وثائق ويكيليكس والطرود المفخخة
جمال سلطان
جريدة المصريون 25-ذوالقعدة-1431هـ / 2-نوفمبر-2010م
قبل ثلاثة أيام كان العالم كله مشغولا بالفضيحة الأمريكية المروعة التي ظهرت بعد نشر موقع "ويكيليكس" الأمريكي للوثائق السرية لحرب أمريكا في العراق والجرائم المخيفة التي ارتكبها جنود الاحتلال وتواطؤهم مع القوى الطائفية والعصابات الشيعية في عمليات تصفية دموية لخصومهم السياسيين أو خصومهم في المذهب ، مستوى الجرائم التي كشفت عنها الوثائق كانت كافية لتقديم قيادة الجيش الأمريكي وحتى القيادات السياسية والأمنية للتحقيق أمام محاكم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
فجأة ، وأثناء هذا الجدل العالمي والمطالبات المتزايدة للتحقيق ، والتي كانت أبرزها ما صدر عن الأمم المتحدة ، إذا بالعالم يصبح على "فيلم أمريكي" جديد يتحدث عن طرود مفخخة موجهة إلى معبد يهودي في شيكاغو في الولايات المتحدة ، ثم أحاديث لا تنقطع عن مسؤولين سياسيين أمريكان ومسؤولين أمنيين ومسؤلين عسكريين ، في زفة مثيرة للدهشة تتحدث عن الخطر الذي يهدد العالم من جراء الطرود المفخخة ، وأن العالم لا بد أن يحتشد لمواجهة تنظيم القاعدة وإبادة قياداته، وتتحرك الكاميرات بين اليمن والدوحة ودبي وألمانيا وشيكاغو، ترصد هذا الرعب الجديد الذي يريدون أخذ العالم من خلاله أسرى الخوف والتضليل وسحب الأنظار والأفكار بعيدا عن ما حدث من جرائم في العراق وأفغانستان.
الفيلم الأمريكاني الذي يريدون خداع العالم وابتزازه به ليصمت على الجرائم التي ارتكبوها في العراق وأفغانستان مجرد طلقة من مسدس صوت، ضجيج بلا أي خطر، وشكوك واسعة النطاق حول عملية إنتاج هذا الفيلم وتسويقه، ومدى صدقيته، في حين أن الواقع الحقيقي يتحدث عن جرائم كان من نتيجتها استباحة أرواح ودماء أكثر من مائة ألف إنسان في العراق وأضعافهم في أفغانستان ، فأي موقف في الاثنين يحق للعالم أن يجزع منه وأن يقلق وأن يطالب بالتحقيق مع المجرم فيه ، الفيلم الإعلامي ، أم الجرائم الحقيقية التي حدثت بالفعل ونشرت وثائقها أمام الجميع ، عندي قناعة تصل إلى مستوى اليقين أن ثمة علاقة أكيدة تربط بين آثار نشر وثائق "ويكيليكس" وبين إخراج الأمريكيين لحكاية الطرود البريدية المتفجرة.
لم يتوقف الأمر عند الطرود البريدية المتفجرة فقط ، وإنما فوجئ العالم بعملية وحشية تقع في دار للعبادة في العراق ، تحولت فيها كنيسة إلى بركة من الدم والنار ، ونسبت العملية أيضا إلى تنظيم القاعدة ، غير أن ما يلفت الانتباه في موضوع الكنيسة هو إصرار القوات العراقية المدعومة أمريكيا على الاقتحام السريع للكنيسة أيا كانت العواقب ، ودون أي تحسب لوقوع ضحايا ، كما كان مثيرا للدهشة أن جميع من كانوا يتهمون بأنهم شاركوا في العملية قتلوا بالكامل ، وبالتالي لا يوجد أي خيط يمكن أن يوضح لنا من هؤلاء ، ومن دفعهم ومن دفع لهم ، وهو لغز جديد يضاف إلى لغز الطرود المفخخة ، وقد جاءت الحادثة بالتوازي التام زمنيا وإنسانيا مع عملية الطرود المفخخة ، والغريب أن الواقعتين كانتا تستهدفان دورا للعبادة ، كنيسة في العراق وكنيس يهودي في أمريكا ، وهي مفارقة تحتاج إلى بعض التأمل والخيال البسيط .
وأما ما نشر عن تهديد نفس التنظيم المزعوم بأنه هاجم كنيسة بغداد ، لكنائس في مصر على خلفية اختفاء بعض السيدات القبطيات اللاتي أسلمن داخل الكنائس ، فأظن أنها نكتة شديدة السخافة ، وهذا هو ما قلته بالأمس في مقابلات هاتفية مع بعض القنوات التليفزيونية الغربية التي سارعت إلى تغطية "الحدث المثير" وأكدت لهم أن القصة كلها من وحي الخيال.
