عملية اقتحام البنك المركزي وأكذوبة اتهام "القاعدة"
د. أيمن الهاشمي
السياسة الكويتية 7-رجب-1431هـ / 19-يونيو-2010م
سيناريو اقتحام البنك المركزي يؤكد أنها عملية منظمة ومعقدة لا يقدر على ادائها إلا القوات المدربة
ما حدث وسط مدينة بغداد، وفي قلب شارع الرشيد، يوم الاحد 13 يونيو الجاري، وعشية عقد مجلس النواب العراقي أول جلسة له بعد انتظار طال أكثر من مئة يوم منذ إجراء الانتخابات في السابع من مارس، من قيام مجموعات مسلحة ترتدي ازياء القوات الخاصة للجيش العراقي ومسلحة بأحدث الاسلحة، وتستخدم سيارات الهامر العسكرية، باقتحام مبنى البنك المركزي المحصن والواقع في طريق مغلق، وعملية كما وصفها المحللون الامنيون بأنها تعد العملية الأكثر نوعية وغموضاً في تاريخ العراق المسجل.
ولهذا التوصيف أسبابه، منها: أن منطقة البنك المركزي في الشورجة تعتبر مغلقة أمام حركة السيارات، بما في ذلك المقتربات القريبة المؤدية إليه، فكيف تمكن المهاجمون من تحقيق غايتهم؟ كما أن قوة الهجوم كانت مؤلفة من أكثر من خمسة وعشرين مسلحا، وربما أكثر من هذا بكثير، لأنهم سيطروا على أسطح بنايات مجاورة. وكانوا يرتدون زياً عسكرياً عراقياً رسميا.
ولم يتم القبض على شخص واحد منهم فأين انسحبوا وكيف؟ علما أن شهود عيان أكدوا أن طائرات هيليكوبتر كانت تحوم فوق المنطقة، فلماذا لم تتم ملاحقة القوة المهاجمة؟ ثم إن قوة الهجوم دخلت طوابق محددة من البنك وأحرقت وثائق، وهي حالة تكررت في أكثر من مؤسسة مهمة. فلماذا؟ ومن له مصلحة بحرق وثائق مالية؟ والشئ المؤكد عسكريا وأمنيا أن القوة التي نفذت هذه المهمة (الإجرامية) كانت مدربة تدريباً راقياً ومجهزة بمعدات قتالية غير متاحة لتنظيم سري مثل القاعدة أو فصائل المقاومة، بل لابد من وجود سند من قوة دعم لها غطاء كبير ومؤثر. فمن هذه الجهة؟
سيناريو عملية اقتحام البنك المركزي يؤكد أنها عملية منظمة ومعقدة لايقدر على أدائها إلا القوات المدربة والمحمية بشكل محكم. وقد حدث الهجوم في ساعة الذروة في هذه المنطقة المزدحمة بعد خروج موظفي البنك المركزي من المبني بعد انتهاء الدوام. وقيل أن "المجموعة تضم عددا من الانتحاريين والقناصين الذين تحصنوا في أحد المباني".
إن مبنى البنك المركزي في بغداد لمن يعرفه هو من الحصانة والمناعة مما لايمكن لاي قوة في العراق ان تدخله بسهولة وحتى إن القوات الاميركية حين دخلت بغداد كان البنك آخر ما استولت عليه القوات المهاجمة واستطاعت الدخول اليه لأن موقعه الجغرافي من التعقيد بحيث أصعب على اقتحامه ناهيك عن استحالة القدرة على الهروب او الانسحاب منه!! فهو وسط منطقة تجارية محاطة بسيطرات معقدة إضافة لقوة امنية كبيرة، فضلا عن الأجهزة الألكترونية المنيعة في الدخول والخروج. ومن ثم اذا دخلت تجد بوابات ضخمة وقاصات عملاقة وطابق معقدة ومسالك وممرات لايمكن النفاذ منها بيسر.
ان ما قيل عن صدور بيان عن تنظيم القاعدة، على شبكة الانترنيت بتبني القاعدة هذه العملية يأتي تأكيدا لما ذكره الناطق باسم عمليات بغداد من ان العملية من فعل عصابات القاعدة لتغطية احتياجاتها المالية، تماما كما قيل عن السيناريو الذي حدث لمتاجر بيع المصوغات الذهبية في سوق البياع ببغداد الكرخ حين اقتحم مسلحون محلات الصياغة وسرقوا الذهب وقتلوا عددا من اصحاب المحلات في وضح النهار وأمام دوريات الشرطة، وكان هناك لغط كثير عن تورط اجهزة امنية في تلك العملية الاجرامية، إلا ان الحكومة كالعادة رمتها على مسؤولية عصابات القاعدة لتغطية عجزها المالي!!
وحتى لو افترضنا جدلا ان عصابات القاعدة قامت بتلكما العمليتين في البياع والشورجة، فمن اين جاءت بالمعدات العسكرية وكيف جرت العمليتان في وسط النهار من دون تدخل الاجهزة الأمنية والعسكرية؟ ومن اين جاءت القاعدة بسيارات الهامر والباجات والاسلحة المتطورة والملابس العسكرية؟ وكيف تسنى للقوة المهاجمة من دخول بناية البنك والتحرك نحو (الطابق الثاني تحديدا) والذي يحوي كل سجلات التحويلات الخارجية التي تقدر بـ(300 مليار دولار)؟ لماذا السجلات وليس الأموال؟؟؟ اذا القوة لم تتوجه للأموال ولم تكن تريد الأموال، وحسب رواية اللواء قاسم عطا سابقا ان القاعدة تعاني (عجزا ماليا) فلماذا انشغلت القاعدة بالسجلات وتركت الأموال؟ ثم إن رواية وجود انتحاريين تم تكذيبها من شهود عيان، فالقتلى من المدنيين ومن قوة حماية البنك التي تدخلت بشكل ضعيف لمقاومة المهاجمين!
في البداية قيل ان عدد المهاجمين كان بحدود المئة عنصر لكن ثبت فيما بعد ان المهاجمين ليس أكثر من عشرين شخصا! ولكن اللغز المحير هو هل يمكن للقاعدة أن تغامر بعملية نوعية خطيرة داخل قلب بغداد من أجل حرق سجلات قيل أنها تدين حكومة المالكي بتحويلات مشبوهة؟ ثم ان حكومة المالكي اعلنت اكثر من مرة ان القاعدة في العراق تترنح تحت ضربات الجيش المالكي وقواه الامنية المليونية؟ فكيف يمكن لها أن تمسك زمام المبادرة من جديد ..وتتمكن من السيطرة على شارع الرشيد وقلب بغداد لثلاث ساعات، ومن أين جاءت القاعدة بالهامرات العسكرية والقناصة ومواد التخدير لتخدير الموظفين، وكيف استطاعت القاعدة على حد زعم قاسم عطا ان تنفذ هذه العملية الكبيرة وتهرب بسهولة ويسر ولا تستطيع القوات الخاصة ومكافحة الإرهاب وعمليات بغداد ان تعتقل (واحدا فقط) من إفراد القوة المهاجمة.
لا شك ولا جدال في أن المستفيد الأول الأول من (حرق هذه المستندات) هي الحكومة والزعماء السياسيين كونها سبقت عقد أول جلسة للبرلمان وحسب الدستور تكون الحكومة (منتهية الصلاحية) ولا يمكنها التصرف بالأموال او التوقيع على مستندات جديدة!! وكما وصف وكيل وزارة المالية العملية بأنها ((من الحنكة والمهارة كبيره استهدفت العصب الحساس المركزي للاقتصاد العراقي))، مرت كأن شيئاً لم يحدث، لولا الحضور الإعلامي الذي لم يعد ممكناً حجب رؤيته.
والغريب أيضاً أن القوات الأميركية لم تعد مهتمة كثيراً في معالجة المواقف وتوضيحها للرأي العام، لأنها تريد أن تترك للحاكمين في بغداد مواجهة مشكلاتهم بانفسهم!
* كاتب عراقي مستقل
aymenhashimi@yahoo.com
د. أيمن الهاشمي
السياسة الكويتية 7-رجب-1431هـ / 19-يونيو-2010م
سيناريو اقتحام البنك المركزي يؤكد أنها عملية منظمة ومعقدة لا يقدر على ادائها إلا القوات المدربة
ما حدث وسط مدينة بغداد، وفي قلب شارع الرشيد، يوم الاحد 13 يونيو الجاري، وعشية عقد مجلس النواب العراقي أول جلسة له بعد انتظار طال أكثر من مئة يوم منذ إجراء الانتخابات في السابع من مارس، من قيام مجموعات مسلحة ترتدي ازياء القوات الخاصة للجيش العراقي ومسلحة بأحدث الاسلحة، وتستخدم سيارات الهامر العسكرية، باقتحام مبنى البنك المركزي المحصن والواقع في طريق مغلق، وعملية كما وصفها المحللون الامنيون بأنها تعد العملية الأكثر نوعية وغموضاً في تاريخ العراق المسجل.
ولهذا التوصيف أسبابه، منها: أن منطقة البنك المركزي في الشورجة تعتبر مغلقة أمام حركة السيارات، بما في ذلك المقتربات القريبة المؤدية إليه، فكيف تمكن المهاجمون من تحقيق غايتهم؟ كما أن قوة الهجوم كانت مؤلفة من أكثر من خمسة وعشرين مسلحا، وربما أكثر من هذا بكثير، لأنهم سيطروا على أسطح بنايات مجاورة. وكانوا يرتدون زياً عسكرياً عراقياً رسميا.
ولم يتم القبض على شخص واحد منهم فأين انسحبوا وكيف؟ علما أن شهود عيان أكدوا أن طائرات هيليكوبتر كانت تحوم فوق المنطقة، فلماذا لم تتم ملاحقة القوة المهاجمة؟ ثم إن قوة الهجوم دخلت طوابق محددة من البنك وأحرقت وثائق، وهي حالة تكررت في أكثر من مؤسسة مهمة. فلماذا؟ ومن له مصلحة بحرق وثائق مالية؟ والشئ المؤكد عسكريا وأمنيا أن القوة التي نفذت هذه المهمة (الإجرامية) كانت مدربة تدريباً راقياً ومجهزة بمعدات قتالية غير متاحة لتنظيم سري مثل القاعدة أو فصائل المقاومة، بل لابد من وجود سند من قوة دعم لها غطاء كبير ومؤثر. فمن هذه الجهة؟
سيناريو عملية اقتحام البنك المركزي يؤكد أنها عملية منظمة ومعقدة لايقدر على أدائها إلا القوات المدربة والمحمية بشكل محكم. وقد حدث الهجوم في ساعة الذروة في هذه المنطقة المزدحمة بعد خروج موظفي البنك المركزي من المبني بعد انتهاء الدوام. وقيل أن "المجموعة تضم عددا من الانتحاريين والقناصين الذين تحصنوا في أحد المباني".
إن مبنى البنك المركزي في بغداد لمن يعرفه هو من الحصانة والمناعة مما لايمكن لاي قوة في العراق ان تدخله بسهولة وحتى إن القوات الاميركية حين دخلت بغداد كان البنك آخر ما استولت عليه القوات المهاجمة واستطاعت الدخول اليه لأن موقعه الجغرافي من التعقيد بحيث أصعب على اقتحامه ناهيك عن استحالة القدرة على الهروب او الانسحاب منه!! فهو وسط منطقة تجارية محاطة بسيطرات معقدة إضافة لقوة امنية كبيرة، فضلا عن الأجهزة الألكترونية المنيعة في الدخول والخروج. ومن ثم اذا دخلت تجد بوابات ضخمة وقاصات عملاقة وطابق معقدة ومسالك وممرات لايمكن النفاذ منها بيسر.
ان ما قيل عن صدور بيان عن تنظيم القاعدة، على شبكة الانترنيت بتبني القاعدة هذه العملية يأتي تأكيدا لما ذكره الناطق باسم عمليات بغداد من ان العملية من فعل عصابات القاعدة لتغطية احتياجاتها المالية، تماما كما قيل عن السيناريو الذي حدث لمتاجر بيع المصوغات الذهبية في سوق البياع ببغداد الكرخ حين اقتحم مسلحون محلات الصياغة وسرقوا الذهب وقتلوا عددا من اصحاب المحلات في وضح النهار وأمام دوريات الشرطة، وكان هناك لغط كثير عن تورط اجهزة امنية في تلك العملية الاجرامية، إلا ان الحكومة كالعادة رمتها على مسؤولية عصابات القاعدة لتغطية عجزها المالي!!
وحتى لو افترضنا جدلا ان عصابات القاعدة قامت بتلكما العمليتين في البياع والشورجة، فمن اين جاءت بالمعدات العسكرية وكيف جرت العمليتان في وسط النهار من دون تدخل الاجهزة الأمنية والعسكرية؟ ومن اين جاءت القاعدة بسيارات الهامر والباجات والاسلحة المتطورة والملابس العسكرية؟ وكيف تسنى للقوة المهاجمة من دخول بناية البنك والتحرك نحو (الطابق الثاني تحديدا) والذي يحوي كل سجلات التحويلات الخارجية التي تقدر بـ(300 مليار دولار)؟ لماذا السجلات وليس الأموال؟؟؟ اذا القوة لم تتوجه للأموال ولم تكن تريد الأموال، وحسب رواية اللواء قاسم عطا سابقا ان القاعدة تعاني (عجزا ماليا) فلماذا انشغلت القاعدة بالسجلات وتركت الأموال؟ ثم إن رواية وجود انتحاريين تم تكذيبها من شهود عيان، فالقتلى من المدنيين ومن قوة حماية البنك التي تدخلت بشكل ضعيف لمقاومة المهاجمين!
في البداية قيل ان عدد المهاجمين كان بحدود المئة عنصر لكن ثبت فيما بعد ان المهاجمين ليس أكثر من عشرين شخصا! ولكن اللغز المحير هو هل يمكن للقاعدة أن تغامر بعملية نوعية خطيرة داخل قلب بغداد من أجل حرق سجلات قيل أنها تدين حكومة المالكي بتحويلات مشبوهة؟ ثم ان حكومة المالكي اعلنت اكثر من مرة ان القاعدة في العراق تترنح تحت ضربات الجيش المالكي وقواه الامنية المليونية؟ فكيف يمكن لها أن تمسك زمام المبادرة من جديد ..وتتمكن من السيطرة على شارع الرشيد وقلب بغداد لثلاث ساعات، ومن أين جاءت القاعدة بالهامرات العسكرية والقناصة ومواد التخدير لتخدير الموظفين، وكيف استطاعت القاعدة على حد زعم قاسم عطا ان تنفذ هذه العملية الكبيرة وتهرب بسهولة ويسر ولا تستطيع القوات الخاصة ومكافحة الإرهاب وعمليات بغداد ان تعتقل (واحدا فقط) من إفراد القوة المهاجمة.
لا شك ولا جدال في أن المستفيد الأول الأول من (حرق هذه المستندات) هي الحكومة والزعماء السياسيين كونها سبقت عقد أول جلسة للبرلمان وحسب الدستور تكون الحكومة (منتهية الصلاحية) ولا يمكنها التصرف بالأموال او التوقيع على مستندات جديدة!! وكما وصف وكيل وزارة المالية العملية بأنها ((من الحنكة والمهارة كبيره استهدفت العصب الحساس المركزي للاقتصاد العراقي))، مرت كأن شيئاً لم يحدث، لولا الحضور الإعلامي الذي لم يعد ممكناً حجب رؤيته.
والغريب أيضاً أن القوات الأميركية لم تعد مهتمة كثيراً في معالجة المواقف وتوضيحها للرأي العام، لأنها تريد أن تترك للحاكمين في بغداد مواجهة مشكلاتهم بانفسهم!
* كاتب عراقي مستقل
aymenhashimi@yahoo.com
الإثنين أغسطس 15, 2011 4:07 pm من طرف Gulf Knight
» الوصول إلى أي مكان في العالم خلال أقل من ساعة هدف أميركي قد يتحقق اليوم
الإثنين أغسطس 15, 2011 4:02 pm من طرف Gulf Knight
» إسرائيل تبحث شراء وسائل قتالية أميركية مستعملة فى العراق
الإثنين أغسطس 15, 2011 4:00 pm من طرف Gulf Knight
» كتيبة بنيامين تجدد التأكيد على جهوزية الجيش الإسرائيلي لمواجهات سبتمبر
الإثنين أغسطس 15, 2011 3:59 pm من طرف Gulf Knight
» قبيل الانسحاب: العراق يتسلّم 22 مروحية مي-17 محدّثة من شركة ARINC الأميركية
الخميس أغسطس 11, 2011 6:30 pm من طرف Gulf Knight
» أفغانستان تتسلم 9 مروحيات "مي-17" من روسيا بحلول نهاية العام
الخميس أغسطس 11, 2011 6:29 pm من طرف Gulf Knight
» مناورات جوية لقوات دول الاتحاد السوفياتي السابق لمكافحة الإرهاب
الخميس أغسطس 11, 2011 6:28 pm من طرف Gulf Knight
» روسيا تطوّر نظامي الدفاع الجوي الجديدين: مارفي و فيتياز
الخميس أغسطس 11, 2011 6:27 pm من طرف Gulf Knight
» إختفاء صواريخ مضادة للدروع من معسكر إسرائيلي في الجولان
الخميس أغسطس 11, 2011 6:26 pm من طرف Gulf Knight
» إسرائيل تطور طائرة جديدة دون طيار
الخميس أغسطس 11, 2011 6:25 pm من طرف Gulf Knight
» إسقاط مروحية تشينوك في أفغانستان يودي بحياة 31 جندياً أميركياً و7 جنود أفغان
الخميس أغسطس 11, 2011 6:23 pm من طرف Gulf Knight
» دبابات الجيش السوري تقتحم مدينتي سراقب وقصير
الخميس أغسطس 11, 2011 6:22 pm من طرف Gulf Knight
» أحزاب الشيطان من طهران إلى العراق ولبنان
الخميس أغسطس 11, 2011 6:20 pm من طرف Gulf Knight
» سوريا وتركيا.. لقاء الوداع؟
الخميس أغسطس 11, 2011 6:19 pm من طرف Gulf Knight
» سوريا: تصورات نهاية النظام
الخميس أغسطس 11, 2011 6:19 pm من طرف Gulf Knight