم"، في حين أن أي حرب اهلية محتملة "قد تؤدي في نهاية المطاف إلى تقسيم سوريا إلى دويلات موزعة إثنياً: العلويون والسنة والأكراد".
ولماذا يعتبر بقاء بشار الأسد مهماً جداً بالنسبة لـ"حزب الله"؟ تجيب الكاتبة في "فورين بوليسي" أنه "خلافاً لوالده حافظ الأسد، الذي نأى بنفسه عن الملف اللبناني، تاركاً لمساعديه مهمة التعامل مع اللاعبين السياسيين اللبنانيين، فإن بشار الأسد أمسك بالملف اللبناني، ومنذ بداية حكمه طوّر علاقة خاصة مع الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله".
كما أن الحزب كان "مجرد عنصر واحد في صندوق عدّة حافظ الأسد، يستخدمه لتعزيز موقف سوريا الضعيف في المفاوضات العربية الإسرائيلية، وغالباً ما تطلّع إلى تقييد دور "حزب الله" في السياسة اللبنانية"، في حين أن بشار الأسد "يعتبر الحزب أهم حلفائه اللبنانيين وعمل جاهداً لحماية ترسانته العسكرية وتعزيزها". وعليه، حتى وإن حل علوي آخر مكان بشار الأسد "فإن العلاقة بين الحزب والقيادة السورية لن تبقى على حالها" كما يعتقد قادة "حزب الله".
وقف الطريق السورية للإمداد "لن يكون الخسارة الأهم للحزب"، ووفقاً لمسؤول "ممن حدّثتهم (سليم)، طوّر الحزب طرقاً بديلة"، لكن "الأهم هو البُعد السياسي". وقال مسؤول في "حزب الله" للكاتبة في "فورين بوليسي" إن "سوريا هي بوابة المقاومة إلى العالم العربي"، ولكونها "لاعباً لا يمكن الاستغناء عنه في الصراع العربي الإسرائيلي، ومن دونها لا يمكن تطبيق عملية سلام في المنطقة، تعتبر سوريا قائد معسكر المقاومة وكفيل الدور الريادي لـ"حزب الله" في هذا المعسكر".
وبعد أن تقدم ثلاث مقاربات مختلفة عن بعضها البعض لكوادر وسطية في "حزب الله"، تختم سليم : "حتى الآن، لا يزال الحزب على موقف "صلب" داعم لحليفه. وتستبعد أن يخرج السيد حسن نصرالله مخاطباً الحشود في ضاحية بيروت الجنوبية التي (قد) تؤيد الثورة السورية، كما فعل في 19 آذار عندما قال إن الثورات العربية ستنجح. ولكن "هل بدأ الحزب سن خطط تدرس احتمال الإطاحة بالأسد"؟. لا تجيب سليم، ولكنها تنقل عن مسؤول في "حزب الله" "نفيه"، لأن "القيام بذلك قد يُنظر إليه على انه تصرف خيانة بحق حليف قديم".
أما الكاتبة في "واشنطن بوست" ليز سلاي فرأت أن سقوط بشار الأسد قد "يطلق موجة من الفوضى، والنزاع المذهبي والتطرف، قد ينتشر أبعد بكثير من الحدود السورية، ما يهدد لا الحكام المترنحين أصلاً ولكن أيضاً، توازن القوى في هذه المنطقة الهشة".
ورأت سلاي أن تبعات "تغيير النظام في سوريا قد تبدو أقرب إلى النموذج العراقي منها إلى النموذج المصري"، إذ أن الجيش السوري موالٍ للنظام، أي أن "سقوط النظام يعني انقسام الجيش، ما يمهد لانفجار داخلي على الطراز العراقي، حيث تسعى الغالبية للانتقام من الأقلية، بينما تسعى القوى الإقليمية لحماية مصالحها"، كما شرح الأستاذ في جامعة "اوكلاهوما" جوشوا لانديس، الذي وصف سوريا بأنها "عصب الشرق الأوسط والصراع على السلطة هناك قد يشعل المنطقة".
ونقلت مراسلة "واشنطن بوست" عن أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية في بيروت هلال خشان قوله إنه "إذا انهار النظام سنشهد حرباً أهلية تنتشر في أرجاء المنطقة"، بما في ذلك لبنان والعراق والسعودية وأبعد، واصفاً هذا السيناريو بأنه "سيناريو يوم القيامة بالنسبة للشرق الأوسط برمته".
ويعتقد كثيرون أن هذا السيناريو المخيف هو ما دفع المجتمع الدولي، بما في ذلك الولايات المتحدة، إلى تقديم "ردود حذرة حيال إراقة الدماء في سوريا"، حيث لم تصدر تصريحات تنادي بتدخل طائرات حلف شمال الأطلسي لسوريا، كما في حالة ليبيا.
ونقلت سلاي عن المحلل السياسي رامي خوري وصفه سوريا بأنها
"بمثابة البنك الدولي في الشرق الأوسط"، بمعنى أنها أكبر من أن يُسمَح بسقوطها، موضحاً أن "تأثير التداعيات سيكون فظيعاً"، معتبراً أن "احتمال اندلاع فوضى مذهبية في سوريا ما بعد الأسد، قد تنتشر في أرجاء أخرى من الشرق الأوسط، ترعب العديد من الناس".
في الحالة اللبنانية تحديداً، شرح خشان لـ"واشنطن بوست" أن لبنان يعاني هو أيضاً من الانقسام السني الشيعي المعادي لسوريا والموالي لها، بمعنى أنه لا يمكن تخيل اضطرابات في سوريا لا تجتاز الحدود نحو لبنان.
وفيما رأى الباحث في "معهد من أجل التحليلات العسكرية في الخليج والشرق الأدنى"، ومقره دبي، رياض قهوجي أن التوقعات بانتشار الفوضى اذا حصل تغيير للنظام في سوريا "مبالغ بها"، فإن سقوط النظام في سوريا مستبعد، إذ "لا احد يريد ذلك، بما في ذلك إسرائيل والولايات المتحدة ودول الخليج"، كما قال هلال خشان لـ"واشنطن بوست".
