الخندق سياسي - عسكري متخصص

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الخندق سياسي - عسكري متخصص

المواضيع الأخيرة

» تعزيز مدى صواريخ GMLRS الموجهة بفارق 50 كلم
تجربتي الحيّة و10 سنوات معايشة في ايران، وسرّ أسباب هيمنة الفرس على عقول الشيعة!! Icon_minitime1الإثنين أغسطس 15, 2011 4:07 pm من طرف Gulf Knight

» الوصول إلى أي مكان في العالم خلال أقل من ساعة هدف أميركي قد يتحقق اليوم
تجربتي الحيّة و10 سنوات معايشة في ايران، وسرّ أسباب هيمنة الفرس على عقول الشيعة!! Icon_minitime1الإثنين أغسطس 15, 2011 4:02 pm من طرف Gulf Knight

» إسرائيل تبحث شراء وسائل قتالية أميركية مستعملة فى العراق
تجربتي الحيّة و10 سنوات معايشة في ايران، وسرّ أسباب هيمنة الفرس على عقول الشيعة!! Icon_minitime1الإثنين أغسطس 15, 2011 4:00 pm من طرف Gulf Knight

» كتيبة بنيامين تجدد التأكيد على جهوزية الجيش الإسرائيلي لمواجهات سبتمبر
تجربتي الحيّة و10 سنوات معايشة في ايران، وسرّ أسباب هيمنة الفرس على عقول الشيعة!! Icon_minitime1الإثنين أغسطس 15, 2011 3:59 pm من طرف Gulf Knight

» قبيل الانسحاب: العراق يتسلّم 22 مروحية مي-17 محدّثة من شركة ARINC الأميركية
تجربتي الحيّة و10 سنوات معايشة في ايران، وسرّ أسباب هيمنة الفرس على عقول الشيعة!! Icon_minitime1الخميس أغسطس 11, 2011 6:30 pm من طرف Gulf Knight

» أفغانستان تتسلم 9 مروحيات "مي-17" من روسيا بحلول نهاية العام
تجربتي الحيّة و10 سنوات معايشة في ايران، وسرّ أسباب هيمنة الفرس على عقول الشيعة!! Icon_minitime1الخميس أغسطس 11, 2011 6:29 pm من طرف Gulf Knight

» مناورات جوية لقوات دول الاتحاد السوفياتي السابق لمكافحة الإرهاب
تجربتي الحيّة و10 سنوات معايشة في ايران، وسرّ أسباب هيمنة الفرس على عقول الشيعة!! Icon_minitime1الخميس أغسطس 11, 2011 6:28 pm من طرف Gulf Knight

» روسيا تطوّر نظامي الدفاع الجوي الجديدين: مارفي و فيتياز
تجربتي الحيّة و10 سنوات معايشة في ايران، وسرّ أسباب هيمنة الفرس على عقول الشيعة!! Icon_minitime1الخميس أغسطس 11, 2011 6:27 pm من طرف Gulf Knight

» إختفاء صواريخ مضادة للدروع من معسكر إسرائيلي في الجولان
تجربتي الحيّة و10 سنوات معايشة في ايران، وسرّ أسباب هيمنة الفرس على عقول الشيعة!! Icon_minitime1الخميس أغسطس 11, 2011 6:26 pm من طرف Gulf Knight

» إسرائيل تطور طائرة جديدة دون طيار
تجربتي الحيّة و10 سنوات معايشة في ايران، وسرّ أسباب هيمنة الفرس على عقول الشيعة!! Icon_minitime1الخميس أغسطس 11, 2011 6:25 pm من طرف Gulf Knight

» إسقاط مروحية تشينوك في أفغانستان يودي بحياة 31 جندياً أميركياً و7 جنود أفغان
تجربتي الحيّة و10 سنوات معايشة في ايران، وسرّ أسباب هيمنة الفرس على عقول الشيعة!! Icon_minitime1الخميس أغسطس 11, 2011 6:23 pm من طرف Gulf Knight

» دبابات الجيش السوري تقتحم مدينتي سراقب وقصير
تجربتي الحيّة و10 سنوات معايشة في ايران، وسرّ أسباب هيمنة الفرس على عقول الشيعة!! Icon_minitime1الخميس أغسطس 11, 2011 6:22 pm من طرف Gulf Knight

» أحزاب الشيطان من طهران إلى العراق ولبنان
تجربتي الحيّة و10 سنوات معايشة في ايران، وسرّ أسباب هيمنة الفرس على عقول الشيعة!! Icon_minitime1الخميس أغسطس 11, 2011 6:20 pm من طرف Gulf Knight

» سوريا وتركيا.. لقاء الوداع؟
تجربتي الحيّة و10 سنوات معايشة في ايران، وسرّ أسباب هيمنة الفرس على عقول الشيعة!! Icon_minitime1الخميس أغسطس 11, 2011 6:19 pm من طرف Gulf Knight

» سوريا: تصورات نهاية النظام
تجربتي الحيّة و10 سنوات معايشة في ايران، وسرّ أسباب هيمنة الفرس على عقول الشيعة!! Icon_minitime1الخميس أغسطس 11, 2011 6:19 pm من طرف Gulf Knight

سحابة الكلمات الدلالية

احصائيات

أعضاؤنا قدموا 3917 مساهمة في هذا المنتدى في 2851 موضوع

هذا المنتدى يتوفر على 125 عُضو.

آخر عُضو مُسجل هو ابو فمرحباً به.

تدفق ال RSS


Yahoo! 
MSN 
AOL 
Netvibes 
Bloglines 

    تجربتي الحيّة و10 سنوات معايشة في ايران، وسرّ أسباب هيمنة الفرس على عقول الشيعة!!

    Gulf Knight
    Gulf Knight
    Admin
    Admin


    الإقامة : الكويت
    ذكر العمر : 56
    عدد المساهمات : 3211
    نقاط : 175321
    السٌّمعَة : 1342
    تاريخ التسجيل : 15/07/2010

    منقول تجربتي الحيّة و10 سنوات معايشة في ايران، وسرّ أسباب هيمنة الفرس على عقول الشيعة!!

    مُساهمة من طرف Gulf Knight الأربعاء أبريل 13, 2011 2:04 pm

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


    (هذا الموضوع منقول من احد المواقع المهمه بالشبكه العنكوبتيه لذلك احببت نقلها لتعم الفائده. مع وضع بعض التحسينات.وسيتم نقلها بحلقات.)


    تجربتي الحيّة و10 سنوات معايشة في ايران، وسرّ أسباب هيمنة الفرس على عقول الشيعة!!


    شواهد ووقائع يحكيها شاهدٌ بنفسه من شيعة العراق.


    الحلقة الأولى


    بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ


    حقائق لم نسمع بها من قبل عن الفرس ونظرتهم للاسلام الحنيف ورسوله الكريم



    تجربتي الحيّة و10 سنوات معايشة في ايران! وسرّ أسباب هيمنة الايرانيين على عقول الشيعة في العراق وانجذابهم إليها...


    ليس القصد من نشر هذه التجربة أن يتعرف القاريء الكريم على تجربة شخصية بحتة لا تعني شيئا لزيد ولا عمرو، ولكنها نموذج لقضية عامة تخص شعبا وأمة، ومسألة مصيرية يدور حولها صراع مرير، وقتلت (بضم القاف) بسببها نفوس بريئة، ورمّلت نساء ويتّمت أطفال وهجّرت عوائل، وهدّمت صوامع وبيع ومساجد يذكر فيها اسم الله، ووصل الأمر الى أن يقتل الناس بسببها على الاسم والهوية.


    لذلك فقد رأيت أن الواجب الشرعي والأخلاقي يحتم علي محاولة نشرها على الأقل، ليطلع عليها الناس، وشيعة العراق خاصة، وتكون حجة على الذين لا يزالون مخدوعين بالإيرانيين أو الذين أعادوا انتخاب عملائهم في العراق ليستمر القتل والدمار، ويمكّنوا الفرس من تحقيق أطماعهم فيه.
    ورغم أن القضية التي يدور حولها الحديث وهي حقيقة الدين عند الفرس، تحتاج إلى كتب ومجلدات لتفي الإحاطة بكل أبعادها، ولكن العلم بحرف واحد أفضل من الجهل التام. وهكذا رأيت كتابتها على حلقات مختصرة وقد تعهّد بنشرها الأخوة الشرفاء في الرابطة العراقية قاصدين من وراء ذلك وجه الله، ولتكون ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين.



