رائحة نتنة من طهران إلى بيروت
أحمد الجار الله
السياسة الكويتية 26-شعبان-1431هـ / 7-يوليو-2010م
لم تعد مسألة استخدام أوراق الضغط الإيرانية في المنطقة بحاجة إلى وضوح أكثر, فما أعلنه ممثل المرشد الأعلى للثورة في الحرس الثوري الإيراني علي سعيدي, وما تحدث عنه علي أكبر ولايتي مستشار خامنئي أثناء زيارته الأخيرة لبيروت, وحملة الأمين العام لـ"حزب الله" اللبناني حسن نصرالله على المحكمة الدولية الخاصة بلبنان,كلها تؤكد أن سيناريو الفوضى الذي ترسمه إيران للمنطقة أخطر بكثير مما يريد البعض تصويره.
إن المعطيات الثلاثة السابقة إضافة إلى التصريحات الإيرانية عن أن أي مواجهة مقبلة في لبنان او غزة لن تقف عند حدودهما, بل ستشعل المنطقة بأسرها, تكمل الصورة التي ترسمها ايران الغارقة في بحر الحصار الدولي لخروجها على كل مقررات الأمم المتحدة, للمنطقة, وفي كل ذلك تبدو الأدوات الإقليمية الفاعل الأكبر في المواجهة المحتملة بين طهران والمجتمع الدولي, لأن طهران عام 2010 ليست في وارد تجرع كأس العام 1988 المرة مرة أخرى, وليست أيضا في وارد ان تفتح أبواب رياح التغيير الداخلي على وقع إصرار المعارضة على إخراج الدولة من شرنقة العناد التي لا طائل منها, و العمل على بناء المؤسسات بما يخدم مستقبل الشعب الإيراني الذي مل العيش في مستنقع العوز خدمة لأرباب النظام الذين يزدادون ثراء بينما الناس يعانون شظف العيش.
أن تعلن ايران ان لبنان والعراق وفلسطين خطوطها الأمامية الأولى في التصدي للحملة عليها, ليست مسألة عابرة في عالم الصراع السياسي الدولي, بل هي إشارة واضحة الى ان طهران ليست جمعية خيرية في دعمها لبعض الجماعات, وليست مسألة محور المقاومة أمرا عقائديا خالصا, إنما هي توظف الأموال الطائلة والدعم العسكري والتغطية السياسية لبعض الجماعات من اجل خدمة مصالحها الستراتيجية ما يعني ان هذه الجماعات موظفة عند رب عمل يدرك تماما أين ومتى وكيف يستخدم أدواته?
إن خطاب علي سعيدي حمل ما حمل من دلالات خطيرة, هي في جوهرها تهديد غير مباشر للمساعي العربية للم الشمل وتوحيد الموقف والكلمة في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ العالم التي تشهد إعادة رسم خريطة المصالح الدولية للقرن المقبل, وخصوصا ان هناك سعيا عربيا جديا للخروج من مأزق التوتير الدائم الذي ساد العالم العربي طوال العقود الستة الماضية, وعطل التنمية وزاد من تخلف الشعوب, بالإضافة الى التخلص من فكرة "شرطي المنطقة" الذي تسعى ايران عبر فرض الأمر الواقع الى استعادته, من خلال العديد من المنافذ التي تدرك طهران قبل غيرها أنها مغامرة وخيمة العواقب, لأن العالم لم يعد في وارد التخلي عما تحقق في العقود الثلاثة الماضية, لاسيما في ما يتعلق بالحد من الابتزاز السياسي الذي مورس بأبشع الأشكال في تلك المرحلة, وكان من نتائجه استشراء التطرف الديني والعنصري, وانزلاق العالم الى درك من الفوضى لم يسبق له مثيل في التاريخ المعاصر.
ما لم تدركه ايران هو ان العرب لم يعودوا في وارد الإبقاء على الوضع الشاذ الذي أدى الى هدر طاقاتهم وثرواتهم في ما لا طائل منه, ولاسيما بعد ان اكتشفوا ان موقفهم الموحد يخولهم ان يكونوا قوة دولية قادرة على فرض ارادتها سلما, وهي إرادة دفعت الكثير من أجلها, ولم تعد قابلة للمساومة في أي شكل من الأشكال.