دراسة معهد راند بعنوان العمليات العسكرية الجوية لحرب إسرائيل ضد «حزب الله»)
المقاومة أدركت عقيدة «الصد الجوي».. فأطلقت استراتيجية مضادة
جنان جمعاوي
أداء إسرائيل «المخيب للآمال» في حربها على لبنان في تموز 2006، لم يكن نتيجة
فشل في استخدام القوة الجوية» بل نتيجة «استراتيجية خاطئة». هذا ما خلصت إليه دراسة تقع في 444 صفحة «فولسكاب»، بعنوان «العمليات العسكرية الجوية لحرب إسرائيل ضد «حزب الله»، أعدّها معهد «راند» لمصلحة وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، لا لمجرد انتقاد أداء الدولة العبرية، بل للقول
«إنها تعلمت الدرس» خلال عدوانها على غزة»، على حد تعبير واضع الدراسة الباحث بنيامين لامبث
وضع لامبث الدراسة بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز 2006،
وقد ركّز لامبث خصوصا على دور سلاح الجو الإسرائيلي، غير أن الدراسة تغطي الحملة العسكرية الإسرائيلية بالتفصيل، واضعة اليد على «جذور العيوب» التي أظهرها الجيش الإسرائيلي خلال عدوانه، وإن كان قد أشار الى أن «عملية تغيير الوجهة» (حرب تموز) تضمنت «الهجوم الجوي الأكثر تعقيدا الذي تشنه قوات الجو الإسرائيلية في تاريخها».
وخلص الباحث في «راند» إلى أن أداء إسرائيل «المخيب للآمال» في حربها ضد «حزب الله» في تموز 2006 لا يعكس «فشل القوة الجوية» بل «فشل قادة إسرائيل السياسيين والعسكريين بتقييم العدو بشكل صحيح، وتحديد الأهداف، وتطبيق استراتيجية فاعلة تحقق التوقعات». ذهب لامبث في تحليله حد تقييم مدى صوابية قرار القيادة الإسرائيلية عندما «فضلت اتخاذ موقف دفاعي وصد الهجوم في المرحلة الأولى من الصراع»، مضيفا أن «هذه الاستراتيجية أو أي بديل عسكري آخر لم يلب طموحات الأهداف التي وضعتها الحكومة الإسرائيلية في اليوم الأول من الحرب، عندما أصر رئيس الوزراء ايهود اولمرت آنذاك «على العودة غير المشروطة للجنديين» اللذين أسرهما «حزب الله»، وعلى «إزالة الحزب نهائيا كقوة تقاتل في جنوب لبنان». هي أهداف اعتبرها الباحث في «راند» «غير واقعية وساهمت بعرقلة الجهود المبذولة في الأيام التالية، والتي أدت فقط إلى تصعيد النزاع». ثمة ما يستحق ثناء الباحث لامبث في «أداء إسرائيل (في حربها على لبنان). فهي برعت في مجال السلاح الجوي، الذي أدى وظيفته بمستويات عالية من الكفاءة طوال فترة الاشتباك». لكن «أفظع زلة للحكومة الإسرائيلية» برأي الباحث في «راند»، هي «عندما اعتمدت على استراتيجية لا تعكس واقع الحال، فماذا يمكن أن تحقق قوة عسكرية من أي نوع غير مدعمة باستراتيجية فاعلة ومتماسكة عندما تكون الأهداف المعلنة طموحة جداً والقوات البرية في الجيش الإسرائيلي غير مستعدة لذلك بتاتاً». هذه «الزلة لا علاقة لها بالقوة أو بقيود القوة الجوية»، وفقا للدراسة، فـ«تلك الأهداف ظلت غير واقعية حتى عندما انتهى الصراع في أعقاب وقف إطلاق النار المتفق عليها بشكل متبادل، وأثبتت قوات الدفاع الإسرائيلية أنها لم تستطع في أي وقت من الأوقات وقف وابل الصواريخ اليومية التي كان «حزب الله» يطلقها على شمال إسرائيل»، مذكرة بأن قائد القوات الجوية الإسرائيلية كان قد حذّر الحكومة، قبل وقت طويل من اندلاع الحرب، بأن «قصف الصواريخ المحصنة بشدة أمر يفوق قدرة القوات الجوية الإسرائيلية وحدها». في الدراسة الموجهة إلى سلاح الجو الأميركي، يغطي لامبث «تفاصيل الحملة الشاملة، وخطط عمليات سلاح الجو الإسرائيلي وكيفية تنفيذها، بما في ذلك هجمات الصد، وعمليات طلب الميزانية الإضافية، وتنسيق العمليات الجوية، والدعم الأرضي» وعمليات ما أسماها «المطاردة الفاشلة لصواريخ «الكاتيوشا»». وأشار لامبث إلى أنه «على الرغم من أن الجيش الإسرائيلي كان يملك خطة طوارئ متطورة لأي هجوم مضاد ارضاً وجواً، كان بالإمكان أن تشكل ردا حقيقيا على الاستفزاز الذي قام به «حزب الله»، لكن قادة إسرائيل اختاروا تجنب تكرار تجربة الغزو البري الشامل كالذي حصل في العام 1982». وأخذت الدراسة على الجيش الإسرائيلي أنه «لم يُخضِع جنوده المشاة لأي عملية تدريب افتراضية شاملة تحاكي نموذج حرب كبرى، طيلة السنوات الأخيرة (قبل 2006)، ما ترك القادة الإسرائيليين (في كتائب المشاة) من دون دافع كبير لمقاتلة «حزب الله» القوي». وعندما «قررت الحكومة الإسرائيلية أخيرا إقحام القوات البرية، بأعداد كبيرة، خلال الأيام الأخيرة للحرب، افتقر أداء هذه القوات إلى أي تنسيق مع العمليات العسكرية الجوية». وأشارت الدراسة إلى أن «دفاعات «حزب الله» المحصنة جيدة أثبتت أنها عصية على الهزيمة، أكثر بكثير مما تصور الإسرائيليون». ومع ذلك، وجد الباحث أن «إسرائيل تعلّمت من أخطائها وشنت حملة أكثر نجاحا ضد «حماس» في غزة بين كانون الأول 2008 وكانون الثاني 2009». يسلط بنيامين لامبث الضوء على «الحملة» ـ الحرب، التي يؤثر مرارا وتكرارا على وصفها بأنها «رد تصعيدي على غزو لطالما خطط له «حزب الله» إلى شمال إسرائيل»، ورد فوري على أسر الجنديين الإسرائيليين. وقال لامبث انه يمكن اقتفاء أثر العدوان الاسرائيلي على لبنان في تموز 2006 الى ست سنوات قبل هذه