    إن الذي سوف أذكره هو مشاهدات على أرض الواقع ومعايشة بين المجتمع الايراني والعراقي هناك لأكثر من عشر سنوات، وأحداث واقعية وليست آراء شخصية أو ضرب من الخيال، ومع كل ذلك فإنني ألزم نفسي بقول الله عز وجل: {فمن اظلم ممن افترى على الله كذبا}، ويبقى الحق في النهاية للقاريء الكريم في الرفض أو القبول.
    أللهم هل بلّغت، أللهم فاشهد.


    لقد كنت أعتقد وأنا في ايران ومعرفتي بالايرانيين بأنني حملت كنزا من المعرفة لا يقدّر بثمن، وكنت انتظر اليوم الذي أعود فيه للعراق لأخبر اقاربي ومعارفي وأصدقائي، وعاهدت نفسي أن أتحدث في الشارع وفي المقهى وفي السيارة، بمناسبة وبدون مناسبة، وهكذا فعلت، ولكن المفاجأة هي أن كل الذين تحدثت أليهم كانوا يستمعون ألي على مضض، بل وصل الأمر ببعضهم ألى التآمر على تصفيتي ومن أقرب الناس!.
    فما سر هيمنة الايرانيين على عقول الشيعة في العراق؟ وما سر أنجذاب الشيعة اليهم؟. قد يكون في ما سيأتي شيء من الجواب.
    ولقد خصصت الجزء الأول والثاني من هذه الحلقات للحديث عما هو قبل الهجرة إلى ايران لمَ لذلك من أهمية، وليطلع القاريء الكريم على الأحداث من أولها.



    لا يمكن لأحد من شيعة العراق أن ينكر حبه للايرانيين، فهم بالاضافة إلى أنهم ونحن أبناء طائفة واحدة، فإن الايرانيين يمارسون وبكل الوسائل ومنذ آلاف السنين مساعي السيطرة على عقول ما أمكن من العراقيين كمدخل للسيطرة على مقدراتهم، ولم يدخروا وسعا لذلك، وخاصة عن طريق الدعايات والاعلام المضلل.. وقد ورثت أنا شخصيا هذا الحب من العائلة والعشيرة وأبناء المذهب.!
    ومن خلال قرائتي للتأريخ فإنني أعتقد أن المذهب السني ليس بمنآى عن الدس والتحريف الفارسي، وأهل السنة يشتركون فعليا بقصد أو بغير قصد في أحداث التنافر أو تقوية الشعور بالإنتماء الطائفي، مع قدرتهم على احتواء وتحجيم الإنحرافات بين المسلمين مع الإحتفاظ بالثوابت العقائدية. أما أن يتركون الحبل على الغارب بحجة الحرية في الاسلام، أو معالجة المسألة بالقمع والمواجهة بالقوة من قبل الحكومات فإن هذا هو أغبى وأفشل أسلوب.


    إن القيادة ونظام الدولة هو في غاية الأهمية والخطورة، وأن الشعوب هي التي تتحمل مسؤولية الاصلاح أو الإفساد الذي تمارسه الحكومات، ولذلك قيل: (كيفما تكونوا يولّ عليكم)، ولكننا في البلدان العربية تعودنا أن نفتح الراديو صباحا لنستمع إلى بيان جديد يعلن (إنهاء الطغمة الفاسدة) وأقامة (نظام العدل والمساواة)، ثم نستهلك سنين شبابنا بإنتظار معرفة ما سيقدمه لنا (النظام التحرري الجديد)، أو نشارك رغبة منا أو على خوف في مسرحية بائسة يسمونها الإنتخابات وهكذا لم تحظ قضية السنة والشيعة في العراق بالإهتمام والمعالجة الموضوعية والعلمية من قبل الحكومات المتعاقبة، فلم تشغل نفسها بهذا الموضوع بقدر إنشغالها ببسط نفوذها وأحكام سيطرتها على السلطة، بل ساهمت وبعكس ما تدعي بتنامي الفكر الطائفي وتعميق الرغبة في التمرد.


    إن الفرس ينطلقون في تعاملهم مع العرب بعد أن أصبح الاسلام عقيدتهم (العرب) الأساسية من منطلق البيت الشعري: (لكل شيء آفة من جنسه.. حتى الحديد سطى عليه المبرد)، فهم يضربون الدين بالدين، وهذا أخطر أسلوب في الصراع، ولكن العرب والمسلمين لم يقدّروا حتى هذه اللحظة حجم الخطر الذي يفتك بهم من جهة الشرق.


    كانت نشأتي في أواخر الستينات في حي شعبي ببغداد، وفي عائلة شيعية كمعظم سكان المحلة، وهي عائلة فقيرة وبسيطة جدا، وكان والدي يرحمه الله متدينا وكان يعلمنا الصلاة والصيام وأصول الدين وفروعه وكل ما يعتقد أنه صالح ويصب في تأدية رسالته في تربية أبناء صالحين. كانت في بيتنا صورة كبيرة معلقة على الحائط لمحسن الطبطبائي الحكيم، وكان والدايّ يحيطانها بالإجلال والتقدير إلى حد التقديس، بالأضافة إلى عدة صور أخرى منها صورة تمثل الأئمة الأثني عشر وكل منهم على رأسه هالة بيضاء فاقعة.!! وصورة تمثل الإمام علي كرم الله وجهه، وأخرى تمثل حالات العقاب التي نفذها الوالي المختار الثقفي بقتلة الأمام الحسين [رضي الله عنه]، وقد علمت في ما بعد أن كل هذه الصور قد رسمت وطبعت في أيران ما عدا صورة محسن الحكيم التي كانت قد طبعت في النجف الأشرف.!


    لم يكن والداي البسيطان يبتدعان أفكارا أو مفاهيم دينية، ولكنهما ورثا وأورثا لنا تلك المفاهيم، والانسان بطبيعة الحال ابن العائلة والبيئة والمحيط.
    لم نكن في ذلك الوقت وكما هو الحال في عموم العراق نشعر بالحقد أو الكراهية تجاه السنّة أو غيرهم من الشرائح، وأنما كنا نرى أن الاختلاف هو كالتنوع في ألوان الثياب، فهذا يلبس اللون الأزرق وذك يلبس الأحمر، ولكن الثوب واحد وهو الوطن العراق.
    كان جيراننا والحائط على الحائط من أبناء السنة، وكنا نتبادل الزيارات والهدايا ونتشارك في الأفراح والأتراح، وكانوا عائلة متدينة وعلى درجة من الورع وحب الرسول [صلي الله عليه وسلم] وآل البيت [رضي الله عنهم]، وكنت أشعر في نفسي أن تعاملهم مع الدين هو بطريقة (مثقفة) أو مهيبة. وأذكر دائما عندما كان والدي وجارنا الشيخ يتندران حيث كان والدي يقول له أنتم (السنّة) أهل الذيول، والشيخ يقول لوالدي أنتم (الشيعة) البتران، وهما يتضاحكان، ولم يكن يعلم أي منهما أن هذا المزاح سيتحول في يوم من الأيام إلى تقاتل على الإسم والهوية.


    ولشدة انعدام الشعور بالتفرقة الأثنية أو المذهبية في العراق آنذاك فقد سألت يوما معلمي في المدرسة الأبتدائية (وقد عرفت عندما كبرت أنه من أهل السنّة)، سألته كيف أستطاع الراوي في واقعة كربلاء أن يحسب عدد القتلى من الكفار عندما يبارزهم الإمام الحسين وأصحابه [عليهم السلام]؟ وقد شرح لي معلمي (يرحمه الله) الجواب بكل لطف وبدون أن يخدش مشاعر الصبي البريء بأن الحسين وأصحابه [عليهم السلام] شجعان والكفار (خوافين) وأن الواحد والأثنان لا يؤثران في العدد.
    والحقيقة أن الفكر العدائي الذي نحمله كشيعة كان موجودا على الرف في زوايا النفس التي كان يتغلب عليها الشعور بالعروبة والمواطنة والعراقية، فلم يطفو على السطح كما يحدث الآن، ولم تكن تغذيه كما هو الحال الآن جهات تمتلك القوة والقرار، كما أن قضية الصراع لم يكن لها ما يبررها على الأرض ولكنها كانت موجودة في خبايا النفوس من أبناء الشيعة.


