طعنوا المتظاهرين والجيش ..فهمي هويدي::
27 / 02 / 2011 - 10:19 تاريخ الإضافة :
طعنوا المتظاهرين والجيش ..فهمي هويدي
يحيرنا الذي يجرى في ميدان التحرير، ويقلقنا كثيراً الأسلوب الخشن الذي ظهر في أوساط الشرطة العسكرية في تعاملها مع المتظاهرين في الميدان، أما وجه الحيرة فيتمثل في أن الميدان أصبح مفتوحاً للكافة، بحيث اختلط فيه الحابل بالنابل. ولم يعد يعرف بالضبط من الذين جاءوا لكي يتظاهروا فيه معبرين عن آراء أو مطالب. ومن الذين وفدوا إليه لإثارة الفوضى والفتنة وممارسة البلطجة.
أثناء الاعتصام الكبير كان الميدان مؤمناً، بمعنى أن المنظمين كانوا يتعرفون على الداخلين والخارجين. وكان لكل مجموعة مكان يتجمعون فيه. ولم تكن هناك فرصة للعبث أو الاندساس أو الإخلال بسلمية التظاهر. وهو وضع اختلف إلى حد كبير بعد انفضاض الاعتصام، حيث لم يعد هناك وجود للجنة المنظمة للعملية. وبالتالي فإن عناصر الشرطة العسكرية وحدها التي أصبحت تتولى تأمين الميدان.
الوضع أصبح معقداً الآن، ذلك أن الاستجابة المتواضعة لمطالب الثورة أثارت استياء كثيرين ممن توقعوا مردوداً مختلفاً للثمن الذي دفع، وسالت من أجله دماء مئات الشهداء. وقد وجد هؤلاء أن وسيلة الضغط الوحيدة على السلطة ممثلة في مجلس الدفاع الأعلى والحكومة هي العودة إلى التظاهر في الميدان مرة أخرى، وهو ما حدث بالفعل. ولكن المشكلة هذه المرة أنه في غياب عملية تأمين الميدان، فإنه لم يعد يعرف بالضبط الفرق بين الجادين والعابثين، الأمر الذي فتح الباب للاحتكاك بين بعض الداخلين وبين عناصر الشرطة الموجودة في الميدان. ولا ينكر أن تعدد الجهات التي تلجأ إلى التظاهر في الميدان فتح الباب للالتباس والمهاترة. الأمر الذي أبرز أهمية وجود تنسيق بين الفئات أو المجموعات المختلفة من الناشطين، بحيث تتولى تلك الجهات مسؤولية التأمين لقطع الطريق على احتمالات حدوث ذلك الاحتكاك.
أما الذي يبعث على القلق ويزعج حقاً، فهو ما جرى مساء يوم الجمعة مع بعض المتظاهرين خصوصاً أمام مجلس الوزراء، فقد تعرضوا للضرب بالعصي الكهربائية كما تعرض بعضهم للسحل والإهانات التي أذهلت الجميع، وأعادت إلى الأذهان ممارسات ظننا أننا تجاوزناها، واعتبرت عاراً لطخ وجه نظام ما قبل 25 يناير. ناهيك عن أن أحداً لا ينكر أن تلك الأساليب التي أهدرت كرامة المواطنين وعمدت إلى إذلالهم كانت من بين الأسباب التي عبأت الجماهير بمشاعر السخط والغضب. ومما سمعته من بعض الذين تعرضوا لتلك التجربة البائسة أن ما أذهلهم وأوجعهم حقاً ليس ما لحق بهم من أذى، ولكن أنهم رأوا بأعينهم بأن الذي رفضوه وثاروا عليه وظنوا أن صفحته طويت إلى الأبد تجدد أمام أعينهم مرة أخرى.
فيما سمعت فإن ضباطاً بثياب مدنية، ليس معروفاً إلى أي جهاز ينتمون وإن كان الأرجح أنهم من عناصر أمن الدولة، كانوا يوجهون جنود الشرطة العسكرية الذين زودوا بالعصي الكهربائية، وكان الأخيرون يتولون التنفيذ بقسوة غير مألوفة وكان جديداً أن يعود أولئك الضباط إلى ذات الأساليب البالية. وكان جديداً أيضاً أن يستخدم جنود الشرطة العسكرية في أداء المهمة القذرة، وهم الذين احتفى بهم المتظاهرون واحتضنوهم يوماً ما، ولا يزالون رغم كل شيء يحتفظون لهم برصيد من المودة والاحترام.
قال لي أحد الذين تعرضوا للضرب المبرح، هو بالمناسبة عضو في هيئة التدريس بإحدى الجامعات، إنه حين تعرض للضرب والسب والإهانة ودفع به مع آخرين كانوا مكدسين وممددين في «جراج» مبنى مجلس الوزراء، تصور أن أنصار الرئيس السابق استولوا على السلطة، وأن اللواء العادلي عاد إلى مكتبه وقرر أن ينتقم من الذين تسببوا في فضحه والإطاحة به. ولفت نظري قوله إن ذلك لو حدث لكانت صدمته أقل من تلك التي استشعرها حين أدرك أن ما تعرضوا له تم في وجود المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي خرج على المصريين في البداية معلناً تأييده لمطالبهم المشروعة.