الحرب، عندما قرر رئيس الوزراء ايهود باراك الانسحاب من جنوب لبنان بعد 18 عاما من «الاحتلال المضني». هذا الانسحاب خلق «فراغا» سرعان ما سده «حزب الله»، مستفيدا من «فشل» الحكومة اللبنانية لنشر قواتها هناك. في هذه الأثناء، كان السيد حسن نصر الله قد أصبح «السياسي اللبناني الأبرز والأكثر شعبية»، واضعا نصب عينيه أن يصبح الحزب «القوة السياسية المهيمنة في الداخل، وعدم توفير أي جهد لتدمير اسرائيل»، ناهيك عن انه «أكثر القادة العرب ذكاء، واكثرهم خطورة»، والتعبير مأخوذ عن السفير الاسرائيلي في واشنطن داني ايالون. وبعدما استعرض وضع «حزب الله» في لبنان، من حيث عديد مقاتليه وترسانته، ووضعه في المشهد السياسي اللبناني، مرورا بمواقعه العسكرية والإدارية، بدأ لامبث سرد وقائع الحرب، منذ بدايتها، في الساعة التاسعة وخمس دقائق من صباح 12 تموز 2006، مشيرا الى ان «العواصم الغربية رأت أن توقيت عملية أسر الجنديين كان من اختيار إيران لتشتيت الانتباه عن طموحاتها النووية». أياً يكن، فما ان تم إبلاغ مقر القيادة الشمالية الاسرائيلية بتغيب إحدى المدرعات، حتى أعلنت إسرائيل عن عملية «غزو»، وما هي إلا ساعة وأعلن الحزب عن نجاح عملية أسر جنديين. عندها أمر وزير الدفاع عمير بيريتز بالتنفيذ الفوري لخيارين من خطط الرد المعدة سلفا: مهاجمة كل مواقع الحزب المحصنة على طول الحدود الجنوبية للبنان، وإغلاق كل الطرق الممكنة لفرار عناصر الحزب، مع قصف جوي في العمق اللبناني. عند الساعة 10:20، كانت الجولة الأولى من الغارات الإسرائيلية التي دمرت مواقع المراقبة الـ17 التابعة للحزب على طول الخط الأزرق. تضمنت تلك الجولة «أضخم استخدام للقوة من قبل اسرائيل منذ انسحابها من جنوب لبنان في العام 2000». الجدل في أوساط القيادة العسكرية الإسرائيلية بشأن الاستراتيجية الأمثل شكّل السمة البارزة طيلة 34 يوما من النزاع. فخلال اجتماع عقد في اليوم ذاته عند الساعة 12:45، بين بيريتز ورئيس الأركان دان حالوتس. قال الأخير «علينا أن نطفئ أضواء لبنان برمته. بإمكاننا أن نقطع عنهم الكهرباء لعام بكامله». وكان بيريتز «محقا»، برأي الباحث في «راند» في رفضه دعوة حالوتس تدمير البنى التحتية اللبنانية وذلك «لسبب وجيه»، باعتبار ان تدمير محطات الكهرباء «قد يوحد اللبنانيين ضد إسرائيل لا ضد الحزب». وتابع لامبث ان حالوتس كان «محقا» عندما دعا الى «عدم» إعلان عودة الجنديين هدفا للحملة، «بما انه «غير واقعي وغير قابل للتحقق»، لكنه «أخطأ» عندما أصر مرارا على مهاجمة «حزب الله» والحكومة اللبنانية، كلاهما». وقال لامبث ان خطاب أولمرت الأول عند الساعة 12:50 كان الخطاب «الذي تضمن العديد من الأخطاء في تقييم الوضع والحكم الاستراتيجي التي كانت سبب النتيجة غير الحاسمة بالنسبة لإسرائيل في نهاية الحرب»، عندما توعد برد «مزلزل». وانتقد الباحث في «راند» الأهداف التي أعلنها أولمرت للحرب، ورأى أن الهدف الأول (وهو عودة غير مشروطة للجنديين) كان «مبالغا فيه حد الخطأ، لأن كل ما يتعين على «حزب الله» ان يفعله حينئذ هو عدم إعادة الجنديين وحرمان أولمرت القدرة على تحقيق ما وعد الاسرائيليين به، ليعلن نصره»، في حين ان الهدف الثاني (التوصل الى «وضع جديد» في لبنان) «كان ممكنا تحقيقه لو تم اتباع استراتيجية حكيمة». وفيما يدعو الهدف الثالث (تعزيز قوة الردع الاسرائيلية ضد التهديدات الخارجية) الى التساؤل عن طريقة تحقيقه، فإن الهدف الرابع (نزع سلاح «حزب الله» وإزالته من جنوب لبنان) كان «خياليا مثل الهدف الأول»، وذلك لا يعني أنه «من غير الممكن تحقيقه بل كان يتطلب من حكومة أولمرت ان تكون مستعدة لدفع أثمان باهظة وربما إعادة وجود إسرائيل في جنوب لبنان». هذان الهدفان الأول والرابع سيلاحقان أولمرت ما ان تضع الحرب أوزارها. لكن رئيس الوزراء ليس وحده من يستحق ملامة لامبث، الذي يقول ان حالوتس أبلغ الجيش عن حملة بأهداف أربعة أكثر بساطة وممكن تحقيقها.. والأهم «مغايرة» لأهداف أولمرت، هي «حمل «حزب الله» على دفع ثمن غير متكافئ على استفزازه»، و«تحسين مستوى الأمن في شمال إسرائيل»، و«خلق ظروف تؤدي لعودة الجنديين»، و«تجنب أي تصعيد في النزاع يشمل سوريا». هكذا اعتبرت «راند» انه في هذا التضارب بين أهداف أولمرت وأهداف حالوتس يكمن «السبب الأساسي لفشل اسرائيل». كما رأى لامبث في افتراض بيريتز وحالوتس، بأنه كان بإمكان الجيش اللبناني أن يقوم بعمل ضد «حزب الله»، بأنه «خاطئ.. وحتى ساذج». مع بدء انتهاء اليوم الأول للنزاع، كان واضحا ان حكومة اولمرت تميل الى اعتماد استراتيجية ترتكز «على هجمات الصد». ووافق حالوتس على ذلك «مدفوعا بتصميمه على تجنب العودة» الى ما بات يعرف بـ«الوحل اللبناني». وبعد استعراض الأهداف التي قصفها الاسرائيليون في ليلة 12 تموز، وبينها مطار بيروت الدولي، توقف لامبث عند «فشل الجيش الإسرائيلي في إزالة قناة «المنار» الناطقة بلسان «حزب الله» (التي وصفها بأنها أمر حيوي)» ما سمح لـ«حزب الله» بأن «يهيمن على معركة الخطابة، خلال النزاع وبعده ليعلن نفسه منتصرا»، في مقابل «ضعف حكومة أولمرت