    كان في بيتنا مذياع كبير الحجم يعمل على بطارية واحدة تزن حوالي الكيلوين غرام، وكنا كل ليلة في رمضان بعد الإفطار نتحلق حول الراديو بصمت (وخشوع) لنستمع إلى (دعاء الإفتتاح) من على إذاعة (عبادان صدى ايران) بصوت القاريء الايراني جواد ذبيحي وهو يقرأ الدعاء بطريقته الإيرانية، وسنة بعد سنة صرت أحفظ هذا الدعاء وأقرأه بنفس الطريقة.
    وفي أيام عاشوراء كانت تلك المدينة الصغيرة تعج بمكبرات الصوت التي تذيع (اللطميات والقراءات) وتتشح بالسواد وتنتشر الأعلام الملونة على على سطوح المنازل والمساجد (وكانت كلها تقريبا مساجد شيعية)، إلى المواكب واللطم على الصدور ومجالس العزاء حتى تمثيل واقعة الطف (التشابيه) في يوم العاشر من محرم.


    كانت كل هذه المظاهر تصب في فكرة واحدة وهي أن الأمام الحسين [رضي الله عنه] قد قتل مظلوما وأننا (شيعته) تشعر بالحيف والأسف أننا لم نشارك معه في القتال ولذلك فنحن نجلد أنفسنا شعورا منا بالأسف، وننتظر يوما نثأر فيه من قتلته.
    لقد تمّ توضيف فكرة قتل الأمام الحسين [رضي الله عنه] لإذكاء الشعور بالظلم والأضطهاد والتمرد، وقد حجبت كل الجوانب المشرقة والبهيجة في هذه الشخصية الفريدة، وكأنه [رض] ولد من هنا وقتل من هنا! فلا يذكر الشيعة ولا يعلمون أي شيء عنه سوى ما حدث في يوم عاشوراء.! إلا النزر اليسير.


    وكذا الحال في بقية آل الرسول [صلي الله عليهم وسلم] حتى أن من لم يُقتل (بضم الياء) منهم فقد دبّر له علماء الشيعة قتلة يتفطر عند سماعها الصخر ويذوب الحديد!.
    وهكذا تشربت في نفوسنا وعقولنا نظرة سوداوية للدين والحياة والمجتمع، وثقافة البكاء واللعن والشعور بالإضطهاد والتمرد من أجل التمرد فقط حتى لو كان يحكمنا الأمام الحسين [رضي الله عنه] نفسه، وسنقابله باللطم والعويل حتى أذا بعثنا الله ورأيناه في جنة الفردوس الأعلى.!

    الحلقه الثانيه





    لم تكن في فلسفة المذهب الذي وجدت نفسي انتمي إليه أية قاعدة هادئة أو مستقرة تعالج الميول الدينية الفطرية المتنامية في نفسي كأي إنسان يولد في هذه الحياة، فسماحة الدين التي تتوق إليها النفوس تحولت إلى مفردات تتمحور حول الثأر والحاكم الظالم، والحق المستلب، والمؤامرة التي بدأت من (السقيفة)، والأصحاب الخائنون.! الشخصيات السامية والخيرة التي نتعلم عنها في دروس التربية الدينية والتأريخ والقراءة ونحن نجلس على مقاعد الدراسة ونشعر بالفخر أننا ننتمي إليها، تتشوه في أذهاننا عبر كلمات تدخل إلى نفوسنا كالرصاص نسمعها في البيت أو في أحاديث المعارف من أبناء جلدتنا أو في المجالس أو في الكتب التي تخص المذهب.


    فالخلفاء الراشدون [رضي الله عنهم] تآمروا على علي بن أبي طالب [رضي الله عنهم] وسلبوا منه الخلافة، وهو الذي وصى به رسول الله [صلي الله عليه وسلم] في خطبة الغدير، وأبو بكر الصديق كان قد أخرج رجله خلسة من باب الغار وهو مع النبي [صلي الله عليه وسلم] ليمكّن المشركين من أكتشاف مكانهما.! وعمر بن الخطاب [رضي الله عنه] أحرق بيت فاطمة الزهراء [رضي الله عنها] وعصرها خلف باب دارها وأسقط جنينها المحسن الذي لو ولد لرفع الله العقاب يوم القيامة ولدخل المسلمون كلهم إلى الجنة.! وعثمان بن عفان [رضي الله عنه] لم يكن يعلم من أمر الخلافة شيء سوى أنه يحوك الدسائس للمسلمين، ومن أصحاب (السقيفة).!


    وخالد بن الوليد قتل رجلا ليتزوج أمرأته، وصلاح الدين الأيوبي كان ناصبيا (يناصب العداء لآل الرسول) وقد حارب الدولة الفاطمية في مصر.! وهارون الرشيد كان فاسقا وطاغية ومتكبرا ومغترا بالدنيا.! وأبو جعفر المنصور أسمه المنصور الدوانيقي لشدة بخله وحبه للمال، وكان ماجنا كغيره من بني العباس [رضي الله عنهم].!!
    الخلفاء الراشدون [رضي الله عنهم] ما عدا علي بن أبي طالب [رضي الله عنه]، وكذلك الدولة الأموية والدولة العباسية كلهم كفرة وملحدون وفاسقون حاربوا الله ورسوله [صلي الله عليه وسلم] وناصبوا العداء لآل بيته [رضي الله عنه].!!
    بل حتى جبريل [عليه السلام] الملك الصالح وناقل الوحي فهو عندنا خائن وقد بعثه الله تعالى بالرسالة إلى علي بن أبي طالب [رضي الله عنه] ولكنه أعطاها إلى محمد [صلي الله عليه وسلم].!!


    وهكذا فنحن المسلمون العرب أبناء أمة كافرة ومتآمرة، وهذا الدين الذي تدين به هو الدين المحرف، وأن الدين الحقيقي والإسلام الحقيقي هو الذي يدين به الأيرانيون، فهم يسيرون على نهج علي بن أبي طالب [رضي الله عنه] الذي هو الآخر حرفوه حسب أهواءهم وحاشى لنهج أمير المؤمنين الذي يتجسد فيه الإسلام الحقيقي والذي ورثه عنه أولاده وأحفاده عما يروجه هؤرء من تشويه للإسلام.
    ومن الأمور التي تدعو ألى التساؤل " وهذا التسائل أطرحه اليوم وليس بالأمس" هو أن عامة الشيعة لم ينالوا من المغول والتتار والزنادقة والمجوس ولا الصليبيين ولا اليهود مثلما نالوا من المسلمين العرب، وأنبروا للأمة الاسلامية بكل رموزها وتأريخها وفتوحاتها وهم يكيلون لها الذم والمكر والدس والقدح والسب والطعن والتكفير والحقد والكراهية، وبالإستناد لما تقدم فنحن الشيعة نشعر بأننا جزء من أمة غائبة عن الوجود، والذين نتعايش معهم من أهل السنّة أنما هم قتلة أئمتنا وسالبي حقوقنا وناهبي ثرواتنا وعلينا أن نسايرهم إلى أن يأتي اليوم الذي يظهر فيه الإمام المهدي ليخلصنا من جور هذه الأمة الظالمة ويقيم دولة العدل الألهي.!!
    وما البرنامج النووي الأيراني اليوم إلا لأمتلاك السلاح النووي الذي سوف يحارب به الأمام المهدي، فنحن الشيعة نعرف أبعاد هذا البرنامج وأهدافه (الكونية) ولكننا من باب (التقية) نقول خلاف الحقيقة وهذا عندنا شيء شرعي وواجب.!