almesryoongamal@gmail.com
جمال سلطان
جريدة المصريون 25-ذوالقعدة-1431هـ / 2-نوفمبر-2010م
قبل ثلاثة أيام كان العالم كله مشغولا بالفضيحة الأمريكية المروعة التي ظهرت بعد نشر موقع "ويكيليكس" الأمريكي للوثائق السرية لحرب أمريكا في العراق والجرائم المخيفة التي ارتكبها جنود الاحتلال وتواطؤهم مع القوى الطائفية والعصابات الشيعية في عمليات تصفية دموية لخصومهم السياسيين أو خصومهم في المذهب ، مستوى الجرائم التي كشفت عنها الوثائق كانت كافية لتقديم قيادة الجيش الأمريكي وحتى القيادات السياسية والأمنية للتحقيق أمام محاكم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
فجأة ، وأثناء هذا الجدل العالمي والمطالبات المتزايدة للتحقيق ، والتي كانت أبرزها ما صدر عن الأمم المتحدة ، إذا بالعالم يصبح على "فيلم أمريكي" جديد يتحدث عن طرود مفخخة موجهة إلى معبد يهودي في شيكاغو في الولايات المتحدة ، ثم أحاديث لا تنقطع عن مسؤولين سياسيين أمريكان ومسؤولين أمنيين ومسؤلين عسكريين ، في زفة مثيرة للدهشة تتحدث عن الخطر الذي يهدد العالم من جراء الطرود المفخخة ، وأن العالم لا بد أن يحتشد لمواجهة تنظيم القاعدة وإبادة قياداته، وتتحرك الكاميرات بين اليمن والدوحة ودبي وألمانيا وشيكاغو، ترصد هذا الرعب الجديد الذي يريدون أخذ العالم من خلاله أسرى الخوف والتضليل وسحب الأنظار والأفكار بعيدا عن ما حدث من جرائم في العراق وأفغانستان.
الفيلم الأمريكاني الذي يريدون خداع العالم وابتزازه به ليصمت على الجرائم التي ارتكبوها في العراق وأفغانستان مجرد طلقة من مسدس صوت، ضجيج بلا أي خطر، وشكوك واسعة النطاق حول عملية إنتاج هذا الفيلم وتسويقه، ومدى صدقيته، في حين أن الواقع الحقيقي يتحدث عن جرائم كان من نتيجتها استباحة أرواح ودماء أكثر من مائة ألف إنسان في العراق وأضعافهم في أفغانستان ، فأي موقف في الاثنين يحق للعالم أن يجزع منه وأن يقلق وأن يطالب بالتحقيق مع المجرم فيه ، الفيلم الإعلامي ، أم الجرائم الحقيقية التي حدثت بالفعل ونشرت وثائقها أمام الجميع ، عندي قناعة تصل إلى مستوى اليقين أن ثمة علاقة أكيدة تربط بين آثار نشر وثائق "ويكيليكس" وبين إخراج الأمريكيين لحكاية الطرود البريدية المتفجرة.
لم يتوقف الأمر عند الطرود البريدية المتفجرة فقط ، وإنما فوجئ العالم بعملية وحشية تقع في دار للعبادة في العراق ، تحولت فيها كنيسة إلى بركة من الدم والنار ، ونسبت العملية أيضا إلى تنظيم القاعدة ، غير أن ما يلفت الانتباه في موضوع الكنيسة هو إصرار القوات العراقية المدعومة أمريكيا على الاقتحام السريع للكنيسة أيا كانت العواقب ، ودون أي تحسب لوقوع ضحايا ، كما كان مثيرا للدهشة أن جميع من كانوا يتهمون بأنهم شاركوا في العملية قتلوا بالكامل ، وبالتالي لا يوجد أي خيط يمكن أن يوضح لنا من هؤلاء ، ومن دفعهم ومن دفع لهم ، وهو لغز جديد يضاف إلى لغز الطرود المفخخة ، وقد جاءت الحادثة بالتوازي التام زمنيا وإنسانيا مع عملية الطرود المفخخة ، والغريب أن الواقعتين كانتا تستهدفان دورا للعبادة ، كنيسة في العراق وكنيس يهودي في أمريكا ، وهي مفارقة تحتاج إلى بعض التأمل والخيال البسيط .
وأما ما نشر عن تهديد نفس التنظيم المزعوم بأنه هاجم كنيسة بغداد ، لكنائس في مصر على خلفية اختفاء بعض السيدات القبطيات اللاتي أسلمن داخل الكنائس ، فأظن أنها نكتة شديدة السخافة ، وهذا هو ما قلته بالأمس في مقابلات هاتفية مع بعض القنوات التليفزيونية الغربية التي سارعت إلى تغطية "الحدث المثير" وأكدت لهم أن القصة كلها من وحي الخيال.
almesryoongamal@gmail.com
» الوصول إلى أي مكان في العالم خلال أقل من ساعة هدف أميركي قد يتحقق اليوم
» إسرائيل تبحث شراء وسائل قتالية أميركية مستعملة فى العراق
» كتيبة بنيامين تجدد التأكيد على جهوزية الجيش الإسرائيلي لمواجهات سبتمبر
» قبيل الانسحاب: العراق يتسلّم 22 مروحية مي-17 محدّثة من شركة ARINC الأميركية
» أفغانستان تتسلم 9 مروحيات "مي-17" من روسيا بحلول نهاية العام
» مناورات جوية لقوات دول الاتحاد السوفياتي السابق لمكافحة الإرهاب
» روسيا تطوّر نظامي الدفاع الجوي الجديدين: مارفي و فيتياز
» إختفاء صواريخ مضادة للدروع من معسكر إسرائيلي في الجولان
» إسرائيل تطور طائرة جديدة دون طيار
» إسقاط مروحية تشينوك في أفغانستان يودي بحياة 31 جندياً أميركياً و7 جنود أفغان
» دبابات الجيش السوري تقتحم مدينتي سراقب وقصير
» أحزاب الشيطان من طهران إلى العراق ولبنان
» سوريا وتركيا.. لقاء الوداع؟
» سوريا: تصورات نهاية النظام