في هذا المجال و(عجزها) عن استقطاب تعاطف الاسرائيليين ودعمهم ودعم المجتمع الدولي». وتابع لامبث ان حملة «الانتقام» تلك في بدايات الحرب «كشفت، للمرة الأولى مدى هشاشة الجبهة الاسرائيلية.. في وجه نيران «الكاتيوشا»... وصواريخ «حزب الله» التي شلّت منطقة واسعة في شمال إسرائيل». أولى بوادر التشكيك في جدوى استراتيجية الصد وحدها بدأت في 16 تموز. عندها، قال رئيس الوزراء ايهود باراك والوزير السابق دان ميردور ان أي قرار لمواصلة القصف سيؤدي حتما الى كارثة، وقالا إن الجيش الاسرائيلي ليس مستعدا على الإطلاق لغزو جنوب لبنان وأن القيام بذلك «سيدمر بشدة أي مصداقية تتمتع بها قوة الردع الاسرائيلية». وما لبث أن ازداد عدد منتقدي استراتيجية استخدام العنف المفرط ضد المدنيين اللبنانيين، التي كانت حكومة أولمرت تأمل بأن تحمل اللبنانيين على الانقلاب ضد «حزب الله». وقال لامبث ان أول غزو بري بقوات تقليدية بدأ في 17 تموز قرب مارون الراس، ليكتشف الاسرائيليون «للمرة الأولى إلى أي مدى تعتبر مواقع «حزب الله» محصنة، وهو أمر لم يكونوا مدركين له في السابق». ولكن مع مرور الأيام، بعد ذلك «كان واضحا ان العديد من قادة الجيش الإسرائيلي لم يكونوا راغبين في شن حملة تشبه تلك التي قامت بها اسرائيل في العام 1982». في 20 تموز، جندت الحكومة الاسرائيلية ثلاث كتائب من الاحتياط على الحدود. وانتقد لامبث «الارتباك الهائل بشأن المهمة والأهداف، الذي كان سائدا عندما دخل الجنود الى جنوب لبنان»، مشيرا الى ما خلص إليه أحد التقييمات للحرب بأن «العمليات العسكرية البرية الأولى كانت ضعيفة على نحو مستغرب وأن الهجمات البرية.. افتقرت الى التركيز والقوة اللذين لطالما ميزا هجمات الجيش الاسرائيلي في السابق». وعندما اقترب موعد القيام بعمليات برية موسعة، احتدم الجدال مجددا: هل ستكفي عمليات غزو قصيرة؟ ام ان اسرائيل ستحتاج الى تعبئة عدد كبير من الجنود؟ ونقل لامبث عن جنرال لم يسمه قوله آنذاك ان «مناورة برية لن تحل مشكلة الصواريخ طويلة المدى. المشكلة تكمن في نية إطلاق هذه الصواريخ وعلينا كسر إرادة «حزب الله».. عبر قتلهم. فقد يكون العديد من مقاتلي الحزب يريدون الاستشهاد لكن القيادة ذكية وتريد ان تعيش. هم عقلانيون ويختبئون». وبعد سرد وقائع عايشها الجنود الاسرائيليون في محاولتهم الصعبة لمطاردة «حزب الله» على الأرض، واكتشاف هؤلاء ان «دفاعات «حزب الله» أثبتت متانتها، فيما أثبت مقاتلوه حسن انضباطهم اكثر بكثير مما كان متوقعا». أما عن مهارات الحزب في مجال التقنيات، فاستبعد لامبث ما قيل عن قدرة الحزب على اعتراض مكالمات القيادة الاسرائيلية، ولكنه قال ان «معرفة الحزب بقدرات إسرائيل التقنية (في فك الشيفرات) وعليه توخي قيادته الحذر، شكلت تحديا كبيرا أمام الاستخبارات الاسرائيلية». في 26 تموز، قال قائد سلاح الجو الاسرائيلي الجنرال عيدو نحوشتان لحالوتس انه «من دون حملة برية ضخمة لن نتمكن من وقف «الكاتيوشا». علينا ان نطلب من الحكومة ذلك. فإذا لم توافق، فعلينا ان نطلب منها وقفا فوريا للحملة» برمتها. وهكذا في اليوم التالي وافق اولمرت على تعبئة 30 ألف جندي، ممانعا، حتى حينه، شن حملة برية شاملة. في 28 تموز، تزايدت الدعوات إلى وقف إطلاق النار. في هذه الأثناء كانت القيادة الاسرائيلية لا تزال تتخبط بشأن قرار الغزو البري، الذي لم يصدر حتى 9 آب. وانتقد لامبث «التردد الهائل الذي كان سائدا في كل مستويات الجيش الاسرائيلي، بشأن تنفيذ هذا القرار»، الذي صادق عليه أولمرت في 10 آب. وقال الباحث في «راند» انه لو تم اتخاذ هذا القرار وتنفيذه خلال الأسبوع الأول للحرب «لكان ساعد في التوصل الى نتيجة أفضل بالنسبة لإسرائيل». ولكن القرار صدر «في مرحلة متأخرة» قبل فترة وجيزة من قرار وقف إطلاق النار. ووصف لامبث قرار أولمرت وبيريتز «التصعيد البري» بأنه «لم يعكس نية جدية لإزالة «الكاتيوشا»، بل كان مجرد رغبة في تقديم استعراض للقوة» يقوض الحزب. وهكذا خلال الساعات الـ72 من القتال، ضاعف الجيش الإسرائيلي عدد جنوده داخل لبنان إلى ثلاثة امثال. وانتقد الباحث في «راند» ما أسماه «ضعف التنسيق خلال المرحلة الاخيرة من الحملة»، موردا على سبيل المثال كيف «رفضت القيادة الشمالية طلبات أطقم المدرعات الحصول على مساندة جوية على علو منخفض»، مشيرا ايضا الى «العيوب المتشعبة في تقنيات القتال»، حيث غالبا ما كانت «وحدات المشاة غير قادرة على التنسيق مع أطقم المدرعات والدبابات التي أثبتت انعدام فاعليتها في العمليات الليلية»، ليخلص الى انه «منذ بدء الحرب وحتى نهايتها، افتقرت العمليات البرية في لبنان لأسلوب عملاني محدد».