    إننا شيعة العراق نشعر ونعتقد بأن أرض العراق (مع الأسف الشديد) التي نمشي عليها فإنها تحت كل شبر منها يدفن سيد أو أمام من آل البيت قتله الحجاج أو المنصور أو يزيد أو عمر بن الخطاب، وهكذا فأن (كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء).
    فكيف نحرص أو ندافع عن أرض أستلبها أعدائنا ليتحكموا في رقابنا؟!. أن عيوننا تتطلع نحو ايران، فهؤلاء هم المسلمون الحقيقيون الذين يحملون مأساتنا وقضيتنا وصراع وجودنا.!!


    لقد كانت الثورة الأيرانية عام 1979 بمثابة الغيث الذي هطل على قلوب الشيعة في العراق، فصار الكل يتابع أخبارها سرا عن طريق المذياع، وصور الخميني قد علّقت على جدران القلوب عندما تعذّر تعليقها على جدران المنازل. وأنتشرت بين أوساطنا الأشاعات بأن الخميني هو الذي سيسلم الراية إلى الإمام المهدي، وكثر الحديث عن رواية للأمام الصادق [رض] بأنه قال: يخرج من قم رجل يقيم نواة دولتنا ويسلم الراية ألى رجل من ولد علي يقيم دولة العدل الألهي "أو هكذا المعنى". وكل الذين نقلوا لي هذه الرواية يؤكدون على إمارة الخميني والتأكيد على مدينة قم الأيرانية بقولهم بالطريقة العراقية: (يطلع من قم ها).


    رأيت الكثير من أصدقلئي الشيعة من يتداول كتب تعلم اللغة الفارسية، وقد تعلمت أنا بعض الجمل والكلمات والأرقام. قال لي أحد المبشرين بالثورة الأيرانية وكان زميل دراسة، متفاخرا ومادحا بأن الخميني اذا ما سيطر على العراق فأن اللغة العربية ستكون اللغة الثانية مباشرة بعد اللغة الفارسية، وقد أستخدم المتحدث يده ولسانه في التعبير وهو يؤكد على كلمة "مباشرة".
    كنا نستمع إلى الاذاعة الأيرانية بشكل يومي نقريبا (وبسرية تامة طبعا) منذ بداية الثورة الأيرانية وإلى أنتهاء الحرب، وقد خصصت كل المحطات الأيرانية أقساما للبث الموجه للعراق خاصة وعلى مدى أربع وعشرين ساعة، وكلها تصب في التحريض على الثورة بوجه النظام العراقي كإمتداد للثورة التي حدثت في أيران، ومن الحلقات التي أذكرها في أحد برامجها (الجهادية) حلقة في تعليم كيفية صناعة قنبلة المولوتوف.


    وعندما بدأت الحرب الأيرانية - العراقية كنت متحمسا كغيري من الشيعة لأحتلال الأيرانيين للعراق، وقد بقيت أراوح ما أمكنني ذلك في مقاعد الدراسة حتى أتأخر عن أكمال دراستي والإلتحاق بالخدمة العسكرية، ليس خوفا من القتل في الجبهة ولكن خشية أن أقاتل الجنود الأيرانيين المحررين.
    وعندما كانت تسقط صواريخ الأيرانيين أو تقصف طائراتهم الحربية بغداد فقد كنت أكبّر وأشعر بالغبطة والنشوة، فهذه الصواريخ كانت في نظري صواريخ المسلمين الذين لم يشهد العراق حكومة لهم إلى الآن "وقت الحدث".!


    كنت أبكي وأتألم عندما أرى قتلى الأيرانيين في التلفزيون، ومرة قال لي أحد المقربين: ألا تشاهد أن جثث الجنود الأيرانيين التي تظهر في التلفزيون لا يحط عليها الذباب؟!.
    وكنت أحتفظ في البيت ببذلة أحد الجنود الأيرانيين والتي أحضرها أخي من الجبهة والذي كان يقاتل الأيرانيين على مضض ويتحاشى قتالهم ما أمكنه ذلك، وقد وضعت تلك البذلة العسكرية في مكان سري وقد كنا نتبرك بوجودها في البيت، وعندما كنت أدعوا الله تعالى في بعض الأمور فقد كنت أدعوه والبدلة بين يدي كسبب في ضمان أستجابة الدعاء.!


    لم أشعر يوما بالخيانة، بل العكس على ذلك فقد كنت أشعر بالوفاء للرسول [صلي الله عليه وسلم] وآل بيته الذين (أستلب حقهم أجداد صدام وأسلاف السنّة).!
    أنتهت الحرب، البعض يشعر بالأحباط، والآخر يحاول أيجاد تفسيرات مرضية للنفوس، كان أهمها أن الخميني هو أدرى بمصلحة الشيعة وهو الذي يعرف الأسرار الألهية. وقد تكون هنالك حروب وحروب.
    وعندما غزا صدام الكويت كانت الفكرة السائدة هي أن ذلك انتقام الله تعالى من صدام والكويتيين الذين ساعدوه في الحرب، وليجعل الله الكافرين بأسهم في ما بينهم.
    ثم تبعتها الحرب الأمريكية ضد العراق، وكنا نعتقد أن صدام كان متآمر مع الأمريكيين على تدمير العراق والقضاء على بنيته التحتية بعد أن نفّذ أوامرهم في الحرب على ايران "وهذه فكرة لا يزال يؤمن بها الكثير من العراقيين وهي فكرة خاطئة وغير صحيحة كما سيتضح"، وأقصد هنا فكرة تنفيذ صدام لأوامر الأمريكان والغرب في الحرب على أيران.


    في يوم من أيام صيف عام 1994 تعرفت على أحد الأشخاص من مذهبنا وأسمه سيد علاء، وهو من أهل النجف ويسكن في بغداد، وبعد أن توطدت علاقتي به وتبادلنا الثقة، وتعرفنا على ميول أحدنا الآخر، فقد عرض علي الذهاب إلى أيران، وأكدّ أنه كان هناك وقد رجع إلى العراق لبيع المنزل وتصفية حساباته المالية ليعود مع عائلته ويستقرون في أيران. فأعجبتني الفكرة كثيرا، فمن جهة أهرب من العراق حيث صدام الذي يعادي الشيعة (من وجهة نظري العقيمة آن ذاك)، ومن جهة أتخلص من وطـأة الحصار الجائر الذي أكل اللحم وأذاب الشحم ودق العظم. كان سيد علاء يصف لي أيران وكأنها جنة في الأرض، فبالإضافة إلى الطبيعة التي كان يبالغ في وصفها فقد كان يصف الأيرانيين وكأنهم ملائكة!. أنها الحرية بكل معنى الكلمة، حتى (المومسات) فإن الإسلام وفي دولته أيران قد عالج موضوعهن بأعتبارهن جزء من المجتمع وخصصت لهن في أيران مكاتب لزيجات المتعة.! هكذا كان يقول السيد علاء ويؤكد على هذه المسألة كثيرا. الحقوق محفوظة حتى للذباب والحشرات، الوظائف مؤمنة، والذين لا يجدون وضيفة فإنهم يأخذون من بيت المال إلى أن يحصلون على عمل. بمئة تومان يمكنك أن تشتري بيتا مؤثثا. وإذا ألتحقت في فيلق بدر فإنك تستطيع أن تمارس ما شئت من الهوايات والوظائف، بالأضافة إلى فنون القتال.


    لم أكن أعلم أن السيد علاء يريد أن يستخدمني وسيلة للعودة مع عائلته إلى أيران، كان يتظاهر بأنه مستاء من تأخير عملية بيع البيت الذي سيدفع من ثمنه للدليل الذي سيأخذنا إلى أيران، مسترسلا في الأحاديث المغرية التي تشبه حكايات ألف ليلة وليلة.!
    كنت في هذه الأثناء قد بعت أنا الآخر بيت العائلة وحولت ثمنه إلى دولارات أمريكية. صار الإتفاق أن نذهب كلتا العائلتين إلى محافظة ميسان التي سننطلق منها عبر الحدود إلى ايران، وقال أن أقاربه سيلحق بنا إلى هناك حاملا ثمن البيت الذي أوكله ببيعه ليدفع نصف المال الذي أتفقنا أن ندفعه للدليل (القجاق)، حيث أدفع أنا النصف الآخر، وعندما طالت مدة أنتظار (أقاربه) أقترح أخي أن ندفع نحن أجرة الدليل (القجاق) كلها على أن يرجع لنا سيد علاء المال المترتب عليه في ما بعد.