قبل ظهر أمس، أصدرت قيادة القوات المسلحة بياناً أعلن الاعتذار عما جرى للمتظاهرين في الليلة السابقة، وهي خطوة إيجابية لكنها غير كافية، لأن ما حدث لم يهن المتظاهرين فقط، ولكنه شوَّه صورة القيادة العسكرية وأساء إساءة بالغة إلى صورة الجيش الذي انعقدت عليه آمال الوطنيين والشرفاء.
لقد تمنيت أن يعلن القادة العسكريون أن المسؤولين عما جرى سيحاسبون في محاكمات علنية، وأن يؤكدوا للشعب المصري أن تلك الأساليب القذرة التي كانت تستخدم قبل 25 يناير، لن تظهر بعدها مرة أخرى. وإذا لم يحدث ذلك، فإننا لن نستطيع أن نقاوم الشعور بالاستياء وخيبة الأمل ولا أن نستبعد ظنون البعض أن الثورة أصبحت معرضة للاختطاف.
صحيفة الشرق القطرية
27 / 02 / 2011 - 10:19 تاريخ الإضافة :
طعنوا المتظاهرين والجيش ..فهمي هويدي
يحيرنا الذي يجرى في ميدان التحرير، ويقلقنا كثيراً الأسلوب الخشن الذي ظهر في أوساط الشرطة العسكرية في تعاملها مع المتظاهرين في الميدان، أما وجه الحيرة فيتمثل في أن الميدان أصبح مفتوحاً للكافة، بحيث اختلط فيه الحابل بالنابل. ولم يعد يعرف بالضبط من الذين جاءوا لكي يتظاهروا فيه معبرين عن آراء أو مطالب. ومن الذين وفدوا إليه لإثارة الفوضى والفتنة وممارسة البلطجة.
أثناء الاعتصام الكبير كان الميدان مؤمناً، بمعنى أن المنظمين كانوا يتعرفون على الداخلين والخارجين. وكان لكل مجموعة مكان يتجمعون فيه. ولم تكن هناك فرصة للعبث أو الاندساس أو الإخلال بسلمية التظاهر. وهو وضع اختلف إلى حد كبير بعد انفضاض الاعتصام، حيث لم يعد هناك وجود للجنة المنظمة للعملية. وبالتالي فإن عناصر الشرطة العسكرية وحدها التي أصبحت تتولى تأمين الميدان.
الوضع أصبح معقداً الآن، ذلك أن الاستجابة المتواضعة لمطالب الثورة أثارت استياء كثيرين ممن توقعوا مردوداً مختلفاً للثمن الذي دفع، وسالت من أجله دماء مئات الشهداء. وقد وجد هؤلاء أن وسيلة الضغط الوحيدة على السلطة ممثلة في مجلس الدفاع الأعلى والحكومة هي العودة إلى التظاهر في الميدان مرة أخرى، وهو ما حدث بالفعل. ولكن المشكلة هذه المرة أنه في غياب عملية تأمين الميدان، فإنه لم يعد يعرف بالضبط الفرق بين الجادين والعابثين، الأمر الذي فتح الباب للاحتكاك بين بعض الداخلين وبين عناصر الشرطة الموجودة في الميدان. ولا ينكر أن تعدد الجهات التي تلجأ إلى التظاهر في الميدان فتح الباب للالتباس والمهاترة. الأمر الذي أبرز أهمية وجود تنسيق بين الفئات أو المجموعات المختلفة من الناشطين، بحيث تتولى تلك الجهات مسؤولية التأمين لقطع الطريق على احتمالات حدوث ذلك الاحتكاك.
أما الذي يبعث على القلق ويزعج حقاً، فهو ما جرى مساء يوم الجمعة مع بعض المتظاهرين خصوصاً أمام مجلس الوزراء، فقد تعرضوا للضرب بالعصي الكهربائية كما تعرض بعضهم للسحل والإهانات التي أذهلت الجميع، وأعادت إلى الأذهان ممارسات ظننا أننا تجاوزناها، واعتبرت عاراً لطخ وجه نظام ما قبل 25 يناير. ناهيك عن أن أحداً لا ينكر أن تلك الأساليب التي أهدرت كرامة المواطنين وعمدت إلى إذلالهم كانت من بين الأسباب التي عبأت الجماهير بمشاعر السخط والغضب. ومما سمعته من بعض الذين تعرضوا لتلك التجربة البائسة أن ما أذهلهم وأوجعهم حقاً ليس ما لحق بهم من أذى، ولكن أنهم رأوا بأعينهم بأن الذي رفضوه وثاروا عليه وظنوا أن صفحته طويت إلى الأبد تجدد أمام أعينهم مرة أخرى.