يقول بنيامين لامبث إنه في «غالبية الطلعات الجوية حيث برع على نحو تلقائي، قدم الجيش الإسرائيلي أداء عالي المستوى من الكفاءة خلال الأيام الـ34 لاشتباكه مع حزب الله»، حتى أنه «تجاوز توقعات الحكومة» منه، وإن قال في موقع لاحق من بحثه ان «القوات الجوية الاسرائيلية كانت بأعلى جهوزيتها» عندما اندلع النزاع، وقال في موقع آخر من البحث ان «المجال الجوي فوق لبنان شكل بيئة لطيفة للقوات الاسرائليية، حيث لا وجود لتهديدات جوية أو لدفاعات أرضية يتعين مكافحتها». لكن لامبث عزا «أي تقصير في فاعلية القتال إلى غياب متوقع للمعلومات الاستخباراتية على المستوى التكتيكي، عند الحاجة لشن هجوم على أهداف حساسة في زمن معين مثل مخازن الصواريخ المحصنة أو غيره». بعدها، يستعرض لامبث العمليات الجوية التي شنها الجيش الاسرائيلي والطلعات الجوية والغارات والمواقع التي قصفها، معززا استعراضه بالأرقام والتواريخ وبأنواع القنابل التي استخدمت، مغفلا بالكامل أي حديث عن القنابل المحرمة، حيث استخدم تعبير «القنابل العنقودية» مرتين فقط في تقرير من 444 صفحة، وفي إطار نفي تقرير لجنة فينوغراد أي استخدام لهذه القنابل المحرمة دوليا! وينتقل لامبث للحديث عن المحاولات الإسرائيلية «لإزالة تهديد الصواريخ الاستراتيجي» الذي يمثله حزب الله، مستعرضا ترسانة الحزب في هذا المجال، وأشار الى أن الجيش الاسرائيلي كان «على علم بحصول الحزب على صواريخ تطال العمق الاسرائيلي وخاصة حيفا، قبل ثلاثة أشهر من الانسحاب الاسرائيلي من جنوب لبنان في أيار العام 2000، واعتقد الاسرائيليون ان الحزب سيخزن هذه الصواريخ في البقاع... ولكن حتى عشية الحرب في 2006، ظل هناك غموض كبير بشأن التوزيع الفعلي لهذه الصواريخ (تحديدا «زلزال») في سائر أنحاء لبنان». وقال لامبث ان «الانجاز الاستخباراتي الإسرائيلي الأهم (ولكن) الوحيد كان في التمكن من تحديد مواقع تخزين الصواريخ المتوسطة المدى»، مشيدا «بجهود سلاح الجو الاسرائيلي لتدمير قائمة من صواريخ «فجر» المتوسطة المدى خلال الليلة الأولى من الحرب، بوصفها إنجازا يستحق الإشارة إن لم يكن نجاحا كاملا». أما في ما يتعلق بصاروخ «زلزال» الاستراتيجي، فقال الباحث في «راند» ان «الحزب لم يطلق أيا من هذه الصواريخ في أي وقت خلال الحرب، حتى عندما هدد (الأمين العام للحزب السيد حسن) نصر الله بقصف تل أبيب اذا قصف الاسرائيليون بيروت»، ما يعني انه «إما ان الإيرانيين ضغطوا على نصر الله لكي لا يستخدم هذه الصواريخ وإما ان تكون إسرائيل قد حرمت الحزب من هذه القدرة خلال هجماتها الوقائية». أما عن صواريخ «الكاتيوشا»، فأخذ لامبث على الإسرائيليين «تقليلهم من تهديد هذه الصواريخ باعتبار أثرها العسكري ضئيلاً»، وهذا «الفشل الخطير من قبل الجيش الإسرائيلي ظل طوال فترة النزاع سبب الإحباط الذي شعر به الإسرائيليون»، ناهيك عن انه شكل «العنصر الأهم» في انتشار فكرة ان إسرائيل «خسرت» الحرب. وبعد استعراض العمليات العسكرية التي شنتها الطائرات بلا طيار، والجسور الجوية التي نصبها الجيش الاسرائيلي، انتقل لامبث للحديث بالتفصيل عن «المشاكل» التي واجهتها إسرائيل في ما أسماه «التوظيف الجوي». وقال لامبث إن المجالين اللذين واجهت فيهما إسرائيل المشاكل هما «مكافحة صواريخ حزب الله القصيرة المدى، والمحاولات الفاشلة لتصفية أبرز قياديي الحزب»، عازيا ذلك الى «غياب المعلومات الاستخباراتية التكتيكية الدقيقة والآنية»، منتقدا إسرائيل في «مجالين آخرين، هما حجم الضحايا اللبنانيين من غير المقاتلين وحجم الضرر في البنى التحتية اللبنانية، وهذان كانا نتيجة خيارات واعية من قبل حكومة ايهود أولمرت». أما خامس المشاكل التي واجهت إسرائيل فكانت في «عثراتها العديدة في محاولات التنسيق بين القوات العسكرية البرية والقوات الجوية، والتي نجمت من افتقار القوات البرية لتدريب عسكري شامل خلال السنوات الست التي سبقت الحرب». وعاد الباحث في «راند» الى ما أسماه «تحدي الكاتيوشا العسير»، عازيا إياه الى اتكال الجيش الإسرائيلي «المتنامي» على «عمليات الصد الجوي مقابل المناورات البرية التقليدية»، الى ان تحول ذلك إلى «عقيدة بدأ اتباعها عقب القصف الجوي المركز التي تخللته حرب الخليج في 1991»، و«تأثرت باعتماد الأميركيين على العمليات الجوية، التي نجحت في حروب عدة وآخرها الحرب على العراق». وقال لامبث ان خبراء الخطط الاستراتيجية في حزب الله كانوا يدركون ذلك ولهذا «طوروا وكيفوا استراتيجية مضادة غير متماثلة، تهدف إلى إلغاء المكاسب التي تحققها إسرائيل في عمليات الصد، وذلك بواسطة 13 ألف صاروخ «كاتيوشا» قصير المدى»، التي وصفها الباحث بأنها «ترسانة الصواريخ التي مكّنت حزب الله من إبقاء شمال إسرائيل في خطر مستمر وبلا حصانة»، وكانت «كبيرة ومحصنة ومنتشرة بشكل كافٍ، لم يكن لأي عدد من الهجمات الجوية المكثفة ان يمنع الحزب من إطلاقها». جوهر «ورطة» الجيش الإسرائيلي يكمن في أنه لم يكن بالإمكان «استهداف الكاتيوشا من قبل هجمات الصد»، كما قال لامبث، مضيفا ان ما يزيد الطين بلة هو «مهارات الحزب في تمويه مواقع تخزين هذه الصواريخ». كما ان «أي دفاع فعلي ضد «الكاتيوشا» كان مستحيلا»، على حد تعبير الجنرال بين اسرائيل الذي أوضح انه «كلما قصر مدى الصاروخ كلما كان صعباً ان نقوم بشيء حياله. فالوقت المستغرق بين تحضير الصواريخ وقصف الأهداف لا يتجاوز الثواني، ولا شيء بإمكاننا ان نقوم به لاعتراضها». وعليه كان «البديل هو مهاجمة منصات هذه الصواريخ إما قبل القصف أو بعده مباشرة». وهنا