    وهكذا بدأت رحلة الذهاب إلى أيران، لأعيش هناك ما يقرب العشر سنوات، تعرفت من خلالها على حقيقة الأيرانيين التي لا زالت خافية على العراقيين وعلى الشيعة بشكل خاص..
    فإلى كل الشهداء الذين طالتهم يد الغدر الفارسية.
    وإلى الشاب عمر الذي أغتيل على الهوية.
    إلى الذين هجروا وأخرجوا من ديارهم بغير حق ألا أن يقولوا ربنا الله.
    إلى الثكالى والأرامل واليتامى والمغيبين.
    ألى كل الذين يريدون معرفة حقيقة الفرس.
    أهدي هذه المشاهدات الحقيقية.

    الحلقه الثالثه



    معسكر منظمة غدر الايرانيه


    أنطلقت بنا سيارتان (لاندكروز) من مدينة الكحلاء في محافظة ميسان، حيث أستقلت كل عائلة سيارة، وفي مكان ما وجدنا أشخاصا بأنتظارنا، حيث قالوا أن الطريق يتطلب السير على الأقدام، فكمنّا الى أن حل الظلام، سرنا الليلة كلها كاملة تخللتها بعض الأوقات للاستراحة والطعام، وفي الصباح كمنّا (اختبأنا) وقد نمنا نوما متقطعا يقطعه الخوف ويوصله التعب. وعندما حل الظلام مشينا قليلا لنجد أنفسنا على حافة بحيرة كبيرة (لا أذكر أسمها) وبأنتظارنا أشخاص معهم زورقان يبدو أنهما عائدان للجيش العراقي، وفي الزورقين بعض المؤونة كالطحين والتمر.


    رجع سائقا السيارتين، وركبنا الزورقين، وعلى صوت الماء اذ تحركه الغراريف (المجاذيف) بدأت الأحاديث التي لا تعرف لها رأس أو أساس، وأنما تبعثها نشوة يشوبها الخوف والترقّب.
    قال لنا أحد الرجلين الذين يجذفان بمهارة: ان شاء الله راح تخلصون من صدام، فرددنا بأصوات متشابكة: لعنة الله... أنه.... لقد دمر العراق... لقد حارب المسلمين... وقد ألححنا بالذم والتعريض، وهنا نبضت في أحد الرجلين حمية العراق والعرب فقال بشيء من الحزم والحدة: بس هوه زلمة. فصرنا نخفف من الحديث، ثم فتحنا مواضيع أخرى. كانت المجموعة التي تنقلنا الى أيران دقيقة وحذرة في عملها، وطرقها تشبه المافيا.


    وصلنا إلى اليابسة فأخرج الرجلان الزورقين وحملاهما على أحدى سيارتي "بيك أب" صغيرتان كانتا بالانتظار بينما تكدسنا في السيارة الأخرى، أنطلقت بنا السيارتان ما يقارب الساعة حتى وصلنا إلى بحيرة قالوا أن أسمها "أم نعاج" وأنه بمجرد أجتيازها فسوف نكون في الأراضي الأيرانية.
    وضعوا الزورقين في الماء، وأنتظرنا يوما حتى تهدأ الرياح، حيث قالوا أن هذه البحيرة لا تؤمن أمواجها وقد غرق فيها الكثير. في حوالي العاشرة ليلا أنطلق الزورقان بعد أن هدأت الريح. كان يداعب مخيلتنا أننا سنكون عند شروق الشمس صباحا في ايران.


    وبعد ساعات من القلق والترقب وقد تعب الرجلان اللذان يقودان المركب...
    قال أحدهما : لقد وصلتم ان شاء الله، سوف يستقبلكم المجاهدون في الوزارة!. تصورت أن في ايران وزارة خاصة بالمجاهدين، ولكن تبين فيما بعد أن "الوزارة" أسم كان يطلق على (تشكيل) أصبح أسمه في ما بعد مجاهدوا الثورة الاسلامية في العراق، وهو بزعامة المدعو (أبو زينب الخالصي). وقعنا بالأحضان على (المجاهدين)، أحضر أحدهم دفترا وقلما وأخذ يسأل كل منا ليصف له الأوضاع في العراق ورأي الشارع العراقي. كانت أكياس الطحين الأبيض والسكر والشاي والسكائر في زاوية (المقر) تثير في نفوسنا الكتير من الشراهة والفضول والتساؤل.


    رأيت على بعد أمتار العلم الايراني يرفرف على سارية معدنية فأستأذنت أحدهم للمشي قليلا حول المكان حيث أخذت العائلتان تغطان في نوم عميق في أحد الأكواخ المبنية "وكذلك المقر" من القصب والبردي، فقال: "أخذ راحتك بس لا تروح بعيد"، فصرت أمشي حتى وقفت تحت العلم الايراني وأخذت أبكي من شدة الفرح وأقبّل السارية وأشكر الله حيث (أوقفني في هذا المكان).


    رأيت من بعيد سيارة "جيب" عسكرية، فمشيت مسرعا نحو المقر. وقفت السيارة أمام باب المقر وترجّل منها ثلاثة عسكريين أحدهما ضابط برتبة ملازم ثان والآخران جنديان أحدهما يتكلم اللهجة العراقية. سأل الضابط الايراني الرجل الذي همّ بأستقبالهم مشيرا إلي: أين كيا؟ (من هذا) فأجابه الرجل: مجاهد نو (مجاهد جديد)، فأخذا يتحدثان قليلا وأنا أقف بجانبهم فصار الضابط يتحدث وهو يحرك عصاه التي يمسكها، فتعمد أن يمس بها أنفي قبل أن يدوس ببسطاره على أطراف قدمي وكأنه لم يشعر بكلتا الحالتين.!


    دخل (المجاهد) إلى الداخل وخرج وهو يحمل أربعة أسماك كبيرة أعطاها للضابط، وقبل أن ينصرفوا التفت الجندي الذي يتكلم العراقية الى الرجل وسأله: ماكو فد أطّلاع (خبر سري)؟ فأجابه راح يوصلّك. وعندما انصرفوا قال لي الرجل: ألم أقل لك لا تبتعد كثيرا؟ سوف تذهبون غدا ألى سوسنكرد (الخفاجية).
    وهكذا حصل، وعلى طول الطريق من ساحل بحيرة أم نعاج إلى الخفاجية، شعرت وكأن الحرب لا زالت قائمة!، فالأيرانيون لم يزيلوا أي من آثار الحرب.. دبابات معطوبة، مدافع محطمة، سيارات محترقة، قذائف منفجرة وأخرى لم تنفجر، ظروف فارغة، بذلات ممزقة، أحذية متناثرة، وكأن معركة ضارية قد وقعت قبل يوم.


    وعلى الطريق توقفنا في مكان، فقالوا ان ذلك "للزيارة"، دخلنا من بوابة كبيرة فرأيت أمام البوابة لوحة كبيرة مكتوب عليها:[ فأخلع نعليك أنك بالواد المقدس]. وعندما دخلنا أخذ (المجاهدون) يعرفوننا بالمكان الذي يبدو أنهم قد زاروه عدة مرات، فقالوا أنه المكان الذي قتل فيه الجنود العراقيون جنودا أيرانيين.! لقد تم تمثيل ما يشبه عملية الاعدام الجماعي وبشكل بشع، على شكل دمى ومجسمات بحرفية تامة وكأنها واقعية. أقترب منا "السادن" وهو رجل معمم يتكلم العربية بلكنة فارسية ليشرح الواقعة، ثم أقمنا خلفه الصلاة والدعاء والزيارة وكانت تشبه عندنا زيارة عاشوراء، وقد ختمها بالقول: " اللهم كن لوليك الحجة بن الحسن في هذه الساعة وفي كل ساعة.... ألخ".