مهما كانت الاعتبارات التي تبني عليها طهران أسس تحريك أدواتها فهي تفتقد إلى المصداقية في كل شيء لأنها لم تستطع ان تدعم بالأدلة والبراهين ما أعلنته مرارا وتكرارا عن إمكانية تخليها عن مشروعها النووي في حال توفر لها البديل, لكن ما أثبتته التجربة عكس ذلك تماما, وخصوصا بعد ان أدخلت أداتها اللبنانية على خط إشعال نار الفتنة في ذلك البلد الصغير من نافذة المحكمة الدولية, و تلك الأداة لا تزال تمارس أسلوب "كاد المريب يقول خذوني", والسؤال البديهي في هذا السياق: لماذا "حزب الله" الذي يتمتع بقدرات أمنية كبيرة في لبنان لم يتعاون مع المحكمة الدولية منذ البداية? ولم يقدم أدلته التي تحدث عنها نصرالله في خطابه الأخير إلى تلك المحكمة إذا كان فعلا يريد الاستقرار للبنان, واذا لم يكن فعلا أداة إيرانية ينفذ الأجندة المرسومة له من دون اي اعتبار للبنان الدولة والشعب? لقد أثبت نصرالله بالبرهان القاطع أنه ينفذ الأجندة الايرانية بحرفيتها, ويسعى جاهدا الى إثبات حسن نواياه أمام رب عمله الفارسي, وليست حملته على المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الا محاولة ميؤوس منها لإبعاد الشبهة عنه, لكنه في الواقع يلف الحبل حول عنقه أكثر فأكثر, وهو بالتالي لن يستطيع ان يفعل أكثر مما فعله أسياده في طهران الذين بدأوا يذعنون رويدا رويدا للإجماع الدولي, ولن يكون هو وحزبه أكثر من بيدق في لعبة شطرنج إقليمية لا ينفعه فيها لا صراخه من جحره خلف الميكروفون, ولا تهديداته التي لم تعد تجدي نفعا.
أليس في الأحداث الأخيرة رائحة نتنة لما تسعى إيران إلى تحقيقه عبر أدواتها ومن دون ان تخسر من رصيدها مباشرة؟
أحمد الجار الله
السياسة الكويتية 26-شعبان-1431هـ / 7-يوليو-2010م
لم تعد مسألة استخدام أوراق الضغط الإيرانية في المنطقة بحاجة إلى وضوح أكثر, فما أعلنه ممثل المرشد الأعلى للثورة في الحرس الثوري الإيراني علي سعيدي, وما تحدث عنه علي أكبر ولايتي مستشار خامنئي أثناء زيارته الأخيرة لبيروت, وحملة الأمين العام لـ"حزب الله" اللبناني حسن نصرالله على المحكمة الدولية الخاصة بلبنان,كلها تؤكد أن سيناريو الفوضى الذي ترسمه إيران للمنطقة أخطر بكثير مما يريد البعض تصويره.
إن المعطيات الثلاثة السابقة إضافة إلى التصريحات الإيرانية عن أن أي مواجهة مقبلة في لبنان او غزة لن تقف عند حدودهما, بل ستشعل المنطقة بأسرها, تكمل الصورة التي ترسمها ايران الغارقة في بحر الحصار الدولي لخروجها على كل مقررات الأمم المتحدة, للمنطقة, وفي كل ذلك تبدو الأدوات الإقليمية الفاعل الأكبر في المواجهة المحتملة بين طهران والمجتمع الدولي, لأن طهران عام 2010 ليست في وارد تجرع كأس العام 1988 المرة مرة أخرى, وليست أيضا في وارد ان تفتح أبواب رياح التغيير الداخلي على وقع إصرار المعارضة على إخراج الدولة من شرنقة العناد التي لا طائل منها, و العمل على بناء المؤسسات بما يخدم مستقبل الشعب الإيراني الذي مل العيش في مستنقع العوز خدمة لأرباب النظام الذين يزدادون ثراء بينما الناس يعانون شظف العيش.
أن تعلن ايران ان لبنان والعراق وفلسطين خطوطها الأمامية الأولى في التصدي للحملة عليها, ليست مسألة عابرة في عالم الصراع السياسي الدولي, بل هي إشارة واضحة الى ان طهران ليست جمعية خيرية في دعمها لبعض الجماعات, وليست مسألة محور المقاومة أمرا عقائديا خالصا, إنما هي توظف الأموال الطائلة والدعم العسكري والتغطية السياسية لبعض الجماعات من اجل خدمة مصالحها الستراتيجية ما يعني ان هذه الجماعات موظفة عند رب عمل يدرك تماما أين ومتى وكيف يستخدم أدواته?
إن خطاب علي سعيدي حمل ما حمل من دلالات خطيرة, هي في جوهرها تهديد غير مباشر للمساعي العربية للم الشمل وتوحيد الموقف والكلمة في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ العالم التي تشهد إعادة رسم خريطة المصالح الدولية للقرن المقبل, وخصوصا ان هناك سعيا عربيا جديا للخروج من مأزق التوتير الدائم الذي ساد العالم العربي طوال العقود الستة الماضية, وعطل التنمية وزاد من تخلف الشعوب, بالإضافة الى التخلص من فكرة "شرطي المنطقة" الذي تسعى ايران عبر فرض الأمر الواقع الى استعادته, من خلال العديد من المنافذ التي تدرك طهران قبل غيرها أنها مغامرة وخيمة العواقب, لأن العالم لم يعد في وارد التخلي عما تحقق في العقود الثلاثة الماضية, لاسيما في ما يتعلق بالحد من الابتزاز السياسي الذي مورس بأبشع الأشكال في تلك المرحلة, وكان من نتائجه استشراء التطرف الديني والعنصري, وانزلاق العالم الى درك من الفوضى لم يسبق له مثيل في التاريخ المعاصر.