أيضا «جرى تبادل للاتهامات في أوساط القيادة العسكرية الاسرائيلية حول من قصّر في تأمين المعلومات الاستخباراتية حول أمكنة هذه المنصات». وخلص لامبث الى ان «التخلص من تهديد «الكاتيوشا» كان يتطلب عمليات برية بعدد كبير من الجنود يغزو المنطقة الممتدة بين الحدود الشمالية ونهر الليطاني، وهو قرار كان ليحقق نتائج استراتيجية ولكن بعدد ضحايا أكبر». وقد أقر قائد سلاح الجو الاسرائيلي عيدو ناحوشتان بأن «هناك أشياء لا يمكن العثور عليها انطلاقا من الجو»، مضيفا «لن نسعى وراء آخر صاروخ في لبنان»، لأنه من غير المجدي تكبد نفقات كبيرة على ذخائر متطورة لإزالة صواريخ العدو المراوغة والتي لا يتجاوز ثمنها مئات الدولارات». ثاني أكبر المشاكل التي واجهت إسرائيل كان في «محاولاتها الفاشلة» لقتل قياديين من «حزب الله»، على ما رأى بنيامين لامبث، معتبرا انه «لو أعطي الجيش الإسرائيلي الضوء الأخضر لشن هجوم ضخم ومكثف على أهداف تابعة لقيادة الحزب في بيروت، لكان ذلك سيحدث صدمة تحقق على الأقل بعض أهداف الهجوم»، لكن أولمرت لم يصادق على مثل هذا الهجوم إلا بعد «وقت سمح لقياديي الحزب بأن يتخذوا الإجراءات الوقائية ضد مثل هذا الهجوم»، كما قال لامبث الذي نقل عن مسؤول أميركي قوله ان السيد نصر الله كان «ينتقل كثيرا» خلال الحرب، «فلو كانت اسرائيل قد تمكنت من تحديد مكانه لكنا رأينا كمية كبيرة من الدخان تتصاعد من هذا المكان. وهو كان يعلم ذلك، لهذا لم يكن يقضي وقتا طويلا في موقع واحد». وبعدما أسهب طويلا في تبرير مقتل أكثر من ألف مدني لبناني وجرح أكثر من 4 آلاف آخرين، متبنيا الرواية الإسرائيلية بأن حزب الله كان يخبئ صواريخه ويطلقها من أماكن مأهولة متخذا من المدنيين دروعا بشرية، قال لامبث ان هؤلاء الضحايا شكلوا مادة سهلت على حزب الله «كسب حرب البروباغاندا». لكن لامبث انتقد ما أسمــاه «الإفــراط في تدمير البنى التحتية» بطريقــة أثارت «أشد الانتــقادات» ضد إسرائيل، ولكنه اعتبر انه كان هناك «مبالغة» عندما قيل ان سلاح الجو الاسرائيلي قصف «بلا أي ضبط للنفس»، وانه «سدد ضربات أحدثت كارثة في المجتمع الشيعي جراء القصف المكثف والمدمر».
أما عن الأخطاء التي ارتكبتها إسرائيل في عمليات «التنسيق بين قواتها البرية والجوية» فنقل الباحث في «راند» ما جاء في تقرير لجنة فينوغراد بأنه كانت هناك «عيوب كثيرة» نجمت عن «التقصير في التخطيط والجهوزية وعمليات التدريب» السابقة للحرب، وخاصة «في ما يتعلق بالتنسيق بين فروع الجيش الاسرائيلي». وأورد لامبث ما قاله جنرال في سلاح الجو الاسرائيلي بأن «هذا الأخير قام بعمل جيد في القضاء على الصواريخ المتوسطة والطويلة المدى، لكن المشكلة كانت في القيادة الشمالية عندما كان الأمر يتعلق بالقضاء على صواريخ «الكاتيوشا». كان بإمكان سلاح الجو ان يقصفها إذا حصل على الإذن من القيادة الشمالية التي كان (القضاء على) صواريخ الكاتيوشا ضمن مهامها»، فيما قال كولونيل سابق في الجيش الاسرائيلي انه «عمليا، فشل (سلاح الجو والقيادة الشمالية) في التنسيق بفاعلية»، بينما تحدث آخرون عن «فشل» القيادة الشمالية في «تنسيق جهود القوات الجوية والبرية والبحرية»، وهو ما عزاه لامبث «جزئيا الى مفهوم عملاني» لم يوضع إلى «قبل فترة وجيزة من بدء الحرب في حين أن التغيير هذا يتطلب سنوات لاختباره واستيعابه». وانتقد لامبث أيضا افتقار قيادات القوات البرية وسلاح الجو، على السواء، لأي خبرة مسبقة في إدارة عمليات ضخمة مشتركة. وما ان بدأت الحرب البرية «كان هناك غموض تام على مستوى التخطيط والتنفيذ على السواء، في ما يتعلق بكل الأمور المهمة». وكان هناك «حتما منافسة مستجدة بين القوات البرية والقوات الجوية»، على دورَي «الدعم» و«تلقي الدعم». فعلى سبيل المثال «من كان يتعين عليه أن يسيطر على تحرك المروحيات العاملة مع القوات البرية، هل هو قائد سلاح الجو أم قائد العمليات البرية؟». وأجاب لامبث انه «على الورق، تم الاتفاق على ان تكون مسؤولية عمل المروحيات منوطة بقائد عسكري ميداني لمدة تتراوح بين 24 و48 ساعة»، قبل ان يستدرك قائلا إنه «عند التطبيق، غالبا ما يتم تجاهل مع هو مكتوب على الورق». ليس هذا فحسب، فهناك مثال آخر على التخبط، أو الافتقار الى التنسيق، فخلال الأسبوعين الأخيرين للحرب، «لم تكن القوات البرية تحصل على دعم بالنيران، في وقت كان فيه القادة العسكريون (في الميدان) يفتقرون لصورة واضحة عن ميدان المعركة». ولا ينتهي التخبط هنا، إذ يروي لامبث كيف كان سلاح الجو والقوات البرية يحصلان على خريطة واحدة لمهمة معينة، بتدمير هدف معين من قبل الجانبين، ما يعني التفريط في الجهود والذخائر، لافتا الانتباه من جهة اخرى إلى أن هذه الحرب فضحت «الخلافات الجدية التي كانت قائمة بين قيادات الجيش الاسرائيلي في ما يتعلق بالقيادة والتنسيق وتركيز القصف أو عدم تركيزه وإلى ما هنالك»، لدرجة أن «أهدافا كثيرة كانت تحمل أكثر من اسم، بحسب من وضع الخطة لتدميرها، ما أدى إلى رسوخ وضع يكون فيه قائد العمليات البرية مثلا غير مدرك ما إذا كان هدف معين قد قصف أم لا».