    وعند خروجنا من (الوادي المقدس) سألت أحد (المجاهدين) الذين يرافقوننا ببراءة أيمانية فيها الكثير من التصنّع: لماذا لم يزيلوا آثار الحرب لحد الآن؟! فقال (المجاهد) بطريقة تجمع بين الجدّ والتأكيد وما بين التهكم المصطنع: حتى لا تنسى الأجيال القادمة ما صنعه صدام وجنوده بالأيرانيين، ثم أعقب كلامه بضحكة باهتة.!
    بدأ الشعور بالاحباط يتسلل الى نفسي خلال الطريق الى الخفاجية، فأحاديث (المجاهدين) كانت تنم عن وضع غريب يعيشونه في ايران غير الذي تأتي به الأخبار. والبيوت والقرى والمدن التي نمرّ بها أشبه بسكان العصر الحجري. رائحة المستنقعات تزكم الأنوف، ونعيق الضفادع يعزف نشيد استقبال على الطريقة الأيرانية. الشوارع معظمها أسفلتها مكسر. ملابس الناس فيها كثير من الرثاثة. الوجوه متعبة وتخفي ورائها مأساة عميقة، وحكايات مريرة. وبين هذه الصور أحسست بأننا أرخص سلعة في الوجود.


    وصلنا الخفاجية في منتصف النهار تقريبا، فأخذونا الى زريبة في أطراف مدينة الخفاجية بأتجاه مدينة البسيتين وفي قرية بيوتها متناثرة، بينما قال سيد علاء بأنه سيسكن مع أقاربه في الخفاجية، ألتفت لي سيد علاء وقال: (أشوفك إن شاء الله)، فذهب الجميع ولم أرى سيد علاء من يومها وإلى الآن.
    بدأنا نشعر بالخوف والحيرة والألم، فليس لدينا في هذه الزريبة أية بطانيات أو بساط نفترشه أو أدوات للطبخ أوالغسل، لا ماء ولا طعام، ولكن من حسن الحظ أن الوقت كان الصيف، فالحر يمكن تحمله رغم البعوض الذي كان يبقينا مستيقضين حتى الصباح، وكذلك أهل القرية كلهم عرب خوزستانيون (الأحوازيون يسمون هناك بالخوزستانيين) وقد قدموا لنا كل المساعدة رغم أنهم لا يحبون الذين يعادون صدام حسين.


    أخذ يأتينا كل يوم أحد المعممين العراقيين ليسجل أسمائنا وبعض المعلومات عنا ثم يدفع لنا بضعة تومانات لا تكفي لسد وجبة طعام واحدة.. بعد طول الأسئلة والأستفسارات، فكانوا وكأنهم يتعمدون تعليقنا بالأمل والرجاء بأحسن الحال ثم يتركوننا في شدة المعانات وشظف العيش.


    وذات يوم جاءنا أحد العراقيين وقال أنه من جماعة السيد الحكيم وسوف يأخذنا إلى وكيله المدعو (أبو مرتضى الشيباني) للمقابلة والانخراط في قوات بدر.. لم يأخذنا الى بيت أبو مرتضى لنقابله وإنما الى بيت يسكن فيه والده المدعو أبو حميد، وكان البيت فارها ومؤثثا بأحسن الأثاث وفيه كل وسائل الترف، وكان البيت في حي من أحياء الخفاجية أسمه "المشروطة". ولقد عرفنا فيما بعد أن أبو حميد يمارس السحر والشعوذة (والطب الشعبي) والرذيلة رغم سنه الذي يقارب الستين ورغم أنه متزوج من أمرأة عمرها حوالي العشرين سنة، وكانت أيرانية (عجمية) قد تكون قبلت بزواجه لكونها كانت "خرساء" ولمكانته في الدولة الأيرانية وجاهه وغناه.


    كانت تأتيه بعض النساء الأحوازيات لحل مشاكلهن الأجتماعية، وذات مرة أكتشف أحد الرجال الأحوازيين وشماً تحت سرّة زوجته، وبعد أن تقصى الحقيقة وأعترفت له الزوجه بأن أبو حميد (العراقي) هو الذي عمل لها الوشم لكونها كانت مريضة، فقرر الزوج الانتقام من أبو حميد، ولكن أبو حميد كان قد عرف بأنكشاف أمره للزوج ففر الى محافظة كرمانشاه البعيدة جدا عن الخفاجية خوفا من الانتقام.
    المهم أننا قابلنا أبو مرتضى الشيباني، وبرغم "المحابس" التي يتختم بها والهيئة التي يبدو عليها، والطريقة التي يتحدث بها فإنه كانت نظراته تنبأ بنفس شريرة لا تطمأن لها النفوس. أتفقنا أن يأتينا صباحا ليأخذنا بسيارة (المجاهدين)، وفي الصباح الباكر وقفت أمام الزريبة سيارة "تويوتا كوستر" بلون كاكي يبدو كأنها من سيارات العراق، حيث لم نر في ايران في ما بعد هذا النوع من السيارات. كان بجانب أبو مرتضى شخصين فضّي الطباع وأحاديثهما فجّة وسمجة، وفي مؤخرة السيارة مجموعة من الشباب عليهم ملامح عراقية، فخرجنا أنا وأخي نهرول ونتقفز (نكمّز) لأظهار حماسنا ونشاطنا ولياقتنا البدنية.!


    أنطلقت بنا السيارة بسرعة كبيرة، كان الصمت يسود الموقف رغم محاولات البعض في المجاملة والتعارف. وفي منطقة مقطوعة توقفت السيارة فنزل أبو مرتضى ورفيقيه وأنزلوا أثنين من الشباب، وعلى الفور أفرغ أبو مرتضى مسدسه فيهما فسقطا قتيلين على الفور.! ركبنا السيارة ذاهبين إلى المعسكر، وما أن أنطلقنا قال أحد رفاق أبو مرتضى بصوت عال: هذا مصير الذي يخون المجاهدين، فأخذنا نقول: (والله يستاهلون)، (أيطبهم طوب) بينما كنا في قمة خوفنا الذي تركه آثاره على ملابسنا الداخلية بعد رؤية مشهد القتل العمد وبدم بارد..!

    الحلقه الرابعه

    نكمل رحلتنا الشاقة في الأراضي الإيرانية وما بدأنا بسرده عن جريمة القتل العمد وبدم بارد على مرأى من أنظارنا.. والتي كان بطلها المدعو (أبو مرتضى الشيباني) والذي أعتقد أن أسمه كان أبو مصطفى وهو من سكنة مدينة البصرة وأحد قادة فرق الموت الذي مارس مهامه في القتل بعد الاحتلال..

    كان الذي حدث من قتل الشابين العراقيين درسا مبكرا لنا بأن الذي يحاول أن ينقل شيئا عن ايران للسلطان العراقية أو يفكر أن يلعب "على الحبلين" فإن مصيره هو الذي شاهدناه، رغم أنني علمت أن المغدورين لم يكن أبو مصطفى يرتاح لهما وحسب، وقد علمت أنه قتل العشرات من العراقيين بهذه الطريقة.! وقد أوكل الأيرانيون شأن العراقيين هناك بيد المجرمين المحسوبين على العراق، والذي يقتلونه منهم هو مجرد "كلب وفطس". شعرت أننا وقعنا في كماشة ف(دولة المستضعفين) ليس لها وجود على الأرض، وأيران للأيرانيين. فصرنا بين خيارين أحلاهما مر علقم.

    على مقربة من المعسكر توجد لوحة كبيرة شاخصة على الأرض مكتوب عليها: "وطن ما بصره وشام نيست.. وطن ما أسلام أست" ومعناها: وطننا ليس البصرة والشام، أنما وطننا الإسلام.!! وهذه شعارات فارغة للمنخدعين، إنما معناها امبراطورية الفرس سيتعدى الشام والبصرة.! كون الاسلام بريء من هؤلاء الزنادقة القتلة..
    دخلنا المعسكر، فإذا بهم وجوه ممسوخة كأنها رؤوس الشياطين، يغلب على سحنتها السواد المشوب بالصفرة، الكل أسمائهم أبو فلان وأبو فلان على أساس أنها أسماء (حركية). وقد عرفت في ما بعد أن الذين يسمون بأسمائهم الشخصية أنما يعتزون بأسماءهم الايرانية وأنهم الأسياد ويعملون علنا لبلدهم فلا داعي للأسماء (الحركية) ومنهم (محمد باقر الحكيم) و(حسين الشهرستاني) و(هادي العامري) و(علي الأديب) و(كريم شهبوري) الذي صار في ما بعد موفق الربيعي و(بيان جبر) و(أبراهيم الجعفري) وغيرهم.