فيما سمعت فإن ضباطاً بثياب مدنية، ليس معروفاً إلى أي جهاز ينتمون وإن كان الأرجح أنهم من عناصر أمن الدولة، كانوا يوجهون جنود الشرطة العسكرية الذين زودوا بالعصي الكهربائية، وكان الأخيرون يتولون التنفيذ بقسوة غير مألوفة وكان جديداً أن يعود أولئك الضباط إلى ذات الأساليب البالية. وكان جديداً أيضاً أن يستخدم جنود الشرطة العسكرية في أداء المهمة القذرة، وهم الذين احتفى بهم المتظاهرون واحتضنوهم يوماً ما، ولا يزالون رغم كل شيء يحتفظون لهم برصيد من المودة والاحترام.
قال لي أحد الذين تعرضوا للضرب المبرح، هو بالمناسبة عضو في هيئة التدريس بإحدى الجامعات، إنه حين تعرض للضرب والسب والإهانة ودفع به مع آخرين كانوا مكدسين وممددين في «جراج» مبنى مجلس الوزراء، تصور أن أنصار الرئيس السابق استولوا على السلطة، وأن اللواء العادلي عاد إلى مكتبه وقرر أن ينتقم من الذين تسببوا في فضحه والإطاحة به. ولفت نظري قوله إن ذلك لو حدث لكانت صدمته أقل من تلك التي استشعرها حين أدرك أن ما تعرضوا له تم في وجود المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذي خرج على المصريين في البداية معلناً تأييده لمطالبهم المشروعة.
قبل ظهر أمس، أصدرت قيادة القوات المسلحة بياناً أعلن الاعتذار عما جرى للمتظاهرين في الليلة السابقة، وهي خطوة إيجابية لكنها غير كافية، لأن ما حدث لم يهن المتظاهرين فقط، ولكنه شوَّه صورة القيادة العسكرية وأساء إساءة بالغة إلى صورة الجيش الذي انعقدت عليه آمال الوطنيين والشرفاء.
لقد تمنيت أن يعلن القادة العسكريون أن المسؤولين عما جرى سيحاسبون في محاكمات علنية، وأن يؤكدوا للشعب المصري أن تلك الأساليب القذرة التي كانت تستخدم قبل 25 يناير، لن تظهر بعدها مرة أخرى. وإذا لم يحدث ذلك، فإننا لن نستطيع أن نقاوم الشعور بالاستياء وخيبة الأمل ولا أن نستبعد ظنون البعض أن الثورة أصبحت معرضة للاختطاف.
صحيفة الشرق القطرية
الإثنين أغسطس 15, 2011 4:07 pm من طرف Gulf Knight
» الوصول إلى أي مكان في العالم خلال أقل من ساعة هدف أميركي قد يتحقق اليوم
الإثنين أغسطس 15, 2011 4:02 pm من طرف Gulf Knight
» إسرائيل تبحث شراء وسائل قتالية أميركية مستعملة فى العراق
الإثنين أغسطس 15, 2011 4:00 pm من طرف Gulf Knight
» كتيبة بنيامين تجدد التأكيد على جهوزية الجيش الإسرائيلي لمواجهات سبتمبر
الإثنين أغسطس 15, 2011 3:59 pm من طرف Gulf Knight
» قبيل الانسحاب: العراق يتسلّم 22 مروحية مي-17 محدّثة من شركة ARINC الأميركية
الخميس أغسطس 11, 2011 6:30 pm من طرف Gulf Knight
» أفغانستان تتسلم 9 مروحيات "مي-17" من روسيا بحلول نهاية العام
الخميس أغسطس 11, 2011 6:29 pm من طرف Gulf Knight
» مناورات جوية لقوات دول الاتحاد السوفياتي السابق لمكافحة الإرهاب
الخميس أغسطس 11, 2011 6:28 pm من طرف Gulf Knight
» روسيا تطوّر نظامي الدفاع الجوي الجديدين: مارفي و فيتياز
الخميس أغسطس 11, 2011 6:27 pm من طرف Gulf Knight
» إختفاء صواريخ مضادة للدروع من معسكر إسرائيلي في الجولان
الخميس أغسطس 11, 2011 6:26 pm من طرف Gulf Knight
» إسرائيل تطور طائرة جديدة دون طيار
الخميس أغسطس 11, 2011 6:25 pm من طرف Gulf Knight
» إسقاط مروحية تشينوك في أفغانستان يودي بحياة 31 جندياً أميركياً و7 جنود أفغان
الخميس أغسطس 11, 2011 6:23 pm من طرف Gulf Knight
» دبابات الجيش السوري تقتحم مدينتي سراقب وقصير
الخميس أغسطس 11, 2011 6:22 pm من طرف Gulf Knight
» أحزاب الشيطان من طهران إلى العراق ولبنان
الخميس أغسطس 11, 2011 6:20 pm من طرف Gulf Knight
» سوريا وتركيا.. لقاء الوداع؟
الخميس أغسطس 11, 2011 6:19 pm من طرف Gulf Knight
» سوريا: تصورات نهاية النظام
الخميس أغسطس 11, 2011 6:19 pm من طرف Gulf Knight