وخلص لامبث إلى ان «هذا الفشل نجم عن كون كل القادة على المستوى العملاني (في الجيش الاسرائيلي) يفتقرون الى المهارات والتدريب المطلوب لإدارة عملية مشتركة على نحو محترف»، مشددا على أن أحد الدروس التي تعلمها الجيش الاسرائيلي من العدوان على لبنان هو «اكتشاف ان سلاح الجو الاسرائيلي والقوات البرية... لا يتحدثون اللغة ذاتها
الله الله في الشام وفي أهلها
أولاً: الدعاء لأهلنا
اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا، يا طوبى للشام يا طوبى للشام يا طوبى للشام
اللهم يا ربنا يا مولانا يا مجيب الدعاء نسألك أن تحقن دماء أهلنا في سوريا وفي ليبيا وفي اليمن
اللهم ارفع عنهم البلاء والمحن والفتن ما ظهر منها وما بطن
اللهم ارحم موتاهم وتقبلهم عندك شهداء، وداو جرحاهم، وارحمهم برحمتك الواسعة يا الله يا سميع الدعاء
كن لهم يا الله ولا تكن عليهم
اللهم انتقم ممن ظلمهم وتوله بأمرك واجعل نهاية الظالمين قريبة يا رب
ثانياً: رابط خطبة الدكتور محمد العريفي الصوتية بخصوص أحداث درعا في سوريا وما يفعله النظام الظالم في سوريا: http://download.media.islamway.net/lessons/3refi/452_Orafy_AhdasSyria.mp3
ثالثاً: لمن لا يعرف فظائع نظام الأسد ومن لم يسمع بما فعله القذر الهالك حافظ أسد لعنه الله بأهلنا في الشام فليستمع الى خطبة الشيخ أحمد القطان حول مجزرة حماة عام 1982
http://www.4shared.com/video/ynA0sio8/_______1982.htm
رابعا: مقالة منقولة من موقع طريق الإسلام حول الأوضاع بسوريا بعنوان : ضيعت الأمة فذبح إخواننا في سوريا وليبيا
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.
اللهم أصلح أحوال أمتنا أمة الخير وأعدها بفضلك لتطبيق أوامر شرعك في كل الأمور.
وبعد فماذا سيسطر القلم وكيف سيسجل التاريخ ما يحصل الآن في أمة الإسلام -وبتكرار واستمرار- من عجزٍ عن إيقاف ذبح إخواننا وهم يذبحون أمام أعيننا ونراهم يوميا وهم في هذه الحال.
ماذا سيكتب التاريخ عن عجزنا الذي لا نُعذَر فيه طالما أننا لم نبذل بحقٍ تعديل كل الأسباب التي أدت إلى هذا العجز عن إيقاف ذبح إخواننا في ليبيا من قبل الطاغية المجرم القذافي وزمرته أو في غيرها من بلاد العالم. بل إنه من المخجل جدا ومما يجعلنا نضع رؤوسنا في التراب أن يأتي الكفار أعداء الإسلام من الصليبيين وغيرهم –بالطبع وفق أجندتهم الخاصة- ليحموا إخواننا.
سجل أيها التاريخ هذا المشهد المؤلم. ولا أدري بأي لون قاتم ستكتبه.
سجل أيها التاريخ أن إخواننا في سوريا يذبحون الان بأبشع الصور وأمة الإسلام تبعد عن طريق النصر والعز.
سجل أيها التاريخ أن إخواننا يذبحون أمام أعيننا والعديد منا مستمر بل ومُشجع لأمور تعتبر أساس دائنا وعجزنا عن إنقاذ إخواننا؛ ألا وهو بعدنا عن التمسك الحق الكامل بكل أمور ديننا.
سجل أيها التاريخ أنه في أحد الأيام القريبة الماضية والتي كان المسلمون فيها يذبحون في ليبيا وفي سوريا وفي فلسطين تعلن صحف من صحف الأمة عن قنوات الأفلام الماجنة وبرامج الأغاني المفسدة.
سجل أيها التاريخ أنه وإخواننا يذبحون لا زالت شعوبنا تُلهى بالأفلام المحرمة واللهو القاتل للأمة عن سبيل نصرها وسبيل الجد والعزم.
سجل أيها التاريخ أن الأمة لا زالت تُشغل وتنشغل بأمور من السفاسف بينما دماؤها أصبحت أودية وانهاراً في شتى بقاع الأرض.
والله لو كنا على الحق تماما مطيعين لله في كل الأمور لما عجزنا عن إنقاذ إخواننا. ولما استطاعت أي قوة أيا ما كانت من منعنا من أداء ذلك.
إن أهم ما قتلنا وأذلنا وأضعفنا هو عدم تحقيقنا النصر الكامل لربنا الجليل كي يمكننا بفضله من تحقيق العز لأنفسنا وأن نصل بقوة الله إلى القدرة على دحر من يهين ويقتل ويبيد إخواننا.
وها هي دماء إخواننا في لحظاتنا هذه-عدا السابق- تستباح في شتى البقاع في ليبيا وسوريا وفلسطين وبلاد القوقاز وغيرها.
متى نستيقظ؟... أأمنا مكر الله وغضبه, .. نعم هو رحيم كريم ولكنه غيور عظيم يغار من أن يبارز سبحانه بما لا يرضاه وبمجاهرة وإصرار..ألا نستيقظ ونحن نرى الفتن والمخاطر وصلت إلى بلاد الأمة في كل مكان, من داخلها وخارجها.
أعلم أن الخير كبير جدا في المسلمين, ولكن على الرغم من كل الخير الكبير إلا أن الأمة لا زالت تُخدَّر بمعاصٍ ولهو محرم يؤخر نصرها وقد يعرضها لمزيد من الفتن والشرور.
اليوم وأنا أكتب هذا المقال في ظهر يوم الجمعة اليوم المعظم المبارك, والذبح مشتعل في إخواننا في ليبيا وسوريا وغيرها, في نفس هذا اليوم أرى أمامي إعلاناً كبيراً في أحد الصحف عن برنامج غنائي عنوانه"على شط بحر الهوى"!!! يشترك فيه مطربين ومطربات!!!.
يا كل العقلاء في الأمة؛ حتى لو قلنا أن غناء مطربات!! حلال! فإن المنطق والحق أن الأمة التي تواجه محناً وأخطاراً يكون قاتلا لها ناصرا لأعدائها أن تُوجه وتشجع على مثل هذه الأمور.