    من الأسئلة الغريبة التي وجهت لنا في المعسكر هي عن عدد الذكور والأناث في العائلة والحالة الاجتماعية لكل فرد، وقد عرفت أن أصحاب السطوة والجاه وخاصة المعممين يستأثرون بالزيجات المتعددة بالأبتزاز والأكراه كما حصل للفنان العراقي هاني الكرناوي الذي لم يجد بدا من تزويج ابنته لأحد المعممين، والاّ فمصيره إلى السلطات العراقية، وقد تم الأيقاع بالمئات من العراقيين ومنهم الكثير من الذين أعلنوا (تووبتهم) للتخلص من قسوة الأسر والتحقوا بفيلق بدر، حيث يرسلونهم إلى العراق ويحملونهم برسائل خطيرة أو بمتفجرات ثم يخبرون السلطات العراقية عن مكان وزمان دخولهم العراق ليتم القبض عليهم، وقد كان ذلك يحصل لأتفه الأسباب الشخصية وأحيانا بدون سبب.

    زارنا مرة (السيد) وهذا أسم محمد باقر الحكيم هناك، وقد بذلت حمايته جهدا كبيرا لأبعاد الذين أنكبوا عليه يقبلون يديه ورأسه ورجليه، ومنهم من أخذ (قبضة من أثر الرسول) حفنة من التراب الذي كان يقف عليه ليصنعوا منها "الترب".!! ومن الأمور التي حركت مشاعر (المجاهدين) ومنهم من أجهش بالبكاء أن عباءة السيد كانت مرقعة وبالية "كدليل على الفقر والزهد" رغم السيارات الفارهة والخدم والحشم الذين يحيطون به. وقد كان المسؤولون في المجلس هناك يستشهدون بـ"عباءة السيد" عندما يكون هنالك حديث عن رواتب متأخرة أو التشكي من بؤس الحال.

    لم نبق في المعسكر أكثر من ثلاثة أشهر حتى جاءت الأوامر بإستبعاد الذين لم يكملوا في (الخدمة) مدة سنة وإحالتهم على ما يسمى ب(القوة الأحتياطية) وهذه الدائرة لا تطالب بالحضور وأنما يتم الاستدعاء وقت الحاجة وليس فيها راتب. ولكن تصرف هويات أنتساب كثيرا ما يضعها الإيرانيون في نقاط التفتيش تحت أقدامهم. ولكننا كنا نتملق كثيرا عندما تنفد مدة هذه البطاقات لنحصل على بطاقات جديدة، وكذلك الحال أذا أردنا التنقل من مدينة إلى أخرى فيتطلب الأمر الحصول على وثيقة أخرى تسمى "برك تردد" أي ورقة التنقل وكأنها صكوك الغفران.

    إن الآليات العسكرية العراقية كالدبابات والمدرعات التي دخلت المدن الأيرانية في بداية الحرب وتعطلت هناك فالأيرانيين لم يرفعوها كلها بل تركوا الكثير منها في الشوارع والساحات، ومنها دبابة في مدينة الخفاجية وثلاثة مدرعات ومدفع في مدينة البسيتين والعديد من الآليات والمدافع في مدينة المحمرة. وكذلك الكثير من الطائرات المعطوبة فقد أحيطت بمحوطات وأصبحت جزء من معالم المدن للتذكير وإلى الأبد بالحرب على العراق.!

    ومن الأمور التي يصعب تصديقها فإن جميع القتلى الأيرانيين "وأؤكد على كلمة جمييييع" من ضباط ومراتب وطيارين ومن القوات البحرية وغيرها فقد أطلقت أسماؤهم على الشوارع والساحات والبنايات والملاعب والحدائق العامة والأسواق، ومنهم من وضعت صورهم وأسماؤهم على شكل مجاميع على البنايات والجزرات الوسطية "البلوارات" مثل "بلوار شهيد" في مدينة الأحواز.
    رغم أن التمور تشكل ركنا من أركان الإقتصاد الأيراني حيث تكثر في أقليم عربستان "خوزستان" مثل المحمرة وعبادان وديزفول وشادكان، ألا أنه تمنع زراعتها في داخل عاصمة الأقليم مدينة "الأحواز" حيث يمنع زراعتها في الحدائق العامة أو الساحات أو المتنزهات لأن الفرس يعتبرون أن النخلة هي من الرموز العربية التي يجب الأستفادة منها فقط من دون أعطائها أي شأن معنوي أو جمالي أو وجودي!.
    كذلك فإن الأيرانيين "على نطاق الحكومة" يقفون ضد الأكثار وتربية الجمال "البعير" ويقومون دائما بتحجيم نشاط المربين من القوميات غير الفارسية ومنهم عشائر "الزنكلة" وذلك لأن الفرس يعتبرون الجمل مطية العرب ويذكرهم بالقبائل العربية. وكثيرا ما يدافع الرعاة عن جمالهم بأنهم يستخدمونها في تمثيل خروج السبايا من الكوفة الى الشام بعد واقعة الطف.!

    ننتقل إلى طهران عاصمة دولة الفرس حيث تتدرج مظاهر الفقر كلما أتجهنا الى الجنوب وتزداد مظاهر الغنى كلما أتجهنا إلى الشمال، وذلك لأن "الجنوب" وبحسب الحس الفارسي يشير إلى العرب ومهد انطلاق الإسلام والفتوحات من الجزيرة العربية، والتناقض بين شمال طهران وجنوبها مثل التناقض بين قطبي شمال البوصلة وجنوبها. وحيث يعيش في الشمال وفي مدينة "تجريش" الراقية هناك خاصة الكثير من الشخصيات الحكومية والسفارات وعوائل أرباب المشروع الفارسي في العراق مثل محمد باقر الحكيم "أبو العباءة المرقعة" وموفق الربيعي وعلي الأديب وحسين الشهرستاني وبيان جبر وغيرهم.
    قد يخيل إليك أنك ستسمع الأذان وقت الصلاة في كل شارع وحارة في طهران!. أن الطهرانيين يسمون صوت الأذان بـ"أنكر الأصوات" ولذا فإن الأذان يرفع عبر المكبرات الداخلية للمساجد والحسينيات، وأحيانا تقام الصلاة بدون أذان.!!

    لفتت إنتباهي مرة صورة معلقة في أحد المتاجر لأحد (المتدينين) حيث كانت الصورة تمثل نبي الله ابراهيم [عليه السلام] وهو يهم بذبح ابنه أسماعيل [عليه السلام] وقد رسمت الكعبة في واد بعيد وخنجر أبراهيم [عليه السلام] يمس ركن الكعبة! ولكن الغرابة زالت عندما عرفت أن الفرس يعتبرون أن أبراهيم [عليه السلام] هو فارسي وليس عربي.!!

    هل تعلم أيها المسلم وأيها الشيعي في العراق ويا أيها القاريء الكريم بأنك إذا أردت أن تعرف أتجاه القبلة في طهران فتوجه بأتجاه المرحاض.!! أن جميع الفنادق والدوائر والمؤسسات الحكومية والمساجد والحسينيات والأضرحة فإن موقع المرحاض يكون دائما بأتجاه القبلة بالنسبة لموقعك في المكان! فإذا كنت مثلا في شقة في أحد فنادق طهران والتي "الشقة" تحتوي عادة على غرفة نوم وبجانبها حمام ومرافق فإنك إذا أردت الصلاة وأنت في الغرفة ولم تعرف أين أتجاه القبلة فتوجه إلى ناحية "المرافق" وخطيتك برقب.... ة السيستاني والخامنئي.