ما لم تدركه ايران هو ان العرب لم يعودوا في وارد الإبقاء على الوضع الشاذ الذي أدى الى هدر طاقاتهم وثرواتهم في ما لا طائل منه, ولاسيما بعد ان اكتشفوا ان موقفهم الموحد يخولهم ان يكونوا قوة دولية قادرة على فرض ارادتها سلما, وهي إرادة دفعت الكثير من أجلها, ولم تعد قابلة للمساومة في أي شكل من الأشكال.
مهما كانت الاعتبارات التي تبني عليها طهران أسس تحريك أدواتها فهي تفتقد إلى المصداقية في كل شيء لأنها لم تستطع ان تدعم بالأدلة والبراهين ما أعلنته مرارا وتكرارا عن إمكانية تخليها عن مشروعها النووي في حال توفر لها البديل, لكن ما أثبتته التجربة عكس ذلك تماما, وخصوصا بعد ان أدخلت أداتها اللبنانية على خط إشعال نار الفتنة في ذلك البلد الصغير من نافذة المحكمة الدولية, و تلك الأداة لا تزال تمارس أسلوب "كاد المريب يقول خذوني", والسؤال البديهي في هذا السياق: لماذا "حزب الله" الذي يتمتع بقدرات أمنية كبيرة في لبنان لم يتعاون مع المحكمة الدولية منذ البداية? ولم يقدم أدلته التي تحدث عنها نصرالله في خطابه الأخير إلى تلك المحكمة إذا كان فعلا يريد الاستقرار للبنان, واذا لم يكن فعلا أداة إيرانية ينفذ الأجندة المرسومة له من دون اي اعتبار للبنان الدولة والشعب? لقد أثبت نصرالله بالبرهان القاطع أنه ينفذ الأجندة الايرانية بحرفيتها, ويسعى جاهدا الى إثبات حسن نواياه أمام رب عمله الفارسي, وليست حملته على المحكمة الدولية الخاصة بلبنان الا محاولة ميؤوس منها لإبعاد الشبهة عنه, لكنه في الواقع يلف الحبل حول عنقه أكثر فأكثر, وهو بالتالي لن يستطيع ان يفعل أكثر مما فعله أسياده في طهران الذين بدأوا يذعنون رويدا رويدا للإجماع الدولي, ولن يكون هو وحزبه أكثر من بيدق في لعبة شطرنج إقليمية لا ينفعه فيها لا صراخه من جحره خلف الميكروفون, ولا تهديداته التي لم تعد تجدي نفعا.
أليس في الأحداث الأخيرة رائحة نتنة لما تسعى إيران إلى تحقيقه عبر أدواتها ومن دون ان تخسر من رصيدها مباشرة؟
الإثنين أغسطس 15, 2011 4:07 pm من طرف Gulf Knight
» الوصول إلى أي مكان في العالم خلال أقل من ساعة هدف أميركي قد يتحقق اليوم
الإثنين أغسطس 15, 2011 4:02 pm من طرف Gulf Knight
» إسرائيل تبحث شراء وسائل قتالية أميركية مستعملة فى العراق
الإثنين أغسطس 15, 2011 4:00 pm من طرف Gulf Knight
» كتيبة بنيامين تجدد التأكيد على جهوزية الجيش الإسرائيلي لمواجهات سبتمبر
الإثنين أغسطس 15, 2011 3:59 pm من طرف Gulf Knight
» قبيل الانسحاب: العراق يتسلّم 22 مروحية مي-17 محدّثة من شركة ARINC الأميركية
الخميس أغسطس 11, 2011 6:30 pm من طرف Gulf Knight
» أفغانستان تتسلم 9 مروحيات "مي-17" من روسيا بحلول نهاية العام
الخميس أغسطس 11, 2011 6:29 pm من طرف Gulf Knight
» مناورات جوية لقوات دول الاتحاد السوفياتي السابق لمكافحة الإرهاب
الخميس أغسطس 11, 2011 6:28 pm من طرف Gulf Knight
» روسيا تطوّر نظامي الدفاع الجوي الجديدين: مارفي و فيتياز
الخميس أغسطس 11, 2011 6:27 pm من طرف Gulf Knight
» إختفاء صواريخ مضادة للدروع من معسكر إسرائيلي في الجولان
الخميس أغسطس 11, 2011 6:26 pm من طرف Gulf Knight
» إسرائيل تطور طائرة جديدة دون طيار
الخميس أغسطس 11, 2011 6:25 pm من طرف Gulf Knight
» إسقاط مروحية تشينوك في أفغانستان يودي بحياة 31 جندياً أميركياً و7 جنود أفغان
الخميس أغسطس 11, 2011 6:23 pm من طرف Gulf Knight
» دبابات الجيش السوري تقتحم مدينتي سراقب وقصير
الخميس أغسطس 11, 2011 6:22 pm من طرف Gulf Knight
» أحزاب الشيطان من طهران إلى العراق ولبنان
الخميس أغسطس 11, 2011 6:20 pm من طرف Gulf Knight
» سوريا وتركيا.. لقاء الوداع؟
الخميس أغسطس 11, 2011 6:19 pm من طرف Gulf Knight
» سوريا: تصورات نهاية النظام
الخميس أغسطس 11, 2011 6:19 pm من طرف Gulf Knight