إنها والله خيانة للأمة بل خيانة عظمى أن نُضيَّع عن طريق تحقيق العز والنصر والقوة والسؤدد والتمكين بتهاوننا وتشجيعنا هذه المنكرات, وأي منكر يكون سببا في إغضاب العظيم في أي جانب من جوانب الحياة.
ويحدث هذا في الوقت الذي يُجهِّز فيه أعداء ا لأمة شبابهم وأجيالهم لحرب المسلمين والتنكيل بهم والاستيلاء بشكل أكبر على خيراتهم.
أبدلاً من أن يجهز شبابنا بكل قوة نحو الاستعداد للجهاد وما يحفظ الأمة ويُعزها يقتلون بأغانٍ وأفلام وكليبات ومجون يضيعهم ويقودهم إلى ظلمات الانحلال والفساد والطرق الموصلة إلى الجريمة والمخدرات وعوالم الضياع.
وأرجو ألا يَضْحَكَ على الأمة هذا الإعلام -الذي ضيعها- ببرنامج أو برنامجين دينيه, لأنه في أغلب ما يُعرض فيه يقودنا ويقود شبابنا إلى ما لا يجوز ويفسد, وباستخدام أعظم المؤثرات والوسائل الفنية التي تدك القيم دكا, فتضعف بل وتبطل وتلغي أثر الكثير من وسائل الخير في المجتمعات, وتنشئ التناقض المدمر, وتشغل أبناء الأمة شبابا وشيبه عن أداء دورهم الهام في التنمية القوية لمجتمعاتنا وفي الدعوة ونشر الدين والعقيدة الصحيحة والنهج الحق بين المسلمين وفي سائر بلاد العالم.
والله لو كنا على الحق تماما لاستطعنا حاليا بما نملك من قوة وعتاد أن ننصر وندحر أعداء المسلمين الذين يتموا أطفال إخواننا ورملوا نساءهم واستباحوا دماءهم.
ولننتبه ولنحذر من أن الدور قد يأتينا إن لم نستيقظ ونصحح أوضاعنا. وها هي الفتن والأخطار تقترب من بلاد المسلمين في كل مكان وبشتى الأشكال والألوان. ولا حفظ حقيقي -أقول حقيقي مستمر- إلا برجوعنا إلى الله في شتى الأمور ومن أهمها الإعلام الذي كيف نرجو نصر أمتنا وان نؤتى الحفظ ونحن نغضب رب الأرض والسماء جهارا نهارا بما يعرض فيه.
ولن تنفعنا نفعا حقيقا كاملا ونحن نغضب الله أي وحدة أو أي وسيلة أخرى, فسنة الله معنا أننا لن ننصر ونحفظ الحفظ الشامل ونحن قد خالفنا أوامره سبحانه في جوانب من الحياة, ونسينا العهد الذي عاهدناه به كمسلمين ننفذ ما يأمر به ونجتنب ما ينهى عنه.
أمة الإسلام فلنستيقظ فإن الخـطـر الأكبر ليس ممن يعادوننا بل الخوف الأكبر هو من المعاصي خاصة المُجَاهَرُ بها, والتي تكون سبباً في تسليط الأعداء علينا وحدوث الفتن الخطيرة في ديارنا.
ولنرجع لكلام ربنا الجليل وأحاديث رسولنا صلى الله عليه وسلم وكلام سلفنا الصالح وعلمائنا لنتبصر أن الخطر الأكبر هو من إغضاب الله والمعاصي التي هي أساس الشرور وسبب العقوبات. وهي أساس التخبط الرهيب الذي تعيشه بلاد الإسلام في شتى أرجائها.
وأُذَكِّر ختاما بقلب مشفق محب للخير بإذن الله كل من يتهاون في أي أمر يُبعد الأمة عن التمسك الحق الكامل بالدين بالآية العظيمة التي تهز أي قلب مؤمن بالله ولقائه والحساب
والعقاب في يوم العرض على الجليل: {استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مردَّ له من الله مالكم من ملجأٍ يومئذٍ وما لكم من نكير} [الشورى:47].
أصل الموضوع: http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=7489
مهدي بن علي قاضي
الإثنين أغسطس 15, 2011 4:07 pm من طرف Gulf Knight
» الوصول إلى أي مكان في العالم خلال أقل من ساعة هدف أميركي قد يتحقق اليوم
الإثنين أغسطس 15, 2011 4:02 pm من طرف Gulf Knight
» إسرائيل تبحث شراء وسائل قتالية أميركية مستعملة فى العراق
الإثنين أغسطس 15, 2011 4:00 pm من طرف Gulf Knight
» كتيبة بنيامين تجدد التأكيد على جهوزية الجيش الإسرائيلي لمواجهات سبتمبر
الإثنين أغسطس 15, 2011 3:59 pm من طرف Gulf Knight
» قبيل الانسحاب: العراق يتسلّم 22 مروحية مي-17 محدّثة من شركة ARINC الأميركية
الخميس أغسطس 11, 2011 6:30 pm من طرف Gulf Knight
» أفغانستان تتسلم 9 مروحيات "مي-17" من روسيا بحلول نهاية العام
الخميس أغسطس 11, 2011 6:29 pm من طرف Gulf Knight
» مناورات جوية لقوات دول الاتحاد السوفياتي السابق لمكافحة الإرهاب
الخميس أغسطس 11, 2011 6:28 pm من طرف Gulf Knight
» روسيا تطوّر نظامي الدفاع الجوي الجديدين: مارفي و فيتياز
الخميس أغسطس 11, 2011 6:27 pm من طرف Gulf Knight
» إختفاء صواريخ مضادة للدروع من معسكر إسرائيلي في الجولان
الخميس أغسطس 11, 2011 6:26 pm من طرف Gulf Knight
» إسرائيل تطور طائرة جديدة دون طيار
الخميس أغسطس 11, 2011 6:25 pm من طرف Gulf Knight
» إسقاط مروحية تشينوك في أفغانستان يودي بحياة 31 جندياً أميركياً و7 جنود أفغان
الخميس أغسطس 11, 2011 6:23 pm من طرف Gulf Knight
» دبابات الجيش السوري تقتحم مدينتي سراقب وقصير
الخميس أغسطس 11, 2011 6:22 pm من طرف Gulf Knight
» أحزاب الشيطان من طهران إلى العراق ولبنان
الخميس أغسطس 11, 2011 6:20 pm من طرف Gulf Knight
» سوريا وتركيا.. لقاء الوداع؟
الخميس أغسطس 11, 2011 6:19 pm من طرف Gulf Knight
» سوريا: تصورات نهاية النظام
الخميس أغسطس 11, 2011 6:19 pm من طرف Gulf Knight