    هذه هي قبلتكم يا مسلمون في نظر الأيرانيين "ولن أقول الفرس" حتى لا يزعل اخواني من الشيعة المسبحين بحمد ايران والمقدسين لمرافقها.!
    وليس هذا في طهران فقط وأنما في معظم المدن الأيرانية ما عدا بعض الحالات لأسباب أستثنائية. وأنني أدعو جميع الذين كانوا في أيران من العراقيين الشرفاء والذين كانوا في أقفاص الأسر أن يعودوا بذاكرتهم إلى الوراء ليتحققوا مما أقول.. وليس هذا كل شيء فالآتي أدهى وأعظم.

    هذه هي (جمهورية ايران الإسلامية) التي جاء بها الخميني، فمتى تستفيقون أيها العرب وأيها المسلمون، ويا دعاة (التقريب بين المذاهب)، ويا منظمة المؤتمر الإسلامي! ويا دول الخليج ويا المملكة العربية السعودية.
    ويا شيعتنا في العراق ودول العالم مما أنتم غارقون فيه من أكاذيب ما يسمى الجمهورية الايرانية الاسلامية؟ ومتى ستوقنون أنها مملكة العهر والزندقة والكفر واحتقاؤ كل ما هو مسلم..!

    الحلقه الخامسه





    نكمل لكم مشاهداتنا في دولة الدجل والمشعوذين.. دولة يحكمها الحقد الأزلي ضد كل ما هو عراقي أو مسلم أو عربي.. ومشاهدتنا في هذه الحلقة تبدأ برحلة سفر وظهور الوجه العنصري القبيح للايرانيين والكشف عن شواهد الحقد ضد إله العرب (الله) وأسباب الصلاة على الترب.!..


    كنا ذات يوم أنا وأحد الأخوة العراقيين وهو من نسل الرسول [ص] "سيد" وكان يشاطرني النظرة الجديدة إلى الأيرانيين لحد ما وإن كانت لا تخلوا أحيانا من باب المجاملة. كنا نستقل باص "أتوبوس" متجهين من مدينة قم إلى طهران، وكان صاحبي يرتدي كوفية وعقال.! وما أن تحرك الباص وإذا بقشور "الكرزات" يرميها علينا بعض الصبية والذين رأينا أن آبائهم يحفزونهم على ذلك، فكتمنا الغيض وقلنا أن الصبر أولى من الكلام الذي لا طائل من ورائه. كما كان يمر من جانبنا أحد الركاب ليملأ كأسا من الماء من قرب السائق ويتظاهر بأنه يوصله إلى رفيقه الذي يجلس بجانبه، ولكن ما أن يمر من قرب "السيد" حتى يتظاهر بأنه فقد توازنه بسبب أنطلاق الباص ليدلق "يسكب" شيئا من الماء عليه وليستمر بعدها النبس والضحك. وفي وصولونا طهران مشينا أنا وأياه وقد أجتزنا أحدى الحدائق العامة وإذا بالحجار ينهال علينا من كل صوب، فأسرعنا الخطى صامتين لأننا نعلم أن تدخل الشرطة يعني لنا سنة من السجن على الأقل (على ذمة التحقيق) وفي النهاية لن يقولوا لنا حتى كلمة "ببخشي" "عفوا"..


    استمرّت تلك المضايقات ولا أنسى تلك الحادث ففي ليلة ليلاء كنت فيها مسافرا بالباص ليلا من طهران إلى أصفهان صادفنا في الطريق حادثا مروريا حيث شاحنة مقلوبة وكانت محملة بالزجاج الذي تناثر في الطريق مما يتطلب التوقف قليلا لأجتياز المكان، وقد فكرت أن أنزل قليلا لأحرك رجلي وحيث كان الباص قد توقف قليلا مع "تعليقات" الركاب على الحادث.. وما أن رآني السائق في المرآة وأنا منشغل أتأمل الشاحنة المقلوبة " وقد عرف أنني عربي من بعض الكلمات التي تفوهت بها داخل الباص"، فأطلق السيارة بأقصى سرعة ابتدائية فلم ألحق بالباص وقد قضيت الليلة على أصوات الذئاب والثعالب وقد صرفتها بالدعاء المختلط بحرقة المظلوم لا غير، متحاشيا استيقاف السيارات على الطريق فقد تكون أحداها عائدة للشرطة وحيث أوراقي الثبوتية لا تسمح لي بمثل هذه المواقف.


    وذات يوم ولتفادي الأذى الذي يلحقني دائما بسبب العنصرية المقيتة، فقد خطرت لي فكرة جائتني من حيث أنني أرى أن الأشخاص الذين أسألهم باللغة الأنكليزية يجيبونني ويعاملونني بكثير من اللطف والأحترام، فكنت كلما أذهب إلى طهران لبعض الشؤون أدعي بأنني سائح بريطاني من أصل تركي! وقد رتبت هيئتي بما يناسب الحال وحيث أنني أجيد الأنكليزية بطلاقة تامة والفضل يعود إلى دراستي في جامعات بغداد.! ولقد أكتشفت أن الطهرانيين وكذلك عموم الأيرانيين لديهم بعض الشعور بالنقص أمام الأوربيين أو أنهم على الأقل لا يبدون أية نزعة عدوانية تجاههم مع الأعتزاز والتفاخر بأيرانيتهم وبلدهم، فكانوا إذا سألت أحدهم بالإنكليزية وعرّفته بأنني بريطاني فأنه يجهد نفسه كثيرا في الأجابة على السؤال، ومنهم من يوصلني بسيارته وأحيانا يدعونني إلى البيت للتعارف.!!


    ولكن رغم ذلك تحصل الكثير من "المقالب" والإشكالات وأذكر منا "على سبيل المثال" أنني أستأجرت يوما تاكسي "التاكسيات تعمل بالعداد" وطلبت منه أن يأخذني إلى مكان ما فأخذ يلف في شوارع طهران ما يقارب الساعة "ليأخذ أجرة أكثر" وقد وجدت في ما بعد أن المسافة من الأنطلاق إلى الوصول لا تتجاوز العشر دقائق مشيا على الأقدام!.
    من المظاهر المألوفة أن جميع الدراجات البخارية "وهي كثيرة جدا في عموم أيران وطهران خاصة" يربطونها بسلاسل قوية لشيوع السرقات وكذلك النصب والأحتيال، فإذا غفلت عن حقيبتك لحظة فأقرأ عليها السلامة.
    مرة قال لي أحد السائقين وكنا نتحدث بالإنكليزية "حيث أن في طهران نسبة كبيرة جدا من الذين يتكلمون الإنكليزية" فقال لي: هل ترى هذه العمارات.. لو كانت لي لأعطيتها لك مقابل أن تأخذني إلى "الخارج"، فقلت له لماذ؟ فأخذ يلف بيده على رأسه ليمثل عمامة الملالي ويجر حسرة. فسألته لماذا أذن تخرجون للتظاهر عندما يدعوكم الخامنئي أو خاتمي "رئيس الجمهورية آنذاك" فقال: حتى نظهر بلادنا بمظهر القوي أمام الغرب، فالخامنئي سيرحل يوما ولكن أيران ستبقى لنا.! فشعرت بأنني خائن ذليل حيث أنني لطالما كنت أفرح بالغزو الخارجي لتغيير (النظام) والأطاحة بصدام حسين يرحمه الله. ولن أسامح نفسي إلى أن يكتب الله لي الشهادة في سبيله.


    أن الأيرانيين يحبون بلدهم بشكل عجيب ولا يؤمنون أبدا بالتغيير الخارجي للحكومات، وهذه شهادة أسجلها لهم. ولا عجب أن يقاتلون مع الحكومة مع أنهم يمقتونها أشد المقت.
    لكل أمة حضارة وحضارة الفرس حضارة الحجر وليست حضارة البشر! فلا تجد هنالك معنى لشيء أسمه الإنسانية. أن المعالم والنقوش الأثرية عادة ما تعكس الرؤية الفلسفية للكون والطبيعة عند الأمم والشعوب، وفي أيران وخاصة طهران فإن كل النقوش والنحوت والتماثيل توحي بنظرة عدائية للسماء! وكلما أمعنت في التأمل تفهم أبعاد الديانة المجوسية والتي يبدو أنها نشأت مع وجود العنصر الفارسي على الأرض ولا زالت إلى ا

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت نوفمبر 23, 